الصحافة الورقية .. حلول للبقاء 1/3

المقال منشور في البلاد السعودية: لا زال الجدل دائراً منذ عدة سنوات حول ما إذا كانت الصحافة الورقية في طريقها للزوال نتيجة لعدة اعتبارات منها تلك المتعلقة بتزايد المد الإلكتروني على جميع المستويات و منها المتعلقه بتناقص معدلات القراءة لدى الشباب و منها المتعلقة
بتأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية على القدرة الشرائية و هو الأمر الذي أثر سلباً على حركة البيع و الشراء لجميع المنتجات الاستهلاكية و التي منها الصحف كما يعتبر الكثيرون.
هذا الجدل في مجمله يرتكز أساساً في المحاولة الجادة لتشخيص الحالة و ذلك من خلال التنبؤ بما سيحدث عاجلاً أم آجلاً، و لعل فيما يذهبون إليه شيئاً من المنطقية خصوصاً إذا ما قرأنا بعين المحلل تلك الأرقام التي تصدرها بين الحين و الآخر المؤسسات الصحفية و التي تشير بوضوح لإنخفاض معدلات الإنفاق الإعلاني نتيجة التردد الحاصل في القطاعات الاقتصادية المختلفة و بالتالي الانخفاض في أرقام التوزيع و هما الأمران الأساسيان في عملية الربح و الخسارة لأية صحيفة تعمل على توفير محتوى معلوماتي يميزها عن باقي الوسائل المتنافسه في سوق إعلامي تتعدد فيه مصادر المعلومات و تتنوع فيه وسائله.
لن أحاول أن أشخص الحالة من جديد فكما قلت هناك كثير من المتابعين للشأن الإعلامي ممن قاموا بهذه المهمة و باقتدار تام و لكني سأحاول أن أطرح بعض الحلول التي أعتقد أنها جديرة بالمناقشة من المهتمين في قضية إعادة إنعاش الصحف الورقية من خلال صمودها أمام أزمة البقاء التي تعيشها في هذه الأيام الصعبة و التي تراكمت فيها المسببات التي تجعل من استمراريتها كمشاريع تجارية مربحة تتناقص يوماً بعد يوم خصوصا إذا ما لم يكن هنالك تغييراً جذرياً في عقلية العمل الإستراتيجة لتلك الصحف و على جميع الأصعدة تحريرياً و إدارية و تسويقية و تنظيمياً بنيوياً.
و لكي يكون الكلام واضحاً في محاولتي هذه سأورد الحلول على شكل نقاط محاولاً في ذلك تلخيص ما أراه الوسيلة الأمثل لما يجب أن تقوم به الصحف الورقية للحد من الخطر المحدق بها إضافة لمحاولة تسليط الضوء على الأساليب المثلى في تطوير العمل الداخلي لتحقيق استمرارية تمتزج فيها الربحية و الديمومة.
1- لا بد من أن يتم تغيير عقلية البناء الداخلي في الصحيفة من كونها وسيلة إعلام تنشر أخباراً و مقالات عبر الصحيفة الورقية إلى عقلية المؤسسة الصحفية التي تصنع محتوى إعلامياً تقوم بتوزيعة عبر عدة وسائل منها الصحيفة الورقية و منها الموقع الإلكتروني و منها الهاتف الجوال، بحيث تكمل كل واحدة منها الأخرى و تتنافس فيما بينها في السبق و التميز الخبري و خلق الخبر.
2- من أساسات التطوير هنا هو أن يكون تبويب الصحيفة الورقية مبنياً على نتائج بحوث تسويقية توضح ما هي الاهتمامات و المجالات التي يرغبها القارئ في الأساس و ليس المعلن كما هو الحال الآن أو رؤية رئيس التحرير أو المخرج الفني، و ذلك لأن المعلن إذا أراد الانتشار سيأتيك خصوصاً إذا كانت صحيفتك الخيار الأول للقارئ، و ذلك أقول باختصار “إعط القارئ ما يريد و سيأتيك المعلن دون عناء”.
3- في سوق ذو تنافسية عالية يتحتم على من يريد التميز أن يخلق لنفسه قطاعاً يميزه عن غيره لا أن يحاول أن يكسب الجميع فيجد نفسه ينافس الجميع إلا أنه في ذات الوقت تجده يخسر من الجميع، لأن كل المنافسين يتميزون في حقولهم المتخصصة، لذلك فالتخصص في تقديري هو من أهم أسباب النجاح و الصمود، و الأمثلة على نجاح و تميز الصحف المتخصصة في العالم خير دليل، حيث إن الرياضي مثلاً سيذهب للصحيفة الرياضية التي تقدمه له وجبة رياضية دسمة و لن يذهب بالضرورة لصحيفة توفر له مواضيع متنوعة و في تخصصات متعددة لا تهمة ولا توفر له الزخم الذي يرضيه في الموضوع الذي يبحث عنه، كما أن الصحف المناطقية ستتغلب على الصحف الوطنية كونها توفر لسكان المدينة المعنية الخبر الذي يهمه مباشرة، فكثير من سكان المدن ليسوا بالضرورة على اطلاع أو اهتمام بما يحدث في المدن الأخرى خصوصاً مع وجود وسائل إعلامية أخرى توفر لهم تلك الأخبار على مدار الساعة إخبارية كانت أو ترفيهية أو دينية أو أو … إلخ.
4- تدريب القائمين على تلك الصحف على أفضل الأساليب في الإدارة والتخطيط و التسويق يعد من أهم التحديات و الأساسيات، لأن كثيراً من القيادات الإعلامية الحالية تعتقد أنها و لكونها تمتلك الحس الصحفي و العلاقات الاجتماعية أن بإمكانها أن تتعامل مع متطلبات القراء و نفسيات العاملين و مكونات الربح و الخسارة باقتدار، إلا أن كثيراً من الصحف التي تواجه صعوبات مالية و إدارية يتضح بأن قياداتها ليس لديها من المعرفة أو القدرة أو الدراية في أسس إدارة فرق العمل و لا التعاطي مع القوائم المالية و لا للأسس العلمية الخاصة بتقييم الإنتاجية و أداء العاملين و ليس لديهم أي معرفة بوضع آليات لتحسين إدارة الوقت أو الاهتمام في التخطيط لخلق روح المبادرة في طواقم العمل و هي مقومات إضافة لغيرها الكثير من أهم المسببات في نجاح أو فشل أية مؤسسة تعمل وفق الأسس التجارية.
5-هناك أصوات تدعو ولأسباب متنوعة إلى إعادة هيكلية الخريطة الإعلامية المحلية بطريقة جذرية ، فمثلاً يرى البعض و أنا منهم بأن هناك صحفاً لا بد أن تندمج تحت إطار تجاري ومؤسساتي واحد، و ذلك بهدف خلق صحيفة إقليمية واحدة ذات إمكانيات قوية من حيث القدرات البشرية والمالية و التسويقية، لأن وجود المنافسة بين أكثر من صحيفة وخصوصاً في المناطق ذات القدرة الشرائية المتوسطة ستجعل من المنافسة بين المتنافسين أمراً يصل لدرجة الصراع بهدف البقاء، أو الركون الدعم كوسيلة وجيدة للبقاء دون أن يكون لتلك الصحيفة أو تلك أي مستقبل حقيقي للصمود و البقاء.
….. يتبع


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

One response to “الصحافة الورقية .. حلول للبقاء 1/3”

  1. Jospeh Midthun

    I just want to say I’m all new to blogging and site-building and honestly loved this blog. Almost certainly I’m going to bookmark your site . You absolutely come with very good articles. With thanks for sharing with us your website page.

اترك تعليقاً