عام المحتج

المقال منشور في جريدة الإقتصادية: تابع المهتمون بالشأن الإعلامي والسياسي يوم الخميس الماضي القرار الذي اتخذه مجموعة من الصحافيين العاملين في مجلة “تايم” الشهيرة حيال شخصية المجلة لهذا العام، التي وقعت على شخصية (المحتج) الذي يرمز إلى الشعوب التي ثارت على طغيان أنظمتها السياسية حول
العالم ابتداء من تونس، مرورا بمصر وليبيا وانتهاء برجل الشارع الأمريكي في حركة “احتلوا وول ستريت” ومحتجي موسكو.

اليوم سأقوم بسرد شبه تاريخي لأهم المحطات لهذا الاختيار الصحافي الذي ربما يتجاوز حدوده المهنية وهو ما نراه في الغلاف مثلا، والذي دائما ما يكون عملا فنيا في حد ذاته يحوي ما يحويه من إشارات رمزية سياسية باطنة أو لونية واضحة ظهرت هذا العام على هيئة صورة مرسومة لشاب يغطي فمه وأنفه بوشاح تخفي قلنسوة شعره معتمد لونية ركيزتها الأحمر والبرتقالي في إشارة لألوان الدم والأرض أو التضحية والوطن.

اختيار المجلة لشخصية “المحتج” أتى استنادا لكونه تمكن من خلال التضحية بنفسه بأن أعاد تعريف سلطة الشعب حول العالم، كما أن محرر المجلة ريك ستينغل قال في معرض توضيحه لأسبابا الاختيار (إن المحتجين جسدوا فكرة أن العمل الفردي قادر على إحداث تغيير جماعي شامل).

المجلة اختارت كذلك كل من الأدميرال ويليام ماكريفين قائد الغارة الأمريكية التي أدت إلى مقتل أسامة بن لادن في باكستان، والمعارض الصيني “آي وي وي” الذي أثار اعتقال السلطات الصينية له هذا العام استنكارا عالميا، في خيارين من الواضح أن لهما أسبابا ترويجية سياسية أمريكية كما الحال في معظم الحالات التي تتقاطع فيها المهنية الصحافية مع المتطلبات الدعاية، والتي قامت وتقوم به وسائل الإعلام الأمريكية بين الحين والآخر.

لم تكن المرة الأولى التي تختار فيها المجلة لشخصية العام شخصية رمزية كتلك التي اختيرت هذا العام، بل سبق أن قامت باختيار في عام 1950 شخصية “الرجل الأمريكي المحارب”، إضافة إلى شخصية “الطبقة الوسطى الأمريكية” في عام 1970، التي عرفت بدورها فيما بعد بالأغلبية الصامتة، وفي عام 1975 اختارت المجلة شخصية “المرأة الأمريكية”، وشخصية “الجندي الأمريكي” في عام 2003، وهو العام التي اجتاحت فيه الجيوش الأمريكية العراق، كما أن المجلة لم تكن اختياراتها دائما تركز على شخصيات إيجابية أو ذات تأثير إيجابي على المجتمعات أو السياسة أو التاريخ، حيث اختارت عام 1938 الديكتاتور الألماني أدولف هتلر كشخصية العام تبعتها في عام 1943 باختيارها الرئيس السوفياتي الأسبق جوزيف ستالين، الذي عرف كذلك بارتكاب مجازر جماعية في عدد من الجمهوريات السوفياتية السابقة.

ومنذ أن بدأت المجلة باختيار شخصية العام عام 1927 اختارت عديدا من الرؤساء والقادة من حول العالم، من بينهم المغفور له بإذن الله – الملك فيصل بن عبد العزيز – رحمه الله – وذلك عام 1974، إضافة إلى الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات عام 1977، وآية الله الخميني قائد الثورة الإيرانية عام 1979 إلى جانب عدد من الرؤساء الأمريكيين الذين من بينهم من تم اختياره لأكثر من مرة من أمثال الرئيس بوش الابن وريجان وكلينتون.

الإعلام وتقنياته ورجاله كذلك لم يغيبوا كشخصيات العام باعتبارهم فعاليات مؤثرة في العالم، فقد اختارت المجلة خلال مسيرتها الطويلة كل من “الكمبيوتر” باعتباره الثورة التكنولوجية الجديدة التي ستغير العالم وذلك عام 1982، ومؤسس شبكة “سي إن إن” التلفزيونية “تيد تيرنر” كشخصية العام لعام 1991 بعد النجاح الذي لم يسبقه إليه أحد في نقل شبكته الإخبارية حرب تحرير الكويت للمتلقي على الهواء مباشرة، وفي عام 2006 تم اختيار شخصية العام التي سميت “أنت” إشارة للفرد المستخدم للإنترنت وشبكات التدوين والتواصل والبث الفيلمي، حيث كانت الصورة المرافقة لشخصية العام شاشة لمشغل أفلام موقع اليوتيوب، في حين كانت شخصية العام الماضي 2010 هو مؤسس موقع فيسبوك “مارك زوكربيرج” الذي نافس بشدة وصيفه رجل الإعلام الآخر “جوليان أسانج” مؤسس موقع ويكيليكس.


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

3 responses to “عام المحتج”

  1. Gregory Despain

    I just want to mention I am newbie to blogs and honestly loved this web site. More than likely I’m planning to bookmark your blog . You actually have amazing well written articles. Appreciate it for sharing your blog site.

  2. ليان

    الموضوع حقيقي تحفه لك مني اجمل تحيه

  3. نهي

    ثقافة الهزيمة.. عصابة البقرة الضاحكة 5‏

    شركة «الأجنحة البيضاء» في عام 1986 شهد بداية تردد أسم الشركة في الحياة العامة، عندما قام (علوي حافظ) عضو مجلس الشعب بتقديم طلب أحاطة عن الفساد في مصر، مستنداً في جزء منه إلى أتهامات خاصة، وردت في كتاب “الحجاب”
    VEIL
    للكاتب الصحفي الأمريكي (بوب ودوورد)، وكشف حافظ عن تورط أسماء داخل النظام الحاكم فى صفقات بيع وشراء الأسلحة من الخارج “، ووثائق تتحدث عن صفقة أسلحة تم الحديث عنها داخل الكونجرس الأمريكي، حيث تحدث سيناتور داخل أحدى جلسات الكونجرس عن تأسيس مجموعة من العسكريين المصريين لشركة تدعى الأجنحة البيضاء لشراء الأسلحة من الولايات المتحدة بعمولات كبيرة.

    أما أخطر هذة الوثائق هو ما كشف عنه التقرير النهائي للكونجرس والتى أكدت ان المفاوض المصرى لم يكن أبدا يعمل لصالح مصر بل لصالح عصابه سميت فورونجز، وأنه يجب محاكمته بتهمة الخيانة العظمى فى حق وطنه وصالح شعبه…باقى المقال فى الرابط التالى
    http://www.ouregypt.us
    و أقول بالنهاية هذا المقال يستحق القراءة فهو يجعلك تفكر كأنك قرأت كتابا دسما.

اترك تعليقاً