ليس بالإعلان يتحقق المبتغى

ألا يعلم المخططون الإعلاميون في السلطة الفلسطينية بأن الإعلان المدفوع ثبت فشله في إيصال الرسالة السياسية و خلق التأثير المأمول في الجمهور المستهدف، و هل غاب عن هؤلاء المخططون بأن القارئ المستهدف لا يمكن التأثير عليه في تغيير قناعاته المتأصلة من خلال رسالة يعلم الجميع أنها مدفوعة الثمن و تهدف للتأثير عليه برسالة عجز عن إقناع الناس بها سياسيا.

لماذا لا نتعلم نحن العرب من تجاربنا، فقد فشلت المملكة العربية السعودية فيما مضي من تحقيق التأثير المرجو في الرأي العام الأمريكي بعد أحدث سبتمبر ، حين قامت الحكومة السعودية بشراء مساحات بملايين الدولارات في وسائل الإعلام الأمريكية لتقول للشعب الأمريكي أن السعودية حكومة و شعب تمقت الإرهاب و تحاربه، و هي رسالة لم يقتنع بها أي أمريكي نتيجة معرفته بأن تلك الرسالة مدفوعة الثمن، بينما استفادت منها الصحف و الوسائل الإعلامية الأمريكية ماديا.

في المقابل قامت الحكومة الكويتية بعد غزو العراق للكويت بتعيين إحدى شركات العلاقات العامة العملاقة و المعروفة بتخصصها في إدارة الأزمات (شركة هيل أند نولتون) و التي قامت بوضع خطة إستراتيجية لخلق تعاطف عالمي مع الكويت من خلال تبني حكومات و شعوب العالم للمجهودات التي كانت تتطلبها تلك المرحلة في سبيل تكوين تحالف عسكري قادر على إخراج القوات العراقية من أرض الكويت و هزيمة صدام حسين عسكريا و سياسيا، و هو تماما ما حدث من خلال عدد من التكتيكات الذكية جدا كان لها تأثير كبير في تحقيق ذلك التعاطف المنشود خصوصا في دول تتطلب موافقة الشعب على قرارات الحرب و السلام، فقد قامت هذه الشركة بتصميم حملة Free Kuwait التي جابت العالم في مظاهرات منددة للغزو و الداعية للتحالف العالمي ضد هذا العدوان العسكري الغاشم، كما تضمنت هذه الخطة الذكية وضع سيناريو ظهور الشيخ جابر في الأمم المتحدة و الذي هدف بكلماته المعدة سلفا و بتعابيره الجسدية و الصوتية تحقيق التعاطف و الدعم العالمي المنشود، و قد تحقق له و للكويت ذلك.

إذا… هل تتوقع السلطة الفلسطينية أن يتبنى الشعب الإسرائيلي المبادرة العربية بعد هذا الإعلان المدفوع بعد أن أثبتت التجارب فشل هذا التكتيك، لماذا لا يتعلم الفلسطينيون من تجارب إخوانهم العرب في حال لم يرغبوا في الاستفادة من تجارب الغرب، و لماذا يتوقعون بأن ينجحوا في استعطاف المواطن الإسرائيلي ( العدو) في وقت فقدت السلطة في وجهيها (حماس و فتح) كل ثقة من الشعب الفلسطيني بإمكانيتهم إيجاد حل لقضيتهم، و هو الشعب الذي و لأكثر من ستون عام لا يسمع إلا كلمات و صرخات و تعابير ثورية لم تحقق لهم أدنى مستويات الاستقلال و العزة و العيشة الكريمة.


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

5 responses to “ليس بالإعلان يتحقق المبتغى”

  1. Lauren Tave

    I simply want to mention I am very new to blogging and site-building and truly liked your web page. Very likely I’m planning to bookmark your blog post . You amazingly come with good articles. With thanks for revealing your web-site.

  2. محمد شهاب

    فعلا…أول موضوع أقرأه يتكلم عن “اللعبة الإعلامية”… و مثال الكويت في محله تماما.. و أزيد أنا أن هناك مثال آخر يتمثل في الأردن أيضا و نشاط الملكة رانيا -مثلا-.

    هناك دول أعتبرها دول “غبية” إعلاميا..
    قد يكون ذلك آت من عدم الإيمان بفعالية “المكر الإعلامي” إذا صحت التسمية. الطريقة المباشرة المدفوعة الثمن طريق سهل جدا من غير فعالية أبدا. هناك عدم اهتمام باهمية التفاصيل الصغيرة التي قد ترسل “رسائل” خفيفة و خفية إلى بواطن المتلقي.

  3. ليلى ..

    ربما يحتاج الفلسطينيون إلى من يلفت نظرهم لهذه القضية .. ربما .

    أنظر أستاذ ياسر للشعب الأمريكي عن طريق الإعلام استطاعت الحكومة غسل أدمغتهم والسيطرة على محدودية تفكيرهم .. مثلا إن تحدثوا عن الأكاذيب الملفقة علينا العرب والمسلمين ، تكون لها قبول ومصداقية مطلقه لدى الفرد الأمريكي، لأن لديهم نهج وخطط مدروسة يسيروا عليها ولديهم قدرة بالاستعانة والاستشهاد بادلة لا وجود لها (يعني قوة عين) لإثبات وتوثيق أكاذيبهم بذكاء .
    أيضا لدينا إسرائيل عن طريق التلفيق والأسلوب المستعطف الذي تتخذه .. كان لها مكسب عظيم من التغذية المرتدة عليها من تعصب وتشدد اليهود أو من تعاطف العالم ككل .. كما في المحرقة .

    من الأخير .. لكسب التعاطف والود أو لإستدراج المصلحة أياً كانت ، لايتطلب ذالك مال بل دهاء وعلى قدر التدهاء تأتي النتائج .. ويعتمد الدهاء على الرئيس إذا تملك مفتاح السر لدى شعبة عرف كيف يفتح ويغلق الباب متى وكيف أراد ..

    شكراً لهذا الطرح .

  4. عبدالإله الخليفي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

    شكراً على طرح هذه القضيّة ..

    وجهة نظري … أن فشل الإعلان السياسي مدفوع الثمن يعود إلى فشل التأثير أو محاولة خلق القناعة من خلال الإعلان ( التمثيلي )..الغير حقيقي …

    سأتحدث بشكل عام …. وأقول :
    أتعجب أن هناك عدم وعي لدى كل من يؤمن بجدوى مثل هذه الإعلانات .. بأن ( مثلاً وليس حصراً ) …تقرير إخباري حقيقي لاتتجاوز مدته 60 ثانية …أقوى ألف مرّة …من إعلان غير حقيقي وغير موضوعي …

    لماذا ؟ لأنه يجلّي المشهد من أرض الواقع …

    فيما يتعلق بالإعلان ..

    وبالعموم … حينما أكون قوياً لست بحاجة لإقناعك بذلك من خلال ( التمثيل ) … فأنت ستؤمن بهذه القوة حتماً لأنها حقيقية … ولأنك تراها واقعاً ملموساً وتشعر بأثرها..

    شكراً مرّة أخرى على طرح هذا الموضوع الهام ..

    تحياتي لكم ..

    عبدالإله الخليفي

اترك تعليقاً