الحياة و العمل و الإحباط و الأمل

هل نحن نعمل من أجل أن نعيش أم نعيش من أجل أن نعمل ؟؟ هذا هو السؤال المفصلي الذي في تقديري يجعل الفارق بين الإنسان كونه إنسان و بين كونه آله بيد غيره.
عندما قررت مراجعة فصول حياتي منذ بضعة سنوات مستعينا بالذاكرة و بالإحساس و بالأمانه الداخلية، إكتشفت أن جل ذلك العمر و أجمل أيامه قد قضيته في العمل لأجل تحقيق أحلام لم تكن أحلامي، ففي حين كنت الشاب المثابر الذي يتحدى الصعاب من أجل إنجاح مجهود ما و في حين آخر كنت الموظف المثالي الذي يجد الحلول للمشاكل و الصعاب.
ليس عيبا أن يكون الإنسان سببا في إسعاد الآخرين و تحقيق أحلامهم، و لكن المشكلة تكمن عندما يصحو ذلك الإنسان ليكتشف أنه لا يملك حلم و لا هدف من الحياة و لا يعي المعنى الحقيقي لما يمكن أن تقدمة الحياة له من تجارب فيها من الشعور بالرضى الشئ الكثير.
إذا هل يبقى ذلك الإنسان حبيس محيطه و عبدا للإحباط و الركون للقدر الذي لا يجد فيه سعادة، أم يقرر التغيير و التجديد و البحث عن ما يمكن أن يجعل لحياته طعم و معنى و قيمة بعيدا عن إتباع الديباجات التي تناقلها المجتمع و زرعت في عقولنا ظلما و بهتانا، و التي لا تريح الإنسان الذي رضي أن يحيا قنوع منتظرا ذلك الكنزا الذي لا يفنى.
في السعي نحو تحقيق الحلم الشخصي أو السعي نحو خوض التجارب التي نريد قد يقف أمامها شعور ورثناه من محيطنا المحبط، فكلمة حلم في عقلية الكثيرين منا هي مرادفه للمستحيل و بالتالي السعي نحوه ما هو إلا ضرب من ضروب عمل المجانين و الخارجين عن المنطق و العقل، بينما في واقع الأمر تبين لي أن كلمة الحلم ترادف في معناها إكتشاف إنسانيتنا، و بالتالي فإن العمل نحو البحث عن ذلك الحلم ما هو إلا إحتفالية حقيقة منا كبشر بإنسانيتنا و قدرتنا في إكتشاف أقصى ما يمكن لنا تحقيقه.
مشكلتنا أننا نحيط أنفسنا بأشخاص محبطين فنصبح مع الوقت مثلهم لا نعيش إلا من أجلهم و إن كنا في ذلك نعتقد أننا نسعى من أجل نفسنا.
إن أول خطوة في طريق إكتشافنا لأحلامنا هي أن نكتشف ذاتنا دون رتوش واضعين أمام أعيننا كل الإحتمالات الإيجابية و تلك السلبية مستعينين في ذلك بالأنا الداخلية و التي يجب أن تكون المحرك الوحيد في هذه الرحلة الإستكشافية الداخلية، حيث أن التفكير بعقل موجه في بيئة كتلك التي نعيش فيها لن تأدي لأي تغيير و لا تبديل مالم تستطع أن تتجاوز كل تلك المحبطات و المحددات و النظرات التي وهبها الله البصر و لكنها لم تستطع أن تتصالح مع بصيرتها.
أكتب هذه الحروف و لم يتبقى على إنتقالي لدولة قطر إلا ساعات قليلة، حيث قررت أن أبحث عن تحقيق بعض تلك الأحلام في أرض تتميز بأنها تتفائل بالمستقبل و لا تحزن كثيرا على الماضي، كما أنها دولة تتطلع للقادم من الأيام دون أن تعيقها أخفاقات قد تكون حكمتها في الماضي، فهي تتعلم من أجل التطور و التقدم لا من أجل تمكين نفسها من الصمود و العيش وفق منطق الكرامة المتوارث، فالموت مع الجماعة كما يقول المحبطون رحمة، و أنا أقول الحياة مع أمل الغد المشرق أرحم مليون مرة.


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

17 responses to “الحياة و العمل و الإحباط و الأمل”

  1. زوزة

    اني اشعر بالاحباط وليس اي هدف لي اعيش من اجله وافكر بالانتحار الحياة اصبحت رحلة ليس بها اي طعم حلو ابحث عن شي يغير حياتي ولكن دون جدوى

  2. Burton Haynes

    I just want to say I am just beginner to blogs and certainly savored this website. Most likely I’m going to bookmark your blog post . You certainly have remarkable well written articles. Thank you for sharing with us your web page.

  3. العنود

    اليوم ٢١ نوفمبر ٢٠١١
    الساعة ٦ وربع بتوقيت جرينتش ..
    السؤال :
    بعد قرابة ١٠ اشهر من انتقالك الى قطر و سعيك لتحقيق احلامك .. هل تحقق بعض منها. ؟؟..
    او هل هي في طور التحقيق ؟؟..
    او هل وجدت مركازها و بدات في التحقق ؟؟..
    🙂

  4. sa56

    من اروع ماقرات
    تمنيت ان المقال لاينتهي

  5. لولو

    اتمنى لك التوفيق من كل قلبي مع انها جت متاخرة ظروف الانترنت والاجازة

  6. Hroofi.com

    رائعة ، أسمح بنقل “مشكلتنا أننا نحيط أنفسنا بأشخاص محبطين فنصبح مع الوقت مثلهم لا نعيش إلا من أجلهم ” ، سوف أرسلها لجميع متابعيني في تويتر باسمك طبعا :).
    مشكلة كبيره، المجتمع بشكلة الحالي يفرض علينا اوضاع مهنية وعملية صعبة للغاية، الوقوف في وجهها يتطلب شجاعة ذاتية، وصراحة مع النفس قبل الاخرين. يوم ان نحب انفسنا ونصالحها نتمنى لها الافضل، ويوم نكرهها نجعل الاخرين يرسمون لها مايريدونه في ظل غياب الانا .
    احيانا اشعر بالحزن لمواقف مشابهه ، مثل عجز بعضهم عن العمل في وظائف متدنية رغم رغبتهم ومحبتهم لها، بسبب الحدود الفكرية التي يضعها الناس حول من نحن ، وماذا يجب ان نكون، حين يصنفون ماهو جيد وماهو سيء، ضمن مبادئهم واعتقاداتهم الميته والتي لايستطيعون الخروج عنها.
    اعرف واحدة من صديقاتي كانت تدرس معي، من ام بريطانية، تزور امها هناك باستمرار، لم تستطع العيش هنا بسلام مع نفسها ، من حولها يضعها في اسلوب ضيق يتخطى احلامها ، لم تستطع تحقيق التوافق فانتقلت الى الامارات ،وبدأت حياتها من جديد، تشعر بسعادة غامرة هناك الان.
    اتمنى لك السعاده أيضا .

  7. حنان

    ربي يوفقك وين ماكنت

  8. ليلى

    “مشكلتنا أننا نحيط أنفسنا بأشخاص محبطين فنصبح مع الوقت مثلهم لا نعيش إلا من أجلهم و إن كنا في ذلك نعتقد أننا نسعى من أجل نفسنا.”
    صدقت .

  9. فهد العتيق

    بالتوفيق ان شاء الله
    والزيارة قريبة بإذن لله

  10. مارون جلاسيه

    سنراك على القمة في اي مكان ستذهب اليه 🙂
    كن بخير ..

  11. حلم..

    تدونية رائعة …..
    لا حياة مع المستحيل ولا مستحيل مع الحياة …
    أتعلم ماالخطاء الذي يقع فيه أغلبنا أننا نستمع للمحبطين لمن يشاهدون الحياة على أنها مصيبة …
    وليس خطاء أن نكتشف أخطاء وقعنا بها بقصد أو دون قصد حتى بعد مضي السنوات …
    ما أصعب أن نعمل لغيرنا وننسى أهدافنا …
    علمتني تدوينتك الكثير…
    وفقك الله وباءذن الله يكون قرارك صحيح …

  12. REEMO

    أنا أؤمن بأن الحياة فرص..والحياة مادمنا نعيش بها ونحيا فهي( الأمل )..التوقف عند محطة والبقاء فيها رغم أنها بعيدة عن الهدف هي نقطة الانتحار البطيء..فالبقاء مع المحبطين موت حقيقي .. كم هو جميل أن نقف مع أنفسنا ونعيد شريط الذكريات ..ونتأخذ القرارات وإن كانت قرارات جريئة وحاسمة وصعبة ،، وقاسية ،، في ظاهرها ..ولكنها ولكنها بالحقيقة ماهي الا جولة بالحياة نتيجتها أننا كسبنا أنفسنا.. وتحدينا ذواتنا..فكل منا يعرف ماذا يريد!! ويعرف كذلك إمكانياته.. وحدود قدراته .. فلا نركن للآخرين ليضعونا بالمكان الذي أرادوه هم لنا،، بل نبحث عن مكان يستحق ما نملكه من مواهب وقدرات ،،فالإنسان هو وحده القادر على قراءه ذاته ،،
    أخي الأستاذ ياسر/ خطواتكـ رائعة ،، يعجبني حماسكـ وثقتكـ بنفسكـ ، أسأل الله أن يوفقكـ ويكلل دربكـ النجاح ،، دعواتي لكـ بالتوفيق والنجاح..

  13. rawan

    سعادة واحلام محققة اتمناها لك في :} دوحة قطر

  14. ريـم

    تدوينة لذيذة 😉
    الله ينولك مناك ومبتغاك ،،
    كل التوفيق يارب 🙂

  15. مَـددْ

    جميل أن نتصالح مع أنفسنا لنصل إلى مانريد ونحلم أن نكون عليه..
    شكراً على كم التفاؤل هنا .. حقق الله أمانيك

  16. Tweets that mention الحياة و العمل و الإحباط و الأمل -- Topsy.com

    […] This post was mentioned on Twitter by Azzam AlKhozaiym, Yasser Alghaslan and AllBlogs, Yasser Alghaslan . Yasser Alghaslan said: تدوينة جديدة: الحياة و العمل و الإحباط و الأمل http://wp.me/plzT0-Gw […]

  17. عبدالرحمن المقرن

    تدوينة رائعة عزيزي ياسر، أسجل إعجابي وموافقتي لك.
    درب السلامة ودمت ناجحا حيثما كنت.

اترك تعليقاً