رقابة تويتر .. التدوينة ما قبل المقال

إعلان تويتر يوم أمس الجمعة قرار بفرض ما يمكن إعتباره نوع من الرقابة على المحتوى المتداول بين المستخدمين كان و سيبقى من أسوأ القرارات التي يمكن لموقع يدعي دعم الشفافية و حرية التعبير أن يتخذه، لأن و على الرغم من محاولات الموقع توضيح الموقف بأنه
يأتي بناء على إلتزام الموقع بقوانين دول معينة تجنبا لرفع قضايا ضدها إلا أنه في ذات الوقت له إنعكاسات كبيرة علي مسببات نجاح الموقع و الذي كان منذ إنطلاقته سببا أساسيا لتجاوز القوانين التي تمنع الإنسان البسيطة من التعبير عن رأيه مهما كان غريبا و منافيا للمنطق و الأخلاق.
قرأت اليوم عدد لا بأس به من مقالات نشرت في مواقع إلكترونية أجنبية تتحدث عن الموضوع و قد كتبت أنا بدوري مقالا حول الأمر سينشر بعون الله في عامودي الإسبوعي (حرف دال) بجريدة الإقتصادية السعودية يوم غد الأحد، و لكن على إعتبار أن الموضوع حامي و مرتبط بالإعلام الإلكتروني و بالتالي لا يحتمل الإنتظار يومين فقد قررت أن أبين رأي حيال بعض المسائل التي لن يتطرق لها مقال الغد و ذلك لكي أكون قد غطيت الموضوع من جميع جوانبه على الأقل حسب درايتي و معرفتي البسيطة.
فقد حذّر المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ من «تويتر»، لأن فيه كما قال “ترويجاً لأكاذيب باطلة، وفيه من يصدر فتاوى من دون علم، وغير مدعَّمة بالدليل، وأنه يحوي طعناً لشخصيات دينية واجتماعية و أنه موقع يمثل دعوة للتراشق بالتهم” و هنا أقول بأن تويتر و غيره من مواقع بل ومن وسائل إعلام رسمية و غيرها فيها شئ مما وصفه فضيلته و لكن رغم ذلك لا يمكن إعتبار كل تلك الوسائل أنها سيئة و يجب التحذير منها، فتويتر علي سبيل المثال كان من أهم الوسائل التي إستخدمها أهل جدة للتواصل فيما بينهم أثناء الأيام التي عاشتها و هي تغرق بما عرف بسيول جده، فهو الموقع الإلكتروني الذي من خلاله تمكن كثير من المطوعين من معرفة الأماكن التي كانت تحتاج للمساعدة و بالتالي تحديدها للدفاع المدني و الذي قام بدوره في إنقاذ كثير من الأرواح.
على جانب آخر كثر الحديث عن دور مزعوم للأمير الوليد بن طلال في قرار تويتر (الرقابي) و أقول مزعوم لإعتبارات كثيرة أولها أن ٣٪ من أسهم الشركة التي يملكها الأمير الوليد و التي لا يأتي معها حق التصويت لا يمكن إعتبارها ذات وزن حقيقي قادر على إحداث تأثير على سياسات الموقع بحجم ما تضمنه القرار و الذي يعد في تقديري إنقلاب فعلي على كل المثل و المفاهيم التي ظهر من أجلها الموقع و تحول خطير قد يأدي بدوره لإضمحلال الموقع تدريجيا لينتهي في النسيان كما حدث مع مواقع مثل ماي سبيس و مجموعات ياهو.
كما أن الوليد و الذي يعرف عنه مواجهته الغير معلنه لكثير من المفاهيم السياسية و الإجتماعية التي تنتهجها بلاده لا يمكن إعتباره بأي حال من المحسوبين علي السياسة الرسمية و بالتالي ففكرة أن يكون هو من دعاة الرقابة تعارض ما يعرف عنه من مواقف نجدها تتجلى صراحة في قنواته الفضائية و برامج روتانا الإجتماعية و التي أصبحت في وقت قياسي “الهاشتاغ” التلفزيوني الذي لا يترك في المجتمع السعودي من قضية إلا و ينبش فيها حتي يخرج عفنها لدرجة لا شك أنها أقلقت و تقلق بعض الجهات الرسمية.
الوليد كذلك يستعد لإطلاق قناة إخبارية متخصصة و التي عين فيها أكثر الإعلاميين السعوديين إثارة للجدل (جمال خاشقجي) و الذي أبعد أكثر من مرة من رئاسة تحرير صحيفة الوطن السعودية و التي هي بدورها تعد أكثر الصحف السعودية نقدا و تجاوزا للخطوط الرقابية المحلية، و هي قناة يتوقع الكثيرون أنها ستحدث صدمة من حيث درجة النقد الإجتماعي و السياسي على إعتبار أن المكونات التي تحويها القناة لا يمكن إعتبارها وفق ما ذكرنا مكونات مهادنة بل على العكس هي أقرب للمشاكسة و تحدي الرقابة.
الوليد بدوره يأتي من بيت عرف عنه بأنه يغرد كثيرا خارج السرب فوالده الأمير طلال بن عبدالعزيز هو من أكثر الأمراء تعبيرا عن الرؤية التقدمية داخل الأسرة المالكة و له أراء قد لا تناسب الكثيرين ممن يفضلون العمل و السير على النهج المتوارث و هي مواقف كانت في الماضي و لازالت حتى اليوم تجد صداها في تغريداته على تويتر و تصريحاته عبر وسائل الإعلام المختلفه و لقائاته الصحفية التي غالبا ما تثير كثير من التساؤلات و الردود علي جميع المستويات و الأصعدة.
كما هو متوقع ظهرت منذ اللحظة الأولى لقرار تويتر المثير للجدل دعوات للمقاطعة في تصرف أصبح غير مستغرب من النشطاء الإلكترونيين في عالمنا العربي، فكلما جد شئ لا يناسب أحدهم طالب أن بإطلاق حملة مقاطع ، و هو أمر لو كان ذا نفع لإنهارت إسرائيل من مقاطعت العالم العربي لها لخمسين عاما إلا أنها ما كان لها إلا أن أصبحت أقوى و أصبحنا نحن أكثر تشتتا و فراغا.
بكل بساطه أقول بأني لست مع المقاطعة فهي تعبير أرى فيه هروب، بل أنا على العكس من ذلك أدعو لزيادة التواجد و مضاعفة المجهد للمطالب بإلغاء القرار من خلال زيادة تسليط الضوء على سلبيات القرار و تنوير المستخدمين حول كيفية الإلتفاف حول القرار و ضمان عدم تطبيقه و الإضرار بافرد، فبذلك يستمر التغريد قوي ليتمكن من الإستمرار في إحداث الفرق في مجتمعاتنا.
غدا لنا لقاء في الإقتصادية لمتابعة ملامح أخرى من الموضوع.


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

One response to “رقابة تويتر .. التدوينة ما قبل المقال”

  1. Dean Lenoci

    I simply want to say I am beginner to blogging and absolutely loved you’re web blog. Almost certainly I’m going to bookmark your blog . You definitely come with very good article content. Regards for sharing your webpage.

اترك تعليقاً