المقال منشور في جريدة الإقتصادية: هناك أشخاص تشعر بأنهم ”سبام” من كثرة ما يشغلون محيطك بالمعلومات والبيانات التي لا تعنيك في شيء ولا تهمك إطلاقا، وهناك آخرون تتمنى أن يبتكر لهم ”هاش تاغ” لتلجم ألسنتهم وتحد من كثرة تصريحاتهم وتعليقاتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان.
في المقابل هنا من تتمنى أن يكون ”لايك” على الدوام من جمال ما ينتجه لنا من أفكار وكلمات وحكم فريدة تماما كما البعض الذي لن تتوانى في أن تجعله للأبد عضوا في مجموعتكم في الـ ”بي بي” لما يضيفه لك من تواصل يجعل نهارك، وإن طال، مفعما بالمعرفة الإخبارية الدقيقة والبعيدة عن الشائعة وهرطقاتها.
أصبحنا نعيش اليوم في عالم لم نعد نرى الناس من حولنا إلا بمدى ارتباطهم بالعالم الافتراضي حتى أصبحنا نملك أصحابا افتراضيين ربما أكثر من هؤلاء الذين نجلس معهم في الاستراحة أو نلتقيهم في المناسبات العامة أو نلتقيهم مصادفة في الأسواق، وهو عالم ليس جله شرا كما يحاول أن يصوره هؤلاء البعض من الناقمين على كل جديد، فهؤلاء الرجال والنساء الذين تعرفنا عليهم في ذلك العالم الافتراضي الكبير قد حولوا كثيرا منا من أشخاص منغلقين على ثقافة أحادية اللون إلى ما يمكن اعتباره احتفالية لونية في مخيلتنا، وبالتالي استنهاض ملكة التفكير والتحليل والتعبير والعيش كإنسان فعال في مجتمع لا يبنى إلا من خلال تفاعلات عقول أبنائه.
لم يعد ذلك المراهق ابن الـ 16 في تجلياته الشبابية محصورا وأسيرا في لعبة كرة القدم بل أصبح بطلا منقذا للأرواح من غرق مدينة بحجم جدة، فكم من شاب تحرك عبر ”تويتر” و”فيس بوك”؛ ليمتطي الشجاعة ويذهب ليقوم بدوره البطولي مثله مثل بواسل الدفاع المدني وجنود الأمن، وكم من سيدة أربعينية أصبحت تتعامل مع ابنتها كصديقة تضع لها ”شير” لأغنية لماجد المهندس في الصباح، بينما تضع لها في المساء حكمة للشيخ ”عايض القرني” تلحقها بـ ”كومنت” تقول فيه ”كم أنت جميلة يا صغيرتي”.
لدي صديق لم ألتقه من سنوات حتى كاد العقل الباطن ينساه تماما فعاد في عالمي عبر هذا الفضاء المخيف والجميل إلى مكون رئيس وأصبحت أعرف عنه أكثر مما أعرفه عن أقرب زملائي في العمل، فإعادة ترتيب العلاقات أصبحت اليوم تتجلى على مدار الساعة عند الملايين ممن قرروا أن يكون الفضاء الافتراضي جزءا من حياتهم اختيارا عند البعض وتلقائيا لدى الأغلبية.
أستغرب أن يناديني أحدهم في هذا الفضاء بـ ”أستاذ ياسر” إلا أني بعد لحظات أستدرك أنه عالم مواز لعالمنا الحقيقي، فالفروق السنية لم تمسح وإن كنا خلف ”كيبوردات”، فذلك لا يغير أن البعض ما زال يلتزم بالآداب العام واحترام من يكبره في السن، كما أني أحاول أن أبين أني لا أحمل درجة الدكتوراه كما يرى البعض، فربما صورة ”بروفايلي” تخدع الناظر وتخلق واقعا غير حقيقي لدى عقول بعض الأصدقاء ممن نتعرف عليهم مع مرور الدقائق، في المقابل هناك ”سبامات” الإنترنت الذين لا يستحقون منا إلا كل ”بلوك”، فمن لا يفقه أن هذا الفضاء له أخلاقياته هو الآخر لا يستحق أن يتواصل معنا، لأننا كما في حياتنا الطبيعية التي نتجاهل فيها طفيليات المجتمع فإننا في هذا الفضاء الإلكتروني لا نتوانى من عمل عملية ”ديليت” لكل أوجه التطفل الكلامي واللفظي المريض المفرغ من أي معنى وقيمة سوى من بعض صيحات المرضى نفسيا.
كل ما أتمناه ألا أصبح في يوم ”هاش تاغ” وإن أصبحت فأتمنى ألا يكون ذلك الذي يجعل منى ”مهشم داخ” وإن قرر أحدهم أني أصبحت بالنسبة له ”سبام” فأرجو أن يراجع نفسه فقد يكون قد اعتقد أني من أتباع هواه فأخطأ في اعتقاده، وإن دارت الأيام ووجدت أني ”لايك” للبعض فأتمنى أن أكون ذلك في شيء هو انعكاس حقيقي لمن أنا لا انعكاس لتصوره هو فيني، وإن (حدت الدنيا) أحدهم وعمل لي ”ديليت” فكل رجائي ألا يعود ويعمل لي ”فولو” ويطلب مني أعمل له ”فولو باك”.
I simply want to tell you that I am all new to blogging and honestly loved this web-site. Most likely I’m going to bookmark your blog post . You actually have terrific articles. Thank you for sharing with us your website page.