عندما يسألك أحدهم (من أنت)، فماذا يمكن أن يكون الجواب ؟ غالباً سيقال أن (إسمي فلان وعمري كذا ومن العائلة الفلانية وجنسيتي كذا)، الا ان السائل قد يعقب بان هذا الجواب لم يشر بشكل واضح عن أصل السؤال (من أنت)، فأنا لم أسأل عن ما التسمية التي يدعوك بها الناس ولا عن عدد الأيام التي قضيتها على هذا الكوكب منذ أن ولدت أو النسب الذي تنتمي له أو الموطن الذي تحمل جواز سفره للتنقل حول العالم، فهل ما تؤمن به مثله مثل الجنسية التي تحملها تشكلان ماهية الإنسان قد يسأل آخر ؟ وهل الجسد والهيئة الخارجية هما تماماً ماهيته ؟ أم أن روحه التي لا يعرف عنها شئ هي ماهيته.
قد يرد أحدهم بعد أن يتوقف أمام السؤال حائراً ويقول حاسماً أمره، أنا إنسان سماتي هي كذا و ماهيتي هي كذا، عنصر حي مكون من مجموعة من المبادئ و الأفكار و الذكريات والآمال، كائن ضعيف لكنه قوي بإتحاد سماته وماهيته التي تشكل من هو، وبالتالي ليس هناك جواب آخر للسؤال إلا بوصف هذه العناصر مجتمعة، ببساطة انا تركيبة لعناصر متعددة.
ربما يُنظر لهذا الجدل الإستفهامي بإعتباره تلاعب لفظي او سفسطة كلامية لا فائدة منها ولا طائل، في حين قد يُنظر له ايضاً بشيء من التشكك باعتباره يدخل في مساحة كل ملامحها تبدو خطيرة ومتمردة على القول المعتاد والمجتر والرأي السائد.
من شبه المؤكد أن البعض سيعتمد على المنطق الذي تعود عليه في تناول مثل هذه الأسئلة و البعض الآخر قد يجاوب بتلقائية على سؤال لا يرى فيه صعوبة أو حتى عمق حقيقي، بينما هناك من سيتوقف قليلاً ويفكر بتروي منتبهاً إلى أن هناك أمر قد لا يكون واضحاً بالضرورة كما يُعتقد.
ربما عندما نسأل (من أنت) تعودنا على أن نجاوب دون أن نجاوب، فهل نحن نعرف تماماً من نحن ؟
لو سألتني إن كنت أملك الإجابة عن من أنا، فدعني أقول لك بكل صراحة بأني ما زلت أبحث عن إجابة، ولكنني متفائل بأني سأجدها ذات يوم.