رهان الجنون في زمن مسموم

لست الا انسان ضعيف لا أملك سوى روح هي هبة من الخالق وبعضاً من ما تبقى من عقل تاه معظمه في أروقة العبث الإنساني ودهاليزه التي توشحت بغضاً وحقداً، أنتظر هذا الزمن أن يأتي بمستقبل يحمل معه بعض الأمل، فربما الأمل هو ما أبقى روحي حتى الآن متماسكة و متمسكة بإنسانيته.

أبحث عن السعادة فأجدها تنتظرني في وجه من زرع فيّ معاني الحياة الجميلة، وأخاطب طلاسم القدر و ترنيماته الملائكية فلا أسمع منها إلا ذبذبات صادقة تخترق قلبي كالصاعقة التي يرتعش منها الكائن الواعي.

لكي أعيش زمن التناقضات و الأحقاد والحروب والتجريم والتنمر البشري لأجد فيه شيء من جمال حقيقي على أن أعيد رسم ملامح هذه الحياة في روحي وأغرس في ثناياها واقعا متخيلاً أو ربما هو حقيقي منبعه خيالي الباحث عن سبب لكي نبحث عن سبب، فلم أعد أنتظر أن يكون التغير نابعا من الخارج لانه ببساطة لن يتأتى إلا بانبعاث داخلي يؤطر زماني القادم و يحدد ملامحه المجهده.

عندما نتخيل السعادة فإننا نسقي روحنا بماء الحياة و نعيد بث الروح في عروقنا التي توقف فيها الجريان، فكل ما يحيطنا سراب إن لم نستطيع أن نراه بعين الإنسان المدرك لمعاني الحياة الجميلة و القادر على تجاوز أصوات تأتينا من حولنا و من فوقنا و من كل إتجاه.

أعلنت منذ الأزل بأني أسير لإرادة السعادة والأمل، وفيّ أبدي لمبدأ الجنون في كل شئ، لأن العقل الذي نعتمد عليه في قياس ما نفعل يتوه بسهولة في إنسانيته الضعيفة ولا يترك لنا إلا شئ من الحاضر لبني عليه مواقفنا والتي في غالبها لا تنتج لنا سوى وعاء كبير ة من مادة الواقع المرير.

الحلم والجنون هما وجهان لعملة واحدة لا يختلفان كثيرا إلا في كونهما توصيفات لغوية مختلفة، إلا أنهما يشكلان بوتقة مشتركة لحقيقة إنسانية واحدة تختلف قدرتهما بين الناس بناءاً على النفسية والعقلية التي يٌرى بها، فعندما أحلم أن احقق المستحيل فأنا في نظر المتشائم مجنون فقد رأس ماله العقلي بينما في رأي المجنون الذي يستطيع أن يحلم أنا قديس.

بين السعادة والحلم والجنون مشتركات كثيرة، و بين الحياة و العقل و الممكن إحباطات لا نهاية لها، فإن كنت قررت أن أكون مجنونا في عصر الإحباطات والعقل الجمعي المسموم فهو لأني تمردت على كل الممكن و انتهجت منهج اللاممكن، فربما تلهمني هذه الدنيا السعادة وتكون بديلا لعقلي و يكون مستقبلي هو رهان الحلم الذي لا بد له أن يتحقق ذات يوم.



أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

اترك تعليقاً