إن كنا اليوم نعتقد بأننا قد تجاوزنا بحمد الله خطر الجماعات الإرهابية و التي داهمتنا لسنوات في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر فإن الخطر الحقيق الذي يداهم مجتمعنا اليوم كما يراه الكثير من المحللين و المتابعين للشأن السياسي
و الإجتماعي السعودي هو عودة آلاف الشباب من الجنسين بشهاداتهم الجامعية و العليا و التي حصلوا عليها من برنامج الملك عبدالله للإبتعاث الخارجي دون أن يجدوا لهم الوظيفة المناسبة و المسكن المناسب و الدخل الذي يستحقونه في دولة أنعم الله عليها بالخير الوفير.
فقد كتب الإعلامي السعودي جمال خاشقجي مقال له بصحيفة (ذا نيويورك تايمز) نشر في ٢٨ أغسطس الفائت تساءل فيه عن ما أذا كانت المملكة تستطيع الإستمرار دون أن تطبق الديمقراطية في وقت يعود آلاف الطلبة للبلاد من أمريكا و أوروبا و لا هم لهم سوى إيجاد وظيفة مناسبه لهم و حياة أفضل إضافة لمتنفس يعبرون فيه عن أرائهم السياسية و الإجتماعية.
في تقرير مطول للكاتب الأمريكي “ديفيد أوتاوي” بعنوان (سباق السعودية ضد الزمن) و الصادر مؤخرا عن مركز ويلسون الدولي يقول مؤكدا أهمية التعامل مع جريجي برنامج الإبتعاث (أن ما أصبح يشكل القلق الأمني الرئيسي للحكومة السعودية اليوم هو عودة ال١٥٠الف مبتعث) و ذلك على أعتبار أن الأزمة الحقيقية التي يمكن للمملكة أن تواجهها أمنيا هي عدم توفر فرص العمل و الحياة الكريمة لهؤلاء ممن تغربوا ليحصلوا علميا و ليعودا بحماس لبناء وطن و التمتع بخيراته.
و إن كان يرسم “أوتاوي” صورة فيها بعض التشاؤم حول الموضوع إلا أنه يقرر في ذات الوقت أن حكومة المملكة قد إنتهجت سياسة واضحة في خططها التنموية الأخيرة من خلال التركيز على توفير أكبر قدر ممكن من الوظائف لأبناء و بنات الوطن بحيث صورها بقوله ( أن الحكومة السعودية تبنت طريقة الحزب الجمهوري الأمريكي و التي تركز على “وظائف وظائف وظائف”) و هو ما أوضحه كذلك بتركيزه على دور الحكومة السعودية المستمر في الضغط على القطاع الخاص لتوظف ٢٥٠-٣٠٠ الف خريج و شاب سنويا عبر برامج محفزه للسعودة و تسهيلات تعطى للقطاع الخاص.
تلك الأراء و غيرها تدلل على أننا سنمر في مرحلة حرجة جدا خلال السنوات القليلة القادمة في حال لم تتمكن البرامج الإنقاذية و الإستشرافية لموضوع التوظيف على إيجاد الحلول، فعدم النظر لموضوع خلق الوظائف الفنية و الخدماتية وبشكل متوازن في جميع مناطق المملكة و عدم التركيز فقط على المدن الرئيسه إضافة لخلق الوظائف التقليدية و الإدارية و الهندسية و الطبية و التقنية كلها أمور لابد من النظر لها كجزء من حلول تلك البرامج إن كانت تهدف لتوفير الأعداد المتزايدة من الوظائف التي يحتاجها الوطن و سيحتاجها شبابه و شاباته، فقد أوضحت تقارير رسمية صدرت عام ٢٠٠٩م إلى أن نسبة البطالة بين الشباب ممن تبلغ أعماره بين٢٠ و ٢٤ بلغت ٤٠٪ و هو رقم دون شك لا يمكن لأي حافز أو نقاط من حله مالم يكون توسيع مجالات توظيف السعودي لتشمل تلك التي يراها المجتمع عيبا أو دون المستوى أحد أركانه، فسباك بريطاني على سبيل المثال قال لي أنه سيستمتع في إجازة الصيف مع أبنائه على شواطئ ماربيا في حين تفاخر سائق تاكسي إيطالي أنه سيمضي عطلته الشتوية هذا العام في فندق برج العرب بدبي، فهل يعتقد المعتقدون أو المعقدون أن ذلك أو ذاك إهتم كثيرا بالعيب الذي إبتكره عقل بعض محدودي التفكير؟
الحلول كثيرة و التحديات كذلك و لكن يبقى في تقديري دور المجتمع من جهة و الجهات المعنية بالتخطيط في الدولة من جهة أخرى تكاملي، فالإبتعاث للغرب و برامج التوظيف المحلية يجب أن يضع في عين الإعتبار الحاجة الحقيقية لمستقبل الوطن، و المجتمع يجب أن يتعامل مع سوق العمل وفق القدرة الحقيقية لكل فرد و إمكانياته في ظل دعم معنوي لا يعيب عمل و يمجد عمل آخر، فالدول لا تبنى فقط بالأطباء و المهندسين و التقنيين، بل بموظفي الخدمات و السائقين و السباكين و عمال المصانع و المزارعين و الطباخين، و ليرحم الوزير غازي القصيبي الذي ناله ما ناله عندما لبس لباس النادل لأنه فقط قال، (أنه حتى في الدول الغنية يقدم أبنائها وجبات الطعام للزبائن).
وظائف وظائف وظائف
أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر
I simply want to tell you that I am just new to blogs and actually liked this web site. Probably I’m likely to bookmark your website . You really come with superb well written articles. With thanks for revealing your blog.