مقال خاص بالصحيفة الإلكترونية الكويتية (جنوب السرة)
——————-
لا بأس …. ليس هناك مجتمع كامل و لسنا حالمين نبحث عن مجتمعات يتحاب فيه الناس و كأنهم بلابل جميلة أو كناري مسالمة تغرد ألحان من السماء مع إشراقة كل صباح، في ذات الوقت نعي بأن المجتمع الصالح و المتماسك و القوي في بنيانه أمر ممكن و قابل للتطبيق على أرض الواقع، فقد أثبتت لنا كتب التاريخ عن أمم لامست الكمال من خلال أنظمتها الإدارية التي تعاملت مع جميع مواطنيها من منطلق المساواة و العدالة و المواطنة.
في مجتمعاتنا العربية و أينما ذهبت ستجد لونا من ألون العنصرية و الطبقية و التفرقة موجودا بين ذاك أو ذاك، الغريب أن هذه الظاهرة الإجتماعية المقيته هي الوحيدة التي يتفق بخصوصها العرب و معظم المجتمعات الحية الغربية و الشرقية على حد سواء، فالعنصرية في عالمنا اليوم توشحت بأطياف التفرقة و أخذت ملامح من وجوه أجملها أقبح من القبح ذاته.
في أيطاليا مثلا هناك صراع دائم بين أهل الشمال و أهل الجنوب و هو صراع طبقي إقتصادي عنصري قديم و ما كان لظهور ما يعرف برابطة الشمال إلا دليل علي أن العنصرية الإيطاليه لها قاعدة جماهيرية على الأرض أخذت شرعيتها من مطالبتها بمحاربة الهجرة الأجنبية حيث سرعان ما تحولت رسالتها المستترة إلى دعوة علنية للإنفصال عن الجسم الوطني الإيطالي من منطلق فوقية أهل الشمال الأوربيين على جنوبيي إيطاليا المخلوطين عرقيا مع أقوم غير أوربية.
في لبنان حّدث و لا حرج فهناك ١٨ طائفة متنوعه منها في البدء المسلم و المسيحي و من بعد هناك المسلم السني و المسلم الشيعي و المسلم الدرزي و المسلم العلوي كما أن هناك المسيحي الكاثوليك و المسيحي الروم إرثدكس و المسيحي الكلداني و المسيحي الإنجيلي، هذا على الجانب الديني أما على الجانب العرقي فهناك العرب و هناك الأكراد و هناك الأرمن، كل هذا في دولة لا يتجاوز عدد سكانها الأربعة ملايين، و ما جري و يجري هناك من خلافات سياسية إلا مؤشر على مستوي الإنقسام (الغير سياسي) الذي وصلت إليه هذه الدولة الصغيرة و الذي كان له الأثر الأكبر علي عدم الإستقرار و إنعدام التنمية في هذه الدولة و التي يعتبرها الكثيرون قطعة من جنة الله على الأرض، فهل جنة الله على الأرض هي في هذا الإختلاف العنصري ؟؟ .. لا أدري!!
في أمريكا و هي الدولة الأعظم و الأقوى و الأجمل و الأمثل (كما يقول مصطفي الآغا) كان و لا زال يعتمد بقائها علي إستمرار الصراع الطبقي و العرقي و الديني بين مكونات هذا المجتمع المبني أساسا على مجموعة المهاجرين الذين كوّنوا بتناقضاتهم دولة هي الأقوي اليوم، ، و وصول رجل من أصول أفريقية ما هو إلا مؤشر لما يمكن للمجتمع العنصري أن يفرزه علي الرغم من أن وصول باراك إوباما لم يتحقق بفعل تحرك شعبي عنصري و لكن من خلال لعب ورقة العرق و العنصرية بذكاء كبير كان لها و لإعتبارات أخري سببا أساسية في وصول هذا الرجل للحكم.
في الكويت هناك طبقية و عنصرية تأخذ أوجها شبه سياسيه و لا أقول سياسية، فهي تتشكل من خلال تنظيمات شبه حزبية تعكس أو ربما تخلق توجها شعبيا عاما نحو تأصيل الإنقسامات المبنية على أسس طبقية و عقائدية و عرقية، فهناك حركة الإخوان المسلمين من جهه و من جهة أخرى هناك المسلمين السلفييون و لست أعلم كمسلم ما الفرق فيما بينهم فهل أحدهم يصلي غرب و الآخر يصلي شمال ؟، و هناك الشيعة و هناك القوي الشعبية (القبائل) و هناك القوي الليبراليه و ما تفرع عنها من تكتلات إضافة للمستقلين الذين قد يملكون مشروعا سياسيا و قد يملكون المال فقط .
في السعودية كان و لا زال المنطق الطبقي (القبلي و الطائفي) أحد ركائز التركيبة المجتمعية للأسف و في مصر كانت قضية المواطنه بين المسلم و القبطي مثار جدال فحاول من حاول أن يصطاد في الماء العكر و يجعل من مصر دوله عنصرية التكوين، و في المغرب نجد القضية بين العرب و البربر و الأفارقة، و في جزيرة نائية مثل “تونغا” ستجد العنصرية مبنية على أساس السكان الأصليين و القادمون الجدد.
خلاصتي .. عندما تتغلب مبادئ الطبقية و العنصرية و الطائفية فقل سلاما علي مبدئ المواطنه، فالدولة التي ترى في نفسها مؤسسة إجتماعية للشعب لا يمكن لها أن تصمد إذا كان ولاء ذلك الشعب لمؤسسة تنظيمية أخرى، و ما دمنا في عالمنا العربي نحدد ولائتنا في غير محلها أي (الوطن) فهذا نذير بأن روابط الشمال العربية قد تظهر في يوم قريب.
رابطة الشمال العربي
أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر
I just want to tell you that I’m all new to blogging and really liked you’re web-site. Likely I’m likely to bookmark your blog . You actually come with amazing stories. Appreciate it for sharing your web site.
مقالتك في قمة الجمال أجدت وضع يدك على موطن الجرح
ما الحل برأيك 🙂
مضاوي العتيبي
تسلمي ،،، بل هو لي عزيزتي و شكرا لك لإتاحت لي هذه الفرصة للمشاركة معكم.
نورة
بل ربما في هذه الحالة إتفقوا على أن يختلفوا.
تحياتي لكما
أتفق العرب على ألا يتفقوا ..
لم تخرج عبثاً !
لا شك أنك أجدت في تشخيص الحالة الكويتية الخاصة
وأمتزت في تصوير الواقع العربي
شرف كبير لناأيها الزميل الأعلامي أن تنضم كاتب في صحيفة جنوب السرة الألكترونية
شكرا جزيلا
عزيزي بندر
أي إسلام تريد؟ الحنبلي أم الحنفي أم الشافعي أم المالكي،، ثم أي إسلام تريد؟ السني أم الشيعي أم الإسماعيلي أم أم أم …..إلخ، بينما هناك وطن واحد هو الوطن 🙂
فهل تتوقع أن نجتمع على قلب واحد بما يمكن أن نتفق عليه أم تتأمل أن يأتي اليوم الذي نجتمع فيه بما لن نتفق عليه أبدا ؟
و الله من وراء القصد
الوطن أم الإسلام ؟