سألتني لماذا لا أشبه لورنس العرب فقلت لها لأني لست بريطانيا و قلت في ذهني حمدا لله أنها لم تقل “شوربا و خل” ، فسكتت قليلا و إستطردت قائله و لما تتصور أن يكون بريطانيا و قد لبس لباسكم و تحدث حديثكم و دافع عن قضاياكم، فقلت لا أدري ربما كان في تقمصه شخصية العربي محاولة لجذب إنتباه الفاتنات الإيطاليات.
وضعت قليلا من السكر في قهوتها البنية و علقت بأن الهند جميلة و مليئة بسحر الشرق و سألتني دون تكلف كيف تقولون “أريد السهر حتى الصباح”، فإبتسمت و قد تغير لوني قليلا و قلت، بأني زرت حيدرأباد و لكني لم أتعلم من لغتهم إلا كلمة “هيا بنا”، فتسائلت بصوت منخفض و متردد، أليست الهند من دول مجلسكم العربي المشترك؟؟.
لم تكن تلك الليلة التي جمعتني بتلك الفتاة مصادفة و لم يكن في ذات الوقت مخطط لها، فكما أن المدن تجمعنا في أوقات يتوقف فيها الزمن، فإن الإنسان يتصادف وجوده في موعد محدد لا يمكن وصفه إلا بالمكان و الزمان الذي لا ملمح له سوى أنه موجود، فنقاش حول العرب من مفهوم شعبي لدى أشخاص لا يعرفون عنا سوى صور تناقلتها عنا صور يجعل من صورتنا خيالا ربما هو أجمل مما هو عليه في الحقيقة، و القول بأن الغرب لا يفهم عنا إلا تلك الصورة الرومنسية ما هو إلا دليل على أن ليس لنا وجود في خارطة الواقع و أن وجودنا الحقيقي يعتمد على خيال من لا يعرفنا.
لم أكن أعلم بأني قد أقارن في يوم بلورنس العرب، و لم أكن أتوقع أن يكون للهند من سحر كامن عند أطراف أصابعي، و لم أكن أنتظر أن تكون حقيقة زائفة ما يجمعني مع فتاة نصفها يشابه نصفي و إن كنا فالصميم متناقضين لدرجة التطابق، فكونها إيطالية جعل من عربيتي سحر بنكهة شرقية هندية و نصفي الإيطالي جعل من شغفها الحالم بصورة العربي الفارس صورة لرجل يحمل ألف جواب لخيالها المشوش.
في طريق عودتي صادفت رجل من الساحل الغربي لأفريقيا يحاول إقناعي بأن بلاده التي إنقسمت على ذاتها تمتلك من الأصول العربية الشئ الكثير، و في لحظة صعقتني حقيقة واضحة أمام عيني لم أكن أراها، فبالفعل بلاده من بدون شك عربية، فنحن الأمة التي توارثت و ورثت الشقاق و التناحر بإسم الوحدة و تصارعت و تقسمت في محاولة لتصبح في حين كالشرق و في حين آخر كالغرب، حتى أصبحت في الوسط تائه دون لون و لا رائحة و لا معنى.
بحثت عن تلك الفتاة لأخبرها بأنها كانت على حق مع إختلاف بسيط هو أن لورنس لم يكن يقلدنا بل نحن من حاول أن يكون لورنس و أن الهند التي يرى فيها كثير من العرب أنها دولة مشردين قد تجاوزتنا بمراحل حتى أصبح بعض منا يعيش في دولة أغالبية سكانها هنود، و ذلك في محاولة في الإرتقاء بذواتهم للمستواى الفكري و المعيشي و الحضاري لهذه الدولة المليارية.
في لحظة توقف فيها كل شئ و إنتهى كل شئ و تجمد الزمان في إرتعاشة المكان بموسيقى صاخبة، إلتفت حولي فلم أجد إلا وجوه جميلة بأرواح شيطانية، و تيقنت في لحظتها بأني موجود في مدينة خلقت على أعتاب أرواح من أمم تصارعت و تصالحت لتنجب لنا ما نحن فيه الآن من وجود حقيقي لا جدال فيه و لا إنفصام.
عندما سألتني ،، تكشفت لي أرواح المدائن
أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر
I simply want to tell you that I’m beginner to blogs and definitely liked this blog. More than likely I’m want to bookmark your site . You really have impressive article content. Thanks a lot for sharing with us your web-site.
جميل …
الشرق و الغرب أجزاء من هذا العالم الذي من الممكن جدًا أن يتسع له قلب واحد ، بل و يبقى جزء كبير من القلب شاغر لاستضافة أي دول فضائية في هذا الكون 🙂
الحياة أسهل من أن نتعامل معها بمنطق الأضداد
الشرق والغرب ضدان ولايجتمعان فى قلب وعقل
إنسان….
ياه ،،
طالما حزنت و أنزعجت و تناحرت في داخي حقيقة انتمائي وعزتي لحاضر شوهه تاريخ أنتجناه فأنتجنا ،، وكوني جزء من عالم ضاعت حلقته الكونية التي لا أعلم هل لها أساس ربما أمنن قلبي بها على أمل أن أثبت وجودي وأبقى على اتصال ولو بقصص السابقين ،، أين نحن ماذا نملك و ماذا أنتجنا !
تدوينة جميلة..قضية فلسفية صغتها بأسلوب جميل..
جميل معرفتك بالايطالية..وانتماؤك لثقافتين..لعلك تكتب لنا تدوينة أخرى فلسفية جميلة عن كيف يجتمع الشرق والغرب في عقل وقلب إنسان سعودي..
طابت لك الأيام