المقال منشور في جريدة الوطن السعودية
يقول البعض، وربما أنا منهم، إن لدينا في السعودية إشكالية في تركيبة الرأي العام، ترتكز على أن كثيرا من القضايا التي تصبح حديث المجالس والمواقع الإلكترونية والشبكات الاجتماعية في أساسها قضايا سطحية
أو أحداث عارضة أو آراء الهدف منها النيل من طرف مخالف.
الإثباتات التي يبني عليها هذا الرأي كثيرة، ولعل آخرها القضيتان اللتان أثارتا كثيرا من الحديث بين طرف وآخر، وكان في صميم الأولى إثبات أن العقلية الجمعية في المملكة من السهل التأثير عليها في القضايا الغيبية وتحريكها باتجاه التحرك الميداني فقط، من خلال ملامسة فطرتهم البشرية التي تؤمن بالأملموس وبالقصص الخارجة عن المألوف، بينما كان مسرح الثانية الحوار والسجال بين الصوت الأنثوي المتحدي للهيمنة الرجالية.
في قضية جني مستشفى عرقة وقضية فتاة المناكير وجهان يؤيدان حجج من يتهم المجتمع بالسذاجة والتسطيح والهدف العبثي الذي ليس منه أي فائدة، في مجتمع سعودي يأمل أن يولد من جديد بفكر تقدمي، يمزج روح الحضارة الإسلامية بروح العصر من أجل التحول نحو المجتمع الحضاري الذي يطمح له الجميع.
يعزي البعض هذا الإشكال في قضية الرأي العام إلى أن مكونه الرئيسي “المواطن” أصبح هو ذاته قائدا للرأي العام، بحيث اختل التوازن المعروف بين مكونات التكوين المتمثلة في (قادة رأي + رسالة + متلقي) وبالتالي فإن هذا العبث الظاهر هو الشكل الجديد لهذا الرأي العام الذي لا يقوم فقط من خلال التجاذب حول القضايا المصيرية بل يتعدى إلى المناكفة في السخف أحيانا وأحيانا أخرى في التصيد وسوء الظن.
و لكن من المؤكد في هذا الموضوع هو أنه عندما يعلو صوت الصراخ في الأجواء فإن المعاني والمفردات تتوه في المسامع ولا يبقى في الذهن سوى أصوات أقرب لهمهمات لا معنى لها، ونشاز صوتي وفكري لا تأثير له إلا عبر زرع الغضب والتوتر وتصعيد الشعور بأن هناك مشكلة في الأجواء ولكنها دون ملمح واضح أو هدف محدد.
بعض المتهكمين يفضلون نعت الصحفي بأنه “متطفل” أو كما نسميه في السعودية (ملقوف) فهو الباحث عن المشاكل والمحرك للمياه الراكدة، الأمين في حين على الوطن والمتصيد الخبيث في حين آخر على البشر، وبالتالي أجد نفسي هنا أضع المقارنة في سياقها الواقعي، فمجتمعنا اليوم عبر “تويتر” والصحافة الإلكترونية أصبح كله صحفيا، وعليه فإن إشكالية الرأي العام لدينا هي نتيجة مجتمع ملقوف يعمل في أجواء غياب تام لدور الإعلام الرقابي، الذي إن وجد بإمكانه أن يقود الرأي العام وينهض بفكره.
مجتمع “ملقوف”
أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر
I simply want to say I’m very new to blogging and site-building and truly savored this page. Almost certainly I’m planning to bookmark your blog post . You definitely have outstanding writings. Thanks a lot for revealing your web site.