عظماء مزبلة التاريخ

بعيدا عن موقفنا السلبي من الرئيس الأمريكي الحالي ( بوش) و الذي سيبدأ بعد يومين في عده التنازلي لموعد خروجه بلا رجه من البيت الأبيض، أقول بعيدا عن موقفنا العاطفي تجاه هذا الرجل و كل ما قام به من تدمير انتقامي في العالم العربي و تخريب مدروس لأسس الوطنية و الولاء في كثير من الدول العربية و الإسلامية، بعيدا عن كل ذلك
أتساءل (هل سينصف التاريخ بوش و يتعامل معه كمجرم حرب أم كمنقذ للإنسانية من سيطرة القوى الظلام من إرهابيين و سياسيين انتهازيين ممن يحكمون السياسية بمصالح مالية و من أرباب المال ذوي المصالح العقائدية الخفية.
أقول هذا و قد قرب موعد انقضاء صلاحية بوش و معاونيه في لعبة السياسية الدولية أو هكذا يبدو و في وقت لا زال العالم يتحدث فيه من جهة عن تغيير قد يأتي مع فوز باراك اوباما المحتمل للسياسة الأمريكية تجاه المنطقة و من جهة أخرى الحديث عن احتمالات حدوث ما لا يتمناه العرب و المسلمين من فوز ماكين بكرسي الرئاسة و الذي قد يعني تكشف الوجه الأكثر وقاحة و قبحا في مدرسة العنصرية العقائدية الأمريكية و التي ابتدأها بوش الابن بكل همجيته و ارتجاليته المراهقة و التي أعادت أمريكا و سياستها في المنطقة العربية لما كانت عليه من سوء في الفترات التي سبقت و لحقت تأسيس الدولة العبرية أواسط القرن الماضي.
كتب الأديب و الفيلسوف السعودي المعاصر تركي الحمد في كتابه (ويبقى التاريخ مفتوحا) و الذي خصصه للحديث عن أبرز عشرين شخصية سياسية في القرن العشرين بأن الرئيس الأمريكي السابق فرانكلن روزفيلت يعد لدى الرأسماليين الغربيين أهم عظمائهم في القرن العشرين نظرا لما قام به من تدخل صارم بهدف إخراج أمريكا و إنقاذها من الانهيار الشامل إبان أزمتها المالية و الاقتصادية التي حلت بها أواخر العشرينات و أوائل الثلاثينيات الميلادية و التي عرفت بفترة (الكساد العظيم- The Great Depression ) ، وهو ذات التصرف الذي قام به الرئيس الأمريكي الحالي خلال الشهرين الماضيين من محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه لنظام رأسمالي جشع طالما كان سببا في بناء اقتصاديات استهلاكية و أداة لسيطرة الإقطاع بثوبه المعاصر و هو الذي أدى لنهوض أو قل انقلاب النظام من الداخل نتيجة فعل و ردت فعل إنسانية لا تعترف بالأرقام و التخطيط و التوقع.
و لو كان تقييم تركي الحمد لروزفلت قد وضعه كبطل للرأسمالية و الرأسماليين و كمنقذ حقيقي لنظام و وطن و تاريخ أمه، فيا ترى هل سيكون التاريخ الذي سيكتبه و يقيمه أبناء و أحفاد الفلوجه و نيويورك و (تورا بورا) منصفا لبوش و معتدلا في وصفه و تقييمه لمرحلة حكمه بكل ما تضمنته من أحداث داخلية أمريكية و حروب على العراق و الشعوب الإسلامية و انهيارات في أسواق العقار و المؤسسات المالية، أم أن هذا التاريخ لن يكون متهاونا مع من تلطخت يده بالدماء بحجة الانتقام و تبدلت كلماته بين ما يعلنه أمام الملأ و ما يحكيه خلف الأبواب الموصدة، أم أن التاريخ كما يقال يعود كل فترة ليجمع من الزمان بعضا من عاره و كثيرا من وسخه ليضعه بل يقذفه في وسط مزبلة مخصصه لمثل هؤلاء تعارفت الأجيال على تسميتها بـ (مزبلة التاريخ).


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

7 responses to “عظماء مزبلة التاريخ”

  1. Kenny Becket

    I just want to say I am new to blogging and really enjoyed you’re web page. Almost certainly I’m going to bookmark your blog post . You certainly have outstanding posts. Many thanks for sharing your website page.

  2. و للأحذية أجنحة

    […] لا يسمى إلا و يلحق إسمه كل أنواع السب و اللعن، ذلك الذي كنت قد كتبت أنه سيذهب إلى مكان مع أعوانه يقذفون في وسطه تعارفت […]

  3. فهد المطيري

    أعتقد أن التاريخ والعالم أجمع لن يغفر لبوش لما قام به من تصرفات أشبه بالهمجية أو قل هي الهمجية بعينها .

    إن لم يحاسبه فعلى الأقل لن ينسى ما فعله .

  4. ليلى ..

    ولكن *

  5. ليلى ..

    أتمنى أن يحاكم جورج بوش الإبن كمجرم حرب ..

    ولك لا أعتقد حدوث هذا ..

  6. عبدالله الدحيلان

    أخي ياسر ..

    تبرير بوش ، وأعوانه ، بأن حروبه الهمجية التي قادها تجاه المنطقة هي لتحرير العالم من سيطرة إرهابيين وظلاميين .. إلخ ، كذبة لا تغتفر .

    فهو مجرم قتل الأبرياء في أفغانستان والعراق وتحامل على أطفال فلسطين وسمح لإسرائيل بقتلهم ، وساهم أثيوبيا لإسقاط المحاكم الشرعية في الصومال المنتخبه من قبل الشعب وفق النظام الديمقراطي الذي يؤمن به هذا الرجل ، وأيضا ساعد الثوار في جنوب السودان على الفوضى والقتل .. وأخيرا ، قتل سكان قرية سوريا أبرياء ، والقائمة تطول مع مجرم الحرب بوش !

    وخذ ما حدث في عهده من نكسه اقتصادية ، وصرف الملايين على حروبه الواهمه ، وارسال الجنود إلى هناك للقتل .. مما ولد حنق عام
    على هذا المتهور

    فهو إلى مزبلة التاريخ ، وإن كان هناك من سيشكره فهم القتلة أمثاله الذين يرون فيما قدمه خدمة لسيطرة على المنطقة بمفهوم القوة الذي ستقابله قوة لا تخاف الموت أبدا .. وحسبنا الله ونعم الوكيل !

    أما بخصوص أوباما وماكين ،

    فرغم كل الترشيحات التي تصب في مصلحة أوباما إلا أنني أرجح فوز مكين !!

    حدس وتحليل ليس هذا مكان إيرداه

    دمت بخير ..

  7. خالد بن منصورالخنيني

    أخي ياسر ..
    المقارنة بين روزفلت وبوش هي كمن يقارن الضوء بإنعدامه (الظلام) فروزفلت لم يكن ليتسبب بالإنهيارات الإقتصادية (مع التنوية بدوره لحلِها) على عكس دعم الرئيس بوش لـ”صناعات” على حساب أخرى ، كما أن بطل الحرب ليس كصانعها !!
    أتمنى أن يمد الله في أعمارنا لنرى كيف سيقيّم التاريخ جورج بوش الإبن كما لنرى “حق المواطن في كتابة التاريخ”

اترك تعليقاً