لا شك أن كثيرون مثلي إنتبهوا أن أهم الجماعات السياسية العسكرية التي تتحرك في الدول العربية ذات الدعم الإيراني جميعها تبدأ بحرف الحاء، فهناك حزب الله في لبنان وحماس في الأراضي الفلسطينية المحتلة والحوثي في اليمن والحشد الشعبي في العراق، وهي كلها أجهزة منظمة تنظيماً سياسياً وعسكرياً يشبه تماماً تنظيم الحكومات والجماعات الحاكمة، فلها قيادات أمنية وعسكرية وشخصيات سياسية ودبلوماسية وإدارات وهيئات مالية وإعلامية واجتماعية، تعمل على أساس فرض أجندتها السياسية الساعية للسيطرة والحكم أو التأثير على الحكم بشكل مطلق في الدولة التي يتحركون ضمن حدودها.
قد يتبادر لذهن القارئ الكريم أن السر الذي تحدثت عنه في العنوان سيكون أمراً إكتشفته أو اكشف لاول مرة، إلا أن السر في حقيقته يكمن في رؤية وموقف كل واحد منكم من هذه الجماعات والتي من طرفي لا أجد في قناعاتي أي تعاطف معها لأسباب لا تتعلق فقط بالجانب السياسي والإستراتيجي، بل لاني لا أتفق مع رؤية أي جماعة سياسية يكون منهجها في العمل السياسي مبنياً على أساس احتكار الدين واعتبار تفسيراتهم له هي الحق الوحيد، كما أني لا أؤمن بأن العمل السياسي يكون منطلقه طائفي فاشي يقسم المجتمع بين النحن والهم، وهي أسس يمكن أن تكون الجامع المشترك بين جل الأحزاب والتكوينات السياسية الدينية.
سر حرف الحاء في أسماء هذه الجماعات يمكن أن نكتشفه في البدء في موقف المؤدين لهم، فهم جميعاً يرون في هذه الجماعات أنها تستنهض مواقفها من (حب) القضية التي يؤمنون بها ويدافعون عنها ضد الأعداء، وأنها تدافع عن(حق) الشعوب والأتباع في الحصول على (الحقوق) التي تم سلبها من أنظمة قمعتهم أو أعداء يحيطون يهددونهم أو محتل مغتصب سلب أرضهم وحطم(حلم) الاستقلال والكرامة.
يؤمنون بأن الحركة والحزب والجماعة والحشد هم من يملكون مفاتيح (حسم) المواقف والمعارك بفضل إيمانهم بأن استرداد ما سلب منهم يكون بفرض الـ(حكم) بالقوة وبالـ(حزم)، فالمهادنة والدبلوماسية أدوات لا يستجديها إلا الضعفاء، كما أن تلك الجماعات هي التجسيد العملي لمعنى (الحمى) الذي به يعيش الناس وتبني الدول وتزدهر الشعوب بقيادات رجال يقودون الشعوب بـ(حنان) في حين يبقون مدى الدهر في عين الشرفاء (الحصن) المنيع للأمة.
في الطرف الآخر عند معارضيهم يعني حرف الحاء النقيض لتلك المعاني السامية التي يؤمن بها الأتباع، فتلك الجماعات هي منبع الـ(حروب) والدمار والقتل على الهوية، وهي التي تهدد الـ(حدود) في كل مكان وطأت قواتهم وتمددت فيها فيالقهم و انتشر في جنباته زبانيتهم الذين لا يعترفون بالوطن باعتبارها (حاضنة) الجميع.
هم في عين خصومهم (حجر) عثرة لكل أسباب التقدم والإزدهار والمعطل الأول لـ(حياة) كريمة لكل أبناء الوطن، يجتمعون ليخططون من أجل تحقيق (حتف) المخالفين وزرع الـ(حقد) في كل مكان ونشر الـ(حزن) في الصغير قبل الكبير لكي لا يكون هناك أمل في غد أفضل قوي و (حيوي) يجتمع كل أبناء الوطن تحت جناحه.
يعملون كـ(حليف) للشيطان في الأرض، فلا يرشدون الناس نحو الخلاص بل يدفعونهم جميعاً بالـ(حصار) نحو الهاوية، فلا يبقى منهم شيء للذكرى سوى مآسي و(حطام).
سر الحرف حاء يكمن في المصادفة ربما ولكن ضمن معاني هذا الحرف تكم معاني عديدة لا يمكن أن يتفق حولها الجميع، فالخصم لا يرى الحرف كما يراه خصمه، والجماعات التي تحمل هذا الحرف الـ(حارق) تمضي وتقتات على هذا الاختلاف، فلا هي التي (حررت) كما تدعي ولا هي التي وحدها (حرقت) الأرض واليابس كما تُتهم.