الإرادة بثوب إمرأة

كنت و لازلت اعتقد بان الإنسان ضعيف لا يملك أي قوة حقيقة لا جسمانية و لا عقلية و لا ادل على ذلك من عجز هذا الكائن الحي من استخدام جسمه و قواه العضليه في إيقاف جبروت أخاه الإنسان و عجزه في صد و منع تقلبات المناخ و الطبيعة، كما أن عجزه العقلي و قصوره لا دليل اوضح على ذلك من عدم قدرته على تفسير و فهم كثير من الغاز الحياة مثل الأبدية و السرمدية و كل ما تعنية هاتين

الكلمتين من معنى و دلاله فلسفية و أيمانية عميقه.
و على الرغم من هذا الضعف الظاهر و العجز الواضح فإن هذا الكائن البشري المتقلب المزاج و الفطري بطبيعته قد وُهب قوة لا مثيل لها نادرا ما يمعن الإنسان في ذاته لإكتشافها و هي القدره على الإختيار او محاولة الدفع نحو ترويض الظروف لصالحنا من خلال الإرادة ، فالإرادة و قوة الإرادة هي من الصفات التي وهبنا الله إياها لنتحدى جميع الظروف و المعوقات التي قد تنشأ او تطرأ على حياتنا و تحد من قدرتنا على العيش و الإبداع و التمتع بإنسانيتنا و فطرتنا و حياتنا الكريمة التي كتبها الله لنا نحن بني البشر.
أثناء تجولي في أزقت مدينة أصيلة المغربية و بين زحمة السيّاح و أنفاس أهل المدينة الصغيرة وجدت هذه المرأة القادمة من المكسيك و التي ترسم بأرجلها لوحات غاية في الدقة و الإبداع ، تقول من خلال الوانها و حروفها الغير مكتوبه ( أنا الإنسان،،، أنا من خلق الله فيني الإرادة، لا تنظروا لي بعين العطف،، فأنا أرسم بأرجلي ما لا تستطيعون أنتم تخيله بعقولكم الكاملة،، انا الإرادة بثوب إمرأة).
تستوقف هذه المرأة المتربعة على عرشها الفني كل زوار المدينة القديمة و الذين تجدهم يقفون أمامها يتفحصون حركة ارجلها النحيلتين و قدرتها على رسم التفاصيل، و تجدهم يتسابقون على كسب موافقتها في شراء لوحاتها التي تقوم ببيعها اولا بأول، و لا تتردد في ان تمد يدها المشلوله لتأخذ قيمة اللوحة دون أن تخجل من كونها لا تستطيع إستخدام يدها كباقي البشر، بل تمدها بكل ثقه متحديه أعين من يهمز ويلمز و كأنها تقول (هل تستطيع مد يدك هكذا………).
في فلسفتي ،،،،، الإعاقه هي الإمتحان الأكبر و المحفز الأول لظهور الإرادة و التي بإحتفالنا بها نحتفل بإنسانيتنا الحقيقة، فلا غرابة لو قلت بأن المعاق جسديا او حتى عقليا هو بالفعل من يستحق أن يوصف بصاحب الإرادة الحديدية.


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

12 responses to “الإرادة بثوب إمرأة”

  1. Jerrie Jakob

    I just want to tell you that I am just newbie to blogs and definitely liked this page. Most likely I’m planning to bookmark your website . You absolutely have tremendous well written articles. Thanks for sharing with us your blog.

  2. ماسة زيوس

    صدقت إحتفائنا بهم..إحتفاء بإنسانيتنا..شكرا لك.

  3. .. انثى

    الاعاقة الحقيقة هي ان تكون بصحة ممتازة و عقل ناضج ولا تحرك ساكنا تعيش يوما تلو الاخر بلا فائدة تذكر لك او لمجتمعك ..
    بوركت هذه المرأه ..

    شكرا ياسر ..

  4. نورة

    استوقفتني كثيراً صورتها ..

    ذكرتني بفتاة معي في الجامعة .. تعاني من اعاقة جسدية ولكنها متفوقة في دراستهاماشاء الله ..
    وتحمل عقلاً ناجحاً في البرمجة ..
    تراها تمشي بثقة وعيناها مليئة بالطموح والتحدي ,

    شكراً لك ..

  5. آلاء

    لاشيء أقوى من الإرادة …

    شكراًً ..

  6. ودّ

    يأخذ ليعطي .. ويعوض الله كل فقد بالخير الكثير ..
    سبحانه جلت قدرته ..

    أجد كل محروم أو يملك صفة عاجزة .. تعويض بصفة أخرى بالغة في الاحترافية وتثير التعجب ..!

  7. مثقف عربي

    أتزعم أنك جرم صغير . . و فيك إنطوى العالم الأكبر

  8. جندبي

    سبحان الله ؛؛

    إرادة الانسان قوية جداً ومن فوقها إرادة الله سبحانه وتعالى ..

    هذه المرأة رأيت تقريراً عنها في قناة العربية ” أبكتني ” حينها .. 🙁

    يعطيك العافية استاذنا العزيز 🙂

  9. o T h M a N

    اش بتقول في الذي يصلح الساعة بأصابع رجلة وبإحتراف!! ، أو المرأة التي تعمل في التطريز مثل الاول .
    الارادة القوية

  10. ayaneeq

    يمنع ليعطي .. سبحان الله !
    شكراً لك ..

  11. مشاعل

    إختارت أن تكمل الحياة بطريقتها فعلاً إرادتها حديدية ,

    *حينما أرى ذوي الإحتياجات الخاصه أشعر بحجم النعمه التي اعيش بها الصحه من أكبر النعم, الحمدلله الذي عافاني

  12. منال الزهراني / قلم حر

    لا أدري لماذا خطر على ذهني فوراً صورة المعاقين أو الذين يتمثلون الاعاقة المصفوفين على طول الطريق المؤدي للحرم الشريف ؛ يومياً أراهم في طريقي لصلاة الفجر بنفس الترتيب ؛ بنفس الأيدي الممتدة والأخرى المشوّهة ؛
    لم أتعاطف يوماً معهم!
    فقط كنت أرى إرادتهم في الحياة التي ذبحت على الأكف الممدودة.

    طرحك جميل ؛ وإن كنت أرى أن الإعاقة ليست المحفز الأكبر ولا الأول لظهور الارادة؛ الاعاقة بمفهومها المَرَضي ؛ ربما “التحدي” أي تحدي هو الأقوى في حفز الارادة ؛ وربما الرغبة الذاتية في أن يعيش الفرد كما يجب ؛ سواء كان معاقاً أو لا.

    أشكرك أ.ياسر 🙂

اترك تعليقاً