هل يعي مجلس الشورى دور الإعلام ؟

نشرت الصحف المحلية اليوم خبر يتعلق بصدور قرار من رئيس مجلس الشورى يتعلق بتشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس المجلس وعضوية عدد من الأعضاء لدراسة الواقع الإعلامي للمجلس وآفاق تطويره ضمن نطاق اهتمام مجلس الشورى الخاص بوضع استراتيجية إعلامية واتصالية جديدة للمجلس استشعارا منه كما نقلت صحيفة
عكاظ اليوم لأهمية صناعة إعلام برلماني ينطلق من متطلبات المهنية الإعلامية ويحقق أهدافه في خدمة الوطن والمواطنين ويسهم في التعريف بأعمال المجلس ومنجزاته في المجالين التنظيمي والرقابي في ضوء اختصاصات المجلس وصلاحياته ويفتح أفاقا جديدة للشراكة مع وسائل الإعلام.
ولا شك في أن كل واحد منا لا بد له أن يقف أمام هذه الديباجة و هو مسرور و متفائل حيال هذه الحروف و المعاني و التي تزرع في الفؤاد الطمئنية و الأمل حيال ما تقوم به هذه المؤسسة الرسمية التي بنيت لكي تكون وسيلة للرقابة و المحاسبة و منارة للدفاع عن الحقوق و مطالبا لا يتردد في سعيه نحو تطبيق مفاهيم المدنية و التحضر و التي من أهمها الشفافية و العدالة و الحقيقة.
و لكن هذه الدراسة و إن كانت تسر القارئ في الوهلة الأولى نظرا لكونها كتبت بإستخدام صياغة رنانة و كلمات كبيرة و محسنات لغوية و وصفية أصبحت تعرف في قاموس الصحافة بالجمل المطاطية كونها لا تعني شئ في السياق ذاته رغم أنها تعني الكثير عندما تستخدم في حد ذاتها، فالإعلام البرلماني و الذي يرى المجلس أهمية صناعته لا يعني شي في وقت المجلس نفسه ليس برلمانا بالمفهوم التقني إلا من خلال الشكل العام و بالمقارنة غير الصحيحة.
عندما يتحدث الإعلامي و الرسمي فإن العلاقة هنا هي علاقة ممزوجة بين المصلحة و الشك المتبادل، و هي العلاقة الصحية التي يجب أن تميز التعاون المشترك بين طرفين يسعى كل واحد منهم الإستفادة مما لدى الآخر، و لكن عندما تتصور الموسسة الرسمية و مجلس الشورى على وجه التحديد أن بإمكانها أن تتعاون مع الإعلام وفق ضوابطها و فلسفة متخذي القرار لديها فإن العلاقة هذه ستحول هذه المصلحة و التشكك إلى ربما عداء و قطيعة.
عندما يقوم صحفي مهني في تسجيل ملاحظاته كمراقب للجلسة الأولى للمجلس بعد فترة التوقف بمناسبة الأعياد و يقوم بالتركيز على أوجه مختلفه عن الأجندة التي وضعها المجلس و بعيدا عن البيانات الصحفية التي تمجد الرئيس و تمتدح الوزارة الفلانية و تشكر العضو العلاني على تمثيله المجلس في زيارته المكوكية و ما إلى ذلك من الأخبار المعلبه، أو عندما يقوم الصحفي بدوره الرقابي و ينقل بالصورة و الحرف من تحت قبة المجلس ممارسات خافيه توضح للمواطن أن بعضا من هؤلاء الأعضاء يأدون دورهم “البرلماني” كوظيفة ممله يحاولون قتل الوقت أثناء جلوسهم لساعات في إستماع لتقرير ممل و في إنتظار ليحين الوقت المقرر ليرددوا سويا كلمة “موافق”، أمام عمل هذا الصحفي أو ذاك و الذي عمل و فكر خارج الصندوق و الأجندة الرسمية فإن المجلس يرى فيه أنه لا يقوم بدوره و بأنه تجاوز حدوده بأن تعرض للعضو المبجل بالنقد المحرم و أنه لم يقوم بدوره المهني كناقل للأخبار الصحفية التي أعدها المجلس و صادق عليها.
عندما يطالب رسميوا المجلس من إحدى الصحف بأن تغير مندوبها الصحفي و إلا حرمت الصحيفة من الدخول و نقل الفعاليات و الجلسات فإن ذلك هو الدليل الأول على الإنفصام الحاصل لدى بعض العاملين بهذا المجلس و الفهم المغلوط لدورهم و دور المجلس الذي يقولون عنه “برلمان” و نظرتهم للإعلام الذي يدعونه أن يكون شريكان لهم في نقل الحقيقة للمواطن، في حين هم يريدونه تابعا ناقلا صامتا لا يفكر و لا يحلل و لا ينقد.
عندما يدعو عضو المجلس و أكاديمي و أستاذ إعلام في مقابلة تلفزوينة أن يحاسب أبطال مسلسل طاش ما طاش على تجرئهم و نقدهم للمجتمع و لأطيافه الفكرية و لمؤسساته الرسمية فإن ذلك هو الفهم الخاطئ لدور العضو في عمله في المقام الأول و هو إنفصام في المقام الثاني ما بين دوره كممثل للوطن و للمواطن و ما بين مكانته الوظيفة و نعمها الإجتماعية.
لعل أكبر التحديات الذي يواجه هذا المجلس في مجال تعاطيه مع الإعلام هو أن يحدد أين يقف و ماذا يريد و إلى أين هو متجه و من أجل ماذا، لأن الإعلام لديه القدرة و المعرفة و الخبرة في تعاطىه مع عقلية المؤسسات الرسمية من وزارات و هيئات و مجالس و ذلك على إعتبار أن تلك المؤسسات لديها وصف و أجندة و أهداف واضحة للعيان و للإعلام، بينما المجلس الموقر لا يمكن أن يستمر في حالة البين بين هذه، ففي حين يدعو و يدعي أنه يعمل نحو فضح الفساد و كشف المستور و هو في ذات الوقت يمنع الإعلام من كشف الترهل و سوء الإدارة في أروقته و كأنه فوق القانون الإعلامي و النقد و المحاسبة.
في الدول التي لديها برلمانات هناك أربعة سلطات تدير و تراقب البلاد كما يعرفه إبن السنة الرابعة إبتدائي و هي (التشريعية و التنفيذية و القضائية و”الصحافة”)، فإن كنت يا مجلس الشورى برلمانا بحق فلا تنسى في أن الصحافة ليست إبنا أو تابعا بل شقيقا و مواجها.


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

4 responses to “هل يعي مجلس الشورى دور الإعلام ؟”

  1. Ray Groote

    I simply want to tell you that I’m beginner to blogging and site-building and honestly savored this web-site. Most likely I’m want to bookmark your blog . You definitely have really good posts. Kudos for sharing your blog site.

  2. تداول

    شكراً لك ياسر
    تعجبني مدونتك

  3. محمد الجرايحى

    شكراً لك أ / ياسر
    وليتهم يعرفون هذه الحقيقة…أو نقول يعترفون بها.

  4. Tweets that mention هل يعي مجلس الشورى دور الإعلام ؟ -- Topsy.com

    […] This post was mentioned on Twitter by AllBlogs. AllBlogs said: هل يعي مجلس الشورى دور الإعلام ؟: نشرت الصحف المحلية اليوم خبر يتعلق بصدور قرار من رئيس مجلس الشورى يتعلق بتشكيل… http://bit.ly/dLd9iM […]

اترك تعليقاً