بواسطة شارع العطايف في 2 سبتمبر 2008
لدى كل مؤلف روائي أو مسرحي هدف من الأعمال التي يكتبها بعضها لغرض الإسقاطات الاجتماعية أو السياسية وبعضها موهبة وفرصة للتنفيس عن ما بداخله ومنها ما هو للكسب المادي أو للإنتاج الفني, وليس رواية ذهب مع الريح للكاتبة الأمريكية مرغريت ميتشل إلا مثال على التجليات حيث عجزت الكاتبة عن كتابة رواية أو عمل آخر رواية واحدة فقط وعانقت السحاب منذ ثلاثينيات القرن العشرين وحتى يومنا هذا, وحديثنا
هنا عن تجليات المؤلف أو شطحاته حيث يبدع المؤلف في الكتابة وبنسجم ويظهر لنا إبداعاته ولكن تواجه بعض المؤلفين مشكلة كبيرة ودائمة هو كيفية السيطرة على شخصيات القصة وتحجيم جموحها ومتى تظهر شخصية المؤلف في القصة ومتى تختفي وتطغى شخصية البطل على شخصية المؤلف.
لنسهل الحديث بالأمثلة قليلاً, في شخصية هشام العابر في ثلاثية أطياف الأزقة المهجورة للكاتب السعودي تركي الحمد حيث نعيش مع هذه الشخصية تحولاتها الفكرية عبر التحاقه بتنظيم اشتراكي سري في المنطقة الشرقية ومن ثم انتقاله إلى الرياض حيث الدراسة ومرحلة الشباب والفتوة ومن ثم الجزء الأخير حيث السجن والاعتقال في جدة في سجن الكراديب هنا يحاول المؤلف أن يبث الكثير من الرسائل حول الفترة التي عايشها هو شخصياً وقد حاول طوال الثلاثية السيطرة على الشخصية وكبح جماحها إلى أن انفجرت معه الشخصية في فصول السجن حيث يتعرض البطل إلى الكثير من الضغوط النفسية من سب وشتم وسوء معاملة ويصل تمرده ً إلى مرحلة السجن الانفرادي حيث قلة النوم والأكل بعد أن اضرب عن الطعام تبدأ الشخصية بالهذيان حتى تنطق بالكلمات التي أدين بها تركي الحمد وهي الله والشيطان وجهان لعملة واحدة إشارة إلى تساوي الشر والخير وعدم قناعته أي هشام العابر بالكثير من المعتقدات الدينية والاجتماعية التي تربى عليها وفقدانه الأمل وتأكده من عدم وجود يد مساعدة تخلصه من هذا العذاب. وفي ظل مزاجه النفسي السيئ وسيطرة وساوس الشيطان عليه وهو بالتأكيد صراع نفسي قاتل أبدع الكاتب وتجلى في نقل ووصف هذه الحالة. هنا انفلتت الشخصية وأصبح الكاتب بين نارين نار اندفاع وتوهج شخصية بطل الرواية ووصوله هو شخصياً لمرحلة النشوة التأليفية وجرأته ككاتب وبين نار مجاراة الوضع العام للنشر وعدم الدخول في مشاكل مع أطراف لن تكون راضية أبداً من هذه الجرأة وهو ما حدث لاحقاً حيث تم تكفيره وإهدار دمه من البعض.
بالنسبة لي وأنا أقرأ أي عمل روائي أو مسرحي أنتظر بفارغ الصبر هذه اللحظات وأتتبع الخطوط الرئيسية في العمل وأتحين وأنتظر متى تتلاقى هذه الخطوط في نقطة واحدة وتبدأ عملية التجلي أو الانفجار الإبداعي الروائي.
بالنسبة لتركي الحمد في الثلاثية كنت أتتبع الخطوط الرئيسية والمساندة ولم أجد نهاية واضحة وممكنه ولكن عندما تم سجن البطل في السجن الانفرادي أيقنت أن تركي الحمد سوف يزيد من سخونة الرواية ولم أتخيل أن تصل مرحلة الانفجار الإبداعي لهذه المرحلة التي تصعقك لدرجة أنك كقارئ تتمنى أن تكمل الرواية ومن ناحية تود لو أن ترمي الرواية جانباً وتقول لنفسك كفاية عبث. من ناحية أدبية فنية أؤكد للجميع أنه عمل مميز خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الكاتب سعودي وهنا تكمن الصعوبة والمتعة في آن واحد.
هل لاحظتم تنقل الشخصية جغرافياً من الدمام إلى الرياض وحتى جدة في كل جزء على حده , هل يمثل لكم هذا شيء.
العدامة والشميسي والكراديب
أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر
Posted in مشاركات الكتاب |
I just want to mention I’m all new to blogging and truly loved this web-site. Probably I’m want to bookmark your site . You surely have excellent well written articles. Regards for sharing your blog site.
لا يروقني كثيراً تركي ..
ولا افكر حقيقة بحمل كتاب له واحد مهما كان ..
سأبحث عنهااا .. واقرأهاا
بإذن الله
شكرآآ كـ
تنتظر دورها في قائمتي ربما حصلت على تأشيرة قرآئة في القريب العاجل
شكراً لك 🙂
اعجبني المقال ..
وأعجبتني أكثر ثلاثية الأزقة المهجورة
وحديثها .
لطالما كنت من عشاق الروايات المجزئة
كثلاثية نجيب نحفوظ ،وخماسية وثلاثية عبد الرجمن منيف في ارض السواد ، ومدن الملح .
تركي الحمد .. عزيزي مثير للجدل بصفة عامة . حتى كتابه المسموح في الاعلام السعودي ” ويبقى التاريخ مفتوحاً ” به
الكثير من التجاوزات من نظر البعض .
صدقني .. أخي شخصية هشام
بقت معي لقترة طويلة حتى اندمجت في رواية جديدة .
ودمت ..
قرأت الثلاثية و كنت ممن وقع تحت طائلة سحرها و هذيانها
و انتقاله من منطقة لمنطقة كان واضح جداً من خلال تغير اللهجات و أسلوب المعيشة
ثلاثيته كانت من الروايات الأولى التي أقرأها لكتَّاب سعوديين و أعجبني استخدامه في بعض مواضع للهجة الخاصة بالمنطقة و وضع قاموس في آخر الجزء لتفسير بعض المصطلحات 🙂
في روايات أخرى قد يستخدمون اللهجة المحلية و لكن دون قواميس مثل كتابات عبد الرحمن منيف في أرض السواد و حيدر في وليمة لأعشاب البحر
جميل ما قرأت هنا أعادني لأيام خلت