منذ أيام معدودة أكملت عامي الخمسين، نعم نصف قرن من العمر مليئة بالأفراح والأحزان والنجاحات والإخفاقات، أسعدت فيها أحباب وأحزنت للأسف أحبه آخرين، لم أكن ولن أكن أبداً ذلك الإنسان الذي تمنيت أن أكون، فالإنسان بطبعة ناقص مهما حاول أن يلامس الكمال أو حتى نصفه.
ولكن لماذا يمكن لموضوع إكمالي عامي الخمسين أن يهمك أيها القارئ، ربما لا يهمك وهذا أمر طبيعي و متوقع، ولكن في ذات الوقت لماذا أسطر هذه الكلمات على هذه المساحة البيضاء، ببساطة فقد قلت لنفسي أنه لم يتبقى في العمر قدر ما فات، وقد فات الكثير والكثير، ذكريات ودروس من الحياة وصداقات وعبر أخذتني وأخذتها عبر السنين، ربما هو القدر الذي منحني السنين لأن أصل لهذا العمر وأقرر في ليلتي هذه أن استغل مابقي لي من عمر وأعمرنا جميعاً بيد الله، بحيث أبدأ في كتابة بعضاً من تلك اللحظات والتجارب والذكريات والدروس، لا لكي تكون كتابة للتسلية بل لتوثيق شئ من هذا العمر لعل في ذلك حكمة لا أراها يستفيد منها من يمر من هنا او يكون فيها عبرة تجعل من صادف مروره عليها أن يفكر في حياته ويراجع ترتيب ما تبعثر من أيامه ومواقفه وقناعاته، فأهم دروس حياتي كانت من عبارات ومواقف عابرة لم يعرف اصاحبها أبداً أنها غيرت مجرى حياتي.
لن أكتب بشكل منتظم حتى لا يتحول ما عشته لتجلي ميكانيكي ممل، بل سأترك الأمر كما ينساب في مخيلتي وكلما دفعتني رغبة التعبير عن الذات لتحويل مشهد او كلمة أو لمحة مرت بي ومررت بها، سأذكر الأسماء كما هي والمواقف كما حدثت، لن انمق الكلام او ابالغ في الأحداث لدواعي الإثارة، سأحترم أسرار الغير ولن أكشف ما لا يخصني، ولكني سأكون صريح وصادق مع نفسي، فأنا هنا أكتب لنفسي قبل أي شئ، أكتب عن العمر وعن من أنا وما مر بي، بكل جماله وقبحه ومثاليته و واقعيته، قد يغضب البعض ما سأكتب و لكني لن أكتب حتماً لأغضب احداً، وقد يسعد البعض ما سأورده وقد يتفاجأ الآخرون مما سيقرأون، فالحياة كذلك غضب وفرح ومفاجأت.
سأسرد ما سأكتبه في هذا الخصوص تحت تصنيف “ثرثرات العمر“، والجميع مرحب به للمرور متى ما أراد، فبيت أفكاري و ثرثراتي و سنواتي يرحب دائما بالجميع.