ربيع الصحافة السعودية

المقال منشور في البلاد السعودية: لم تحتاج الصحافة السعودية لحركة تصحيح شعبية لتنهض من جديد لتعود لسابق عهدها كأداة فعالة في عملية التنوير و التأثير الاجتماعي، كما أنها لم تمر بمراحل مخاض عسير في مسعاها لتحويل مكتسباتها التي بنتها عبر السنوات إلى أحجار
زاوية لهذه المؤسسات الإعلامية التي ينتظر منها أن تكون عوناً لنهضة فكرية و شعبية و اجتماعية توازي تطلعات من كانوا هم أساساً سبب ظهورها و نشأتها و خدمتها “الناس”.
خلال اليومين الماضيين صدرت عدة قرارات بتعيين عدد من الشباب كرؤساء تحرير لصحف سعودية مهمة مع البقاء على الاستعانة بالخبرات الإعلامية المخضرمة و ذلك بهدف التطوير و التنوير في مؤسسات وصلت لمرحلة متقدمة من القناعة بأهمية ضخ الدماء الشابة في إدارة الصحف و التي هي بدورها تعاني من إشكاليات في تكوينها البنيوي بفعل ما قد يعتبره البعض بعداً عن هم الشارع المحلي و تمسكاً بمبادئ تحريرية و إدارية عفا عليها الزمن من حيث قدرتها على التأثير والوصول والمنافسة.
فجاء تعيين الصحفي الشاب سلمان الدوسري رئيساً لتحرير جريدة الاقتصادية خلفاً لعبدالوهاب الفايز الذي عين رئيساً لتحرير صحيفة عرب نيوز كممارسة عملية لحركة تقدمية في تلك الصحيفتين اللتين تسعى إدارتهما إلى بناء أرضية تحريرية جديدة تمزج الأولى فيها خبرة رئيس تحريرها في الشأن السياسي الدولي مع النظرة التطويرية التجارية والمهنية في الصحيفة الإنجليزية الرائدة و التي تعمل منذ زمن لتثبيت هيمنتها على الساحة كمصدر وحيد ومنصة متعددة للخبر المحلي للجاليات بالمملكة.
كما أن الصحافة السعودية عايشت خلال الأشهر القليلة الماضية عدداً من التغييرات الأساسية في طريقة تعاطي مؤسسات إعلامية عريقة مع واقع الصحافة اليومية و التي لا يمكن أن يكون لها من فرصة للمنافسة مالم تتمكن من استيعاب الإعلام الجديد و مالم تتبناه كوسيلة أساسية للوصول للمتلقي عبر القنوات التقنية المختلفة و التي تجاوزت بطبيعتها الزمان الجامد والمكان المحدد والوسيلة الورقية كمنفذ وحيد لسبقها الصحفي وهو ما قامت به “البلاد” و نجحت فيه حتى الآن وبشهادة العديد من المعنيين بالعمل الإعلامي.
لم يكن تعيين طلال آل الشيخ رئيساً لتحرير جريدة الوطن بالأمر المستغرب على الأقل بالنسبة لي، فهو الصحفي المتمرس و الإداري الناجح والإعلامي الذي قل من يعاديه، وذلك لرجاحة طرحه و رصانة شخصه، وهي المواصفات التي تحتاجها صحيفة كالوطن في هذه الفترة خصوصاً بعد أن عاشت لسنوات عديد بين أمواج تجاذبات أطراف من الواضح أنها لن تتفق وهو ما جعلها الصحيفة الأكثر جدلاً و تناولاً و نقداً و مدحاً، فعلى الرغم من أهمية تنوع الأطياف لنجاح أية مؤسسة إعلامية إلا أن هذا التنوع أوصل هذه الصحيفة الشابة لحالة من عدم الاستقرار الإداري و المالي جعل لزاماً عليها أن تجد لنفسها مخرجاً منطقياً ورباناً واقعياً يؤمن بالمهنية البعيدة عن التوجيه المسبق.
و بالشباب كما هي العادة دائما بدأ ربيع الصحافة السعودية عندما تم تعيين الزميل مطلق البقمي قبل بضعت أشهر رئيساً لتحرير صحيفة الشباب “شمس” و التي باستلامه لدفتها تمكنت من تجاوز مرحلة ولادتها و مراهقتها إلى مرحلة تكونها و تحولها إلى صحيفة لديها الإمكانيات البشرية والإدارية بحيث تكون صوت الشباب السعودي المثقف في مواجهة هيمنة صوت الشباب الرياضي المحصور باهتماماته و تطلعاته و آماله.
إنها رسالة من مؤسسات تؤمن بالتغيير و التطوير بأن حركة الشباب قادمة لتمسك بزمام خطاب بلادنا الإعلامي، فعلى هؤلاء الذين تحكموا بكل زنقة من زنقات الصحافة و سكنوا دار الإعلام و بيت الثقافة أن ينتبهوا و يصلحوا، لأن ربيع الصحافة السعودية قادم لا محالة، فليتركوا ليذكروا قبل أن يزاحوا فينكروا.


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

2 responses to “ربيع الصحافة السعودية”

  1. Donn Celi

    I simply want to mention I am newbie to weblog and definitely loved this web site. Almost certainly I’m going to bookmark your website . You really come with tremendous articles and reviews. Thanks a lot for revealing your blog.

  2. محمد عبد التواب

    المدونة ممتازة ورائعة شكرا لك وبارك الله فيك وبالتوفيق …

اترك تعليقاً