الفرد الحرية و ذلك الكائن

deprivation-of-freedom-of-expression-paulo-zerbatoعندما أقرأ ما أكتب في مقالاتي الصحفية أو تغريداتي التويترية أجد نفسي أسأل عن السبب الذي يجعل القتامة وصفا أقرب للدقة لما تسطره كلماتي، و لكن في ذات الوقت أسأل إن كان هناك بالفعل ما يشجع على أن يكون التفاؤل السمة التي يجب أن تتصف بها في هذا الزمن المتقلب!

ليس لدي جواب و ربما لا أريد أن أعترف بأن من عاش مراحل تصاعد فيه الشعور بالأمل ثم إصطدم بعوائق صنعتها الظروف هو إنسان بطبيعته لا يستطيع الإنسلاخ من حيزه الزمني الذي كان فيه أكثر إيجابية و إنفتاح على ما ستجلبه الأيام، فالشعور بالعودة إلى الخلف في زمن كان النظر للعودة للإمام مسارا عاهدنا أنفسنا عليه هو لا شك شعور محبط.
الحرية التي أجد نفسي فيها هنا غريبة جدا بالمقارنة بتلك الحرية التي تحيطنا، تلك الحرية ذات الحدود و الشروط و المحددات و العقوبات والإتهامات، حرية تم تصميمها لكي تكون وهما لفكرة أساس وجودها أنها تحارب تلك الظروف التي يمليها الظرف الزماني و المزاج الإنساني لا التشريع و الحق الإنساني، حرية قالوا عنها جميلة لكنها في الشكل كذلك أو تبدو كذلك و لكنها موبوءة داخليا بأمراض التشكك و التخوين و العقل العدائي.
المحزن أن يكون الإنسان كذلك الطائر الذي إعتقد أن عالمه ليس إلا قفصه المزركش و المحاط بزخرفات عن يمينه و يساره تزف له حبيبات تطعمه و تنثر قطرات الماء لترويه فصدق أن جنحانه ماهي إلا أذرع يمده بزهو ليري من حوله الوانه، لم يجرب الطيران و لن يجربه فهو مؤمن بأن حرية الطيران ليست إلا للطيور، أما هو فهو كائن أرضي لا طائر.
عندما تكون الحرية في العقل المجتمعي ترف أو إكرامية سنجد أن باقي المكوناتي الإنسانية ستجد لها طريق غريب في التشكل و التمدد، فالإختلاف يعتبر نشوز و التعبير عن الرأي يعتبر هرطقه و التساول يعتبر تشكيك و خيانة، و قيس على هذا المنوال ما تشاء من مفاهيم، ففكرة الجماعة التي يروج لها بإعتبارها أمر متفق عليه تناست سهوا أو عمدا بأن لكي تكون لديك جماعة قوية من المحتم أن يكون لديك أفراد أقوياء، ففي أي مجتمع يسعى لأن يكون في الأمام عليه أن يتصدر الأفراد و يمنحهوا حق الحياة بكل مكوناتها، أما خلاف ذلك فهو مسار عكسي سيعود بنا للوراء.
ربما الجدير بي أن أبدأ في كتابة الجزء الثاني لكتابي “العودة إلى الأمام” و أعنونه هذه المرة بـ “العودة إلى الخلف” تكون جملته الإفتتاحية (الحرية نعمة يجب أن نسعى لها لنمتلكها من منطلق أنها حق).


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

اترك تعليقاً