عام على إسقاط النظام ،، و لكن أي نظام ؟

اليوم و جمهورية مصر العربية تحتفل بالسنة الأولى لإنطلاق ثورتها الشعبية التي أطاحت بعهد التسلط و الإستبداد المباركي يجب أن نقف أولالقراءة الفاتحة على أرواح شهداء أرض الكنانة ممن لقوا عبر سنوات طوال حتفهم من جراء نار الظلم و الهمينة البوليسية لنظام أمني حكم
بالنار و المخابرات سنوات و سنوات حتى وصل بأن جعل المصري البسيط يحلم فقط في أن يعيش حياة طبيعية و أن يتوفاه الله بوفاة طبيعية و أن لايصيبه الشحططه و المرمطه التي دأب ذلك النظام على تربية أجيال تلو أجيال من المصريين عليها.
في الليلة التي خرج بها نائب الرئيس المصري السابق عمر سليمان ليعلن تنحي مبارك عن الحكم تساءلت و لازلت هل فعلا نجحت الثورة الشعبية في الإطاحة بنظام مبارك، أم هم العسكر من نحى مبارك في صفقة سياسية حيكت في الخفاء بين من كان وقتها يمسك بالنظام أي الجيش و من كان يدعم مبارك دوليا و ذلك في سيناريو أصبح اليوم أكثر وضوحا في كل من اليمن و سوريا.
عندما كنت أناقش بعض الأصدقاء المصريين و أطرح هذا التساؤل كانت ردودهم العاطفية تتنوع ما بين الغضب إستهجانا منهم من ما تصوروه تكشيك مني في أحقية الثورة في الظفر بالنصر و ما بين من حاول أن يراهن في رده بنفاق مفضوح خصوصا و أنهم أطياف من إنتهازيي نظام مبارك و الذين قاموا و يا لسذاجتهم بترديد شعارات الثورة التي يعلمون جيدا أنها مكشوفه في أعيني و أنها شعارات ستدور و تعود لتمحيهم و من على شاكلتهم من الوجود عقابا لما إقترفوه من سرقات لقوت الشعب لسنوات و سنوات.
ظهرت قوائم لفناني العار و كتاب النظام و سياسيي الفلول، وأصبح الإنتقام العلني السمة الغالبة لمرحلة ما بعد التنحي و لا أقول إنتصار الثورة، لأن الثورة التي خيل للكثيرين أنها إنتصرت تعيش اليوم “كلاكيت ثاني مرة” و بنفس العلامات مع نظام العسكر الذي أتى وريثا في تقديري لنظام مبارك الذي ولد هو ذاته من رحم المؤسسة العسكرية، فلا ننسى أن مبارك الطيار الحربي السابق هو نتاج السادات الرئيس العسكري/المدني و الذي ورث الحكم من جمال عبدالناصر الذي كان أميرا لجماعة الضباط الأحرا،ر و ما الضباط إلا عسكر.
قبل أيام عقدت الجلسة الأولى للبرلمان المصري و الذي شهد إكتساح لا مثيل له للتيارات الدينية من إخوان مسلمين و سلفيين و بنسب تذكرنا بالـ ٩٩.٩٪ التي دأب الروساء العرب على تحقيقها مع الفارق أن النسب هذه المرة هي في معدل السبعينات الأقرب للتصديق مع تأكيدات عالمية و محلية بأن الإنتخابات هي الأشرف التي تشهدها مصر منذ بداية التاريخ، و لا شك في ذلك و الله أعلم.
و لكن كما كان النواب في العهد البائد ينجحون ثم يجلسون في أماكنهم في المجلس ليناموا، طالعتنا الصور التي ذكرتنا و ربما صحتنا لحقيقة أن ليس كل ما جرى في مصر هو كما يظهر لنا نحن القاطنين خارج هذه الدولة العظيمة بشعبها الحر و المظلوم من ساسته عبر السنين.
لا أعتقد أن هناك عربي لا يحب مصر و لا أتصور أن إنسان عاشق للحياة و الأدب و الفن و الثقافة و الفكر و التاريخ و و و و لا تميل عاطفته لهذه الأرض التي في كل عربي جزء منها، و إذ أنا أكتب اليوم و أنا العربي السعودي فأنا أكتب كمحب حزين على إستمرار خداع شعب مصر الأبي بكذبة ساقها الساسة بلبس العسكر و العسكر بلس الساسة مفادها أنهم يحكمون و أنهم أحرار و أن مبارك كان هو سبب البلاء و الفساد لا نظام خفي لا زال لم يتزحزح من مكانه.
منظمة مراسلون بلا حدود في تقريرها الصادر قبل أيام معدودة و الخاص بحرية الصحافة في العالم في عام ٢٠١١م ذكرت أن حرية الصحافة في مصر تراجعت 39 مرتبة لتصبح في المرتبة 166 معللة السبب إلى أن “المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يتولى السلطة منذ شباط الماضي، بدد آمال الديمقراطيين عبر مواصلته ممارسات عهد (الرئيس المخلوع حسني مبارك)”، و هو قول يؤكده الكثير من المشتغلين في الإعلام و الذين لاحضوا إستمرار حالات الرقابة و التكتيم الإعلامي في كل ما من شأنه نقد ممارسات الجيش أو توجيه النقد اللاذع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم الفعلي للبلاد.
المشير حسين طنطاوي حاكم مصر العسكري أعلن يوم أمس ٢٤ يناير في خطابه بمناسبة الذكرى الأولى للثورة أنه قرر رفع حالة الطوارئ إبتداء من يوم ٢٥ “إلا في مواجهة جرائم البلطجة” و هو إستثناء يكفي لأن تكون حالة الطوارئ سارية دون أن تكون معلنه، فكما أن أمريكا تدعي الديمقراطية و الحرية و العدالة إلا أنها شرعت لقانون الأمن القومي و مكافحة الإرهاب الذي من خلاله تملك السلطات الأمنية الأمريكية القدرة و الغطاء القانوني لإعتقال من تشاء بذريعة تهديدة للأمن القومي و دعم الأرهاب.
أخير، أتذكر مقولة طالمة كانت و لا تزال تدور في مخيلتي عندما يأتي الحديث عن الثوار و الحكم و هي أن الثوري لا ينفع للحكم و ذلك لأنه بطبيعته ناقم و معارض غير قابل بالأوضاع مهما كانت، و هي مقولة لها إثباتاتها في التاريخ و السياسة الدولية، ففي كوبا رغم الرومانسية القومية تجاهها كونها واجهت الإمبريالي الأمريكي إلا أنها دولة تعيش في زمن لم يتجاوز الستينات الميلادية، كما هو الحال في الحالة الفلسطينية التي يتقاتل فيها ثوار فتح و ثوار حماس على حكم لم يتشكل بعد و في دولة لا زالت حبر على ورق أو هكذا يبدوا.
هل اليوم موعد ليحتفل المصريين بسنة على ثورة أسطقت نظام أم هو موعد على إعادة النظر لثورة ربما قامت و نامت دون أن تحقق ما آمن به ذلك الشعب الذي خرج عن بكرة أبيه مرددا “الشعب يريد إسقاط النظام”، و هنا يكمن السؤال (أي نظام).


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

2 responses to “عام على إسقاط النظام ،، و لكن أي نظام ؟”

  1. Theodore Jabs

    I just want to say I’m new to blogging and absolutely savored you’re blog site. Probably I’m likely to bookmark your website . You absolutely come with superb stories. Cheers for sharing with us your web site.

  2. منتديات مسقط ستي

    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

    أخي الكريم أبدعت في نقاشك الجميل وسعدت كثيرا بقراءة ما تحتويه مدونتك

    واصل تألقك اخي وإن شاء الله أكون من متابيعنكـ

    تحياتي لك إداري منتديات مسقط ستي

    http://www.muscat3.net/vb

اترك تعليقاً