الحلول العملية لأزمة الصحافة الورقية ٢/١

ينشر بالإتفاق مع موقع المفكرة الإعلامية

لا زال الجدل دائر منذ عدة سنوات حول ما إذا كانت الصحافة الورقية في طريقها للزوال نتيجة لعدة إعتبارات منها تلك المتعلقة بتزايد المد الإلكتروني على جميع المستويات و منها المتعلقه بتناقص معدلات القراءة لدى الشباب و منها المتعلقة بتأثيرات الأزمة الإقتصادية العالمية على القدرة الشرائية و هو الأمر الذي أثر سلبا على حركة البيع و الشراء لجميع المنتجات الإستهلاكية و التي يعتبر الكثيرون أن الصحف تندرج ضمنها.
هذا الجدل في مجمله يرتكز أساسا في محاولة جادة لتشخيص الحالة و ذلك من خلال التنبأ لما يراه البعض أنه سيحدث عاجلا أم آجلا، و لعل فيما يذهبون إليه شئ من المنطقية خصوصا إذا ما قرأنا بعين المحلل الأرقام التي تصدرها بين الحين و الآخر المؤسسات الصحفية و التي تشير بوضوح لإنخفاض معدلات الإنفاق الإعلاني نتيجة تباطؤ الحراك الإقتصادي و بالتالي الإنخفاض في أرقام التوزيع و هما الأمران الأساسيان في عملية الربح و الخسارة لأي صحيفة تعمل على توفير محتوي معلوماتي يميزها عن باقي الوسائل المتنافسه في سوق إعلامي تتعدد فيه مصادر المعلومات و تتنوع فيه وسائله.
لن أحاول أن أشخص الحالة من جديد فكما قلت هناك كثير من المتابعين للشأن الإعلامي ممن قاموا بهذه المهمة و بإقتدار تام و لكني سأحاول أن أطرح بعض الحلول التي أعتقد أنها جديرة بالمناقشة من المهتمين في قضية إعادة إنعاش الصحف الورقية من خلال صمودها أزمة البقاء التي تعيشها في هذه الأيام الصعبة و التي تراكمت فيها المسببات التي تجعل من إستمراريتها كمشاريع تجارية مربحة تتناقص يوما بعد يوم خصوصا إذا ما لم يكن هنالك تغيرا جذريا في عقلية العمل الإستراتيجة لتلك الصحف و على جميع الأصعده تحريريا و إدارية و تسويقية و تنظيميا بنيويا.
و لكي يكون الكلام واضحا في محاولتي هذه سأورد الحلول على شكل نقاط محاولا في ذلك تلخيص ما أراه الوسيلة الأمثل لما يجب أن تقوم به الصحف الورقية للحد من الخطر المحدق بها إضافة لمحاولة تسليط الضوء على الأساليب المثلى في تطوير العمل الداخلي لتحقيق إستمرارية تمتزج فيها الربحية و الديمومه.

١- لا بد من أن يتم تغيير عقلية البناء الداخلي في الصحيفة من كونها وسيلة إعلام تنشر أخبارا و مقالات عبر الصحيفة الورقية إلى عقلية المؤسسة الصحفية التي تصنع محتوى إعلامي تقوم بتوزيعة عبر عدة وسائل منها الصحيفة الورقية و منها الموقع الإلكتروني و منها الهاتف الجوال، بحيث تكمل كل واحدة منها الأخرى و تتنافس فيما بينها في السبق و التميز الخبري.

٢- لا بد من أن يكون تبويب الصحيفة الورقية مبني على نتائج بحوث تسويقية توضح ما هي الإهتمامات و المجالات التي يرغبها القارئ في الأساس و ليس المعلن كما هو الحال الآن أو رؤية رئيس التحرير أو المخرج الفني، و ذلك لأن المعلن إذا أراد الإنتشار سيأتيك خصوصا إذا كانت صحيفتك الخيار الأول للقارئ، و ذلك أقول بإختصار “إعطي القارئ ما يريد و سيأتيك المعلن دون عناء”.

٣- في سوق ذا تنافسيه عالية يتحتم على من يريد التميز أن يخلق لنفسه قطاعا يميزه عن غيره لا أن يحاول أن يكسب الجميع فيجد نفسه ينافس الجميع و لكنه يخسر من الجميع لأن كل المنافسين يتميزون في حقولهم المتخصصه ، لذلك فالتخصص في تقديري هو من أهم أسباب النجاح و الصمود، و الأمثلة على نجاح و تميز الصحف المتخصصه في العالم خير دليل، حيث أن الرياضي مثلا سيذهب للصحيفة الرياضية التي تقدمه له وجبة رياضية دسمة و لن يذهب بالضرورة لصحيفة توفر له مواضيع متنوعة و في تخصصات متعددة لا تهمة و لا توفر له الزخم الذي يرضيه في التخصص الذي يبحث عنه، كما أن الصحف المناطقية ستتغلب على الصحف الوطنية كونها توفر لسكان تلك المدينة أو تلك الخبر الذي يهمه مباشرة، فكثير من سكان المدن ليسوا بالضرورة على إطلاع أو إهتمام بما يحدث في المدن الأخرى خصوصا مع وجود وسائل إعلامية أخرى توفر لهم تلك الأخبار على مدار الساعة إخبارية كانت أو ترفيهية أو دينية او او ا … إلخ.

٤- لا بد من تدريب القائمين على تلك الصحف على أفضل الأساليب في الإدارة و التخطيط و التسويق، لأن كثير من القيادات الإعلامية تعتقد أنها و لكونها تمتلك الحس الصحفي و العلاقات الإجتماعية أنها تستطيع أن تتعامل مع متطلبات القراء و نفسيات العاملين و مكونات الربح و الخسارة بإقتدار، إلا أن كثير من الصحف التي تواجه صعوبات مالية و إدارية يتضح بأن قياداتها ليس لديها من المعرفة أو القدرة أو الدراية في أسس إدارة فرق العمل و لا التعاطي مع القوائم المالية و لا للأسس العلمية لتقييم إنتاجية و أداء العاملين و ليس لديهم أي معرفة بوضع آليات لتحسين إداة الوقت أو إهتمام في التخطيط لخلق روح المبادرة في طواقم العمل و هي مقومات إضافة لغيرها الكثير من أهم المسببات في نجاح أو فشل أي مؤسسة تعمل وفق الأسس التجارية.

٥-هناك أصوات تدعو و لأسباب متنوعة إلى إعادة هيكلية الخريطة الإعلامية المحلية بطريقة جذرية ، فمثلا يرى البعض و أنا منهم بأن هناك صحفا لا بد أن تندمج تحت إطار تجاري و مؤسساتي واحد، و ذلك بهدف خلق صحيفة إقليمية واحدة ذات إمكانيات قوية من حيث القدرات البشرية و المالية و التسويقية، لأن وجود المنافسة بين أكثر من صحيفة و خصوصا في المناطق ذات القدرة الشرائية المتوسطة ستجعل من المنافسة بين المتنافسين أمرا يصل لدرجة الصراع بهدف البقاء، أو الركون الدعم كوسيلة وجيدة للبقاء دون أن يكون لتلك الصحيفة أو تلك أي مستقبل حقيقي للصمود و البقاء.

يتبع………..


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

One response to “الحلول العملية لأزمة الصحافة الورقية ٢/١”

  1. Esther Stiebel

    I simply want to mention I am just newbie to blogs and truly enjoyed your web site. Almost certainly I’m want to bookmark your blog post . You definitely come with incredible writings. Appreciate it for sharing your website page.

اترك تعليقاً