أنا وسطي.. إذا أنا أقلية

المقال منشور في جريدة الوطن: من يتابع السجالات التي تدور في وسائل الإعلام المختلفة بين أصحاب القناعات المتناقضة يشعر وكأن العالم انقسم إلى معسكرين لا ثالث لهما، وأن الأفكار لم يعد لها إلا لون واحد يراه أبيض من على ذلك الجانب ويراه أسود من يقبع على الجانب الآخر.
لا أدري أين اختفت تلك النظرة المتفائلة للعالم والتي كانت دوما تنادي بالوسطية بين الطرفين قناعة منها بأن الحقيقة المطلقة لا يعلم بها إلا الله عز وجل، وأن الإنسان مهما اعتقد أنه يملك من مكونات الحقيقة فهو لا يتعدى كونه ناقلا لتفسيره الشخصي لتلك الحقيقة، وهو الأمر الذي يجعل من كل إنتاجاته الفكرية استنباطا وفهما لمجتهد يسعى نحو ملامسة حدود الكمال لا أكثر.
وأمام هذه الوقائع التي استفحلت في مجتمعنا وخلقت حالة من التحزب وهو الأمر الذي أثبتته مؤخرا الدراسة التي أعدها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني عن الإعلام المحلي والتي وجدت أن: “53% من عينة الدراسة ترى أن حرية الإعلام الإلكتروني عززت التعصب الفكري وذلك أكثر من الوسائل الإعلامية الأخرى”، يجب الإشارة هنا إلى أن التعصب الفكري هذا هو في ذات الوقت ناتج عن محركات اجتماعية مختلفه منها من يرتبط بالعقلية المجتمعية المحلية من قبيل المدرسة والبيت والمحيط القريب من الفرد كالمسجد والأصدقاء ووسائل الإعلام التقليدية، ومنها ما يتعلق بمحركات أكثر تعقيدا تتعلق بمؤثرات دولية وسياسية تلف المنطقة من صراعات طائفية وعرقية ناتجة عما يحيط بنا في المنطقة من تبعات أحداث الحادي عشر من سبتمبر وكل الحروب التي شنت بذرائع جلها مرتبط بطريقة تفكير شعوب المنطقة.
في الحقيقة لا أستطيع أن أفهم كيف يمكن أن يكون مجتمعنا قد تحول من مجتمع في غالبه مسالم ومتواد ومتصالح مع ذاته إلى تكوين بشري يعمل على التعامل مع الآخر وفق محاسبته على قناعته ومرجعيته العرقية أو الطائفية أو الفكرية، وذلك في تحد صارخ وتجاوز لا يمكن تبريره لكل المثل والأخلاق التي دعا لها ديننا الحنيف وهي المثل التي جعلت هذا الدين العظيم يتسيد العالم من حدود الصين الآسيوية إلى غابات وجبال إسبانيا الأوروبية.
في ظل هذا التجاذب تبقى أسئلة محيرة تقول: هل يجب أن أجد لنفسي تصنيفا خاصا ومسمى فكريا غير كلمة (وسطي) لكي يعترف بي المواطن بأني مواطن؟ وهل يعني كوني أنتمي وبقناعة متأصلة للفكر الوسطي أني دقه قديمه وعضو في جماعة أقلية؟ وإن كنت أرى أن الوسطية هي مرادف لكينونتنا كسعوديين، فهل هذا يجعل مني صاحب بدعة في نظر البعض ورجعي الفكر في نظر البعض الآخر؟


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

One response to “أنا وسطي.. إذا أنا أقلية”

  1. Hipolito M. Wiseman

    I simply want to say I am just very new to blogging and site-building and honestly liked your web page. More than likely I’m going to bookmark your website . You surely come with incredible article content. Thanks for sharing with us your website.

اترك تعليقاً