ماذا ينقص الإعلام العربي كي ينافس نظيره الغربي؟

بقلم: فيصل عباس*

أود أن استطرد في مناقشة فكرة معينة ناقشها معي الأخ ياسر في الحوار الذي أجريناه في لندن، وهي فكرة مدى قدرة الإعلام العربي على المنافسة، حيث قلنا أولا انه ليس مطلوبا من الإعلام العربي أن ينافس نظيره الأجنبي، وتحدثنا لاحقا عن غياب 3 عناصر أساسية: هي اللغة والتخصص وهامش اكبر من الحرية.

البعض رد بالقول ان “نجاح” قناة الجزيرة يثبت ان
الإعلام العربي بالفعل قادر على المنافسة عالميا، وان نجاح كتاب عرب مثل نجيب محفوظ يثبت اننا قادرون على تخطي حواجز اللغة والفوز بجوائز عالمية مثل نوبل.

أولا، اعتقد انه من المسيء للمبدع الكبير نجيب محفوظ ان نربط بين أعماله وبين ما تبثه قناة “الجزيرة”، عموما هناك فرق شاسع بين العمل الإعلامي الذي أتحدث عنه وبين الكتابة الأدبية، التي أعترف أنني لا أفقه في أصولها.

ثانيا، انا لا انكر على قناة “الجزيرة” تحولها بالفعل إلى أيقونة عالمية، ولكن في أي سياق؟ إنها للأسف قناة ترمز للإرهاب في عقول الكثيرين بالغرب، ذلك لأنهم يعتبرون أنها لا شيء سوى “منصة” لبث أشرطة التنظيمات الإرهابية، ولا يقيمون أي اعتبار لأي جهد آخر تبذله أو بذلته هذه القناة.

أنا أتحدث بعيدا عن أي رأي سياسي، ومن منطلق إعلامي بحت، فالأصل في الصحافة ان يبحث الصحافي عن المعلومة وليس ان يتحول الى “بوق” في لأي تنظيم، مهما كان.

ثم ان هذا “النجاح” المفترض ومهما كان رأينا فيه يثبت وجهة نظري، فما قلته في حواري مع الاستاذ ياسر هو أنه في وقت ومكان ما، يتوقف الإعلام المحترف عن التفكير بالمنافسة ويبدي استعداد للنقل عن حتى اشد منافسيه اذا كان لدى الأخير معلومة او خبر تفيد قارئ او مشاهد الأول… لأن الأساس يجب أن لا يكون “هوسا” بالعالمية أو الشهرة ولكن فقط خدمة المتلقي بأفضل شكل ممكن.

لذلك تجد الإعلام الأميركي لا يجد حرجا في النقل عن “العربية” او “الجزيرة” عندما يستدعي الأمر، وذلك يكون عندما تحصل هذه القنوات على خبر او صورة حصرية متعلقة بموضوع يهم الاعلام الأميركي، الذي يخدم بطبيعة الحال المتلقي الأميركي.

لا بل أزيدكم من الشعر بيتا، فباعتبار أن القنوات العربية ليست منافسة مباشرة لنظيراتها الأميركية، أؤكد لكم أنني رأيت بنفسي النيويورك تايمز تنقل عن الواشنطن بوست أكثر من مرة، والعكس صحيح.

وهنا تكمن نظريتي وهي أن المطلوب من الاعلام التوقف عن التفكير بمنافسة الإعلام الأجنبي ذلك لأنه بحكم اختلاف جمهور كل منهما فإن المنافسة ستكون في غير محلها… فأهل مكة أدرى بشعابها، وأهل شيكاغو أعلم بغيتوهاتها.

كل ذلك إذا أردنا الحديث عن الإعلام كقطاع، اما على الصعيد الشخصي، أي ما الذي ينقص الإعلاميين العرب كأفراد كي ينافسوا عالميا، والمقصود أن ينافسوا في “السوق العالمي” ككفاءات قابلة للتوظيف في مؤسسات إعلامية أجنبية، فهنا لا بد من الحديث عن النقاط الثلاث: اللغة والتخصص وهامش الحرية.

لا بد من التحدث بالانجليزية (أو على الأقل لغة أجنبية أخرى) إضافة إلى العربية، ولا بد من التخصص (في مجال إعلامي معين: الاقتصاد، البيئة، السياسة..الخ)، ولا بد من أن يكون الصحافي متمتعا بهامش كبير من الحرية (لأن القيود تقتل الابداع وتجعل جميع القصص تبدو متشابهة).

هذا يفسر لماذا يلمع كثير من الصحافيين العراقيين حاليا في الصحافة الغربية، فمع الطلب الكبير حاليا على القصص من العراق بحكم الوجود الأميركي والبريطانية، تجد اسماء محلية مثل “غيث عبد الأحد” تلمع.

* محرر الإعلام بجريدة “الشرق الأوسط” – خاص بمدونة ياسر الغسلان


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

10 responses to “ماذا ينقص الإعلام العربي كي ينافس نظيره الغربي؟”

  1. Andrew Pelt

    I just want to mention I am newbie to weblog and definitely enjoyed you’re blog. Very likely I’m going to bookmark your website . You actually have outstanding stories. Kudos for sharing with us your blog site.

  2. ساري

    بيت القصيد في نجاح الاعلام العربي هو الحريه
    اذا كان مؤسسات لها ثقلها مثل الجزيره والعربيه تراهم يوم يتم غلق مكاتبهم في بعض العواصم العربيه لسبب تافه انتم ادرى مني لماذا , فما بالك اذا تجرأ صحفي وحب يكتب مقال يقول فيه الحقيقه ماذا تتوقعون ان يحصل له.. الاجابه عندكم .
    اذا كان على مستوى الشعراء اذا لم يكتب ويمجد بفلان او علان من الزعماء يتم استدعاءه
    ويتم الطلب منه بعدم الكتابه عن اية موضوع حتى لوكان عن الرياضه وهذا ما يحصل فعلا والباقي عندكم

  3. فيصل عباس

    عزيزي ياسر، كلامك صحيح ولكن دعني “اقولب” ما ذكرت في سياق ما تحدثنا به سابقا…

    انت تقول ان السبيل الوحيد للاعلام العربي لمنافسة الاعلام الغربي هو انتاج محتوى جيد ينقلها عنط الاعلام الغربي ، انا اختلف معك فقط في كلمة منافسة، ففي هذه الحالة الامر ليس منافسة بل تكامل.. لان الاعلام الغربي لن يأخذ عنك سوى ما ينقصه، وفي المجال الذي يهمه… بغض النظر عن اللغة وبناء فقط على اهمية الحدث (رسوم كاريكتيرية، شريط بن لادن.. الخ)

    هنا اشدد على ان ما يجري في هذه الحالة هو تكامل وليس تنافس، ولا يمكن ان يكون تنافس،
    وللتحدث بمصطلحات تسويقية بحتة، فإن الtarget marget الخاص بالبي بي سي يختلف عن السوق الذي تتوجه اليه قناة ابو ظبي مثلا… فهما يتنافسان على جمهورين مختلفين…

    لكن عندما تكون هناك “متافسة” حقيقية، بمعنى ان تخلق قناة برأس مال عربي نافس البي بي سي او السي ان ان في سوقها، كما هو الحال مع مشروع قناة الجزيرة الانجليزية مثلا، فهذا امر مختلف تماما… وهنا لا بد من الاهتمام بثلاثية اللغة والتخصص وحرية التعبير.

    الجزيرة الانجليزية استطاعت تجاوز حاجز اللغة، وتبقى الاسئلة حول “تخصصها” (بمعنى ماذا ستقدم من محتوى لا تجده سوى عليها) وايضا هناك مسألة حرية التعبير، فهل تجرؤ مثلا على معالجة موضوع قطري كما تعالجه سي ان ان او بي بي سي… فلنشاهد سويا

    تبقى نقطة الاعلاميين كافراد وقدرتهم على المنافسة في سوق دولي، وهي ايضا مرتبطة بنفس الثلاثية

  4. مثقف عربي

    قناة الجزيرة . . نقلة نوعية في الإعلام العربي . . بغض النظر هل كان عندها تحيز مع قضايا ذات اهتمام شعبي . .

    لكن تبقى لها مهنيتها العالية . . و قدرتها على إزعاج المارد الأمريكي . .

    اتفق معك تماما نحتاج إلى التخصص . .

  5. ياسر الغسلان

    أعتقد بأن منافسه الإعلام العربي للإعلام الغربي وفق فرضيتي هي في خلق و إنتاج محتوى متميز و إنفرادي و خبري، و بناء على هذه الفرضية فإن مسألة اللغة كعامل رئيسي متطلب للمنافسة عالميا تكون غير ضرورية نظرا لكون المحتوى هو الأساس بصرف النظر عن القالب اللغوي الذي كتبت فيه أول مرة، و لعل قصصا فجرها إعلام غير إنجليزي مثلا كان لها الأثر الأعم على مستوى العالم كما فعلت (الكاريكاتيرات الدنماركية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه و سلم) أو كما فعلت المشاهد الحصرية لبن لادن التي بثتها الجزيرة بصرف النظر عن الموقف السياسي تجاهها فهي تعد إنفرادا و سبقا صحفيا عربيا في اللغة و في الوسيلة.
    ضرورة التحدث بلغة إضافية هي مسألة ضرورية دون شك ، و لكن تكمن الأهمية في كون ذلك سيساعد الصحفي و الإعلامي على القدرة في إستقاء المعلومات من مصادر مختلفه و هو ما سيزيد من إدراكه للعالم من حوله بشكل أعم و بالتالي سيصبح صحفي أكثر قدره على كتابه مواد متكاملة العناصر و متضمنة معلومات من هنا و من هناك.
    تحياتي

  6. ysoof

    رغم إني لست إلا مجرد قارئ وما أعرف وش يطبخون الإعلام فيه ،، لكني إنبسطت من مقالتك ،، خصوصا إن إعلامنا مسيس مثل الإعتذار اللي صار بعد سنتين 😀

    حياك بيننا ،، وشكرا ياسر 🙂

  7. نورة

    نعم لاننكر وجودة الضعف من ناحية اللغة والتخصص وقلة الخبرة في الإعلاميين العرب ,
    ولكن من وجهة نظري أن الإعلام العربي وخصوصاً المرئي ( الجزيرة والعربية على سبيل المثال)
    قفز في السنوات الأخيرة وتطور تطورات هائلة في جميع النواحي من السبق الإعلامي إلى
    سرعة نقل الخبر ومن أرض الحدث وإدراج التفاصيل بشكل أكبر وتحديث الأخبار
    على مدار الساعة وماإلى ذلك خصوصاً بعد الحادي عشر من سبتمبر
    وتداعياتها من حربي افغانستان والعراق ..

    شكراً أستاذ ياسر .. وشكراً للكاتب الأستاذ فيصل ..

  8. فيصل عباس

    عزيزتي اسما، ازيدك من الشعر بيت… كثيرون في الصحف العربية لا يتقنون.. العربية.. اصلا ، فاعتقد اخسن ن”خليها على الله” !

    عزيزتي رويده، اتفق معك بان النظرة للقناة تختلف من شعب لآخر، وانا لا اسعى لاحاكم احدا… انما الحديث جاء في سياق السمعة العالمية … وفي النهاية اي قناة تصل لاربعين مليون شخص يوميا لا يمكن ان يقال عنها سوى انها ناجحة/ بغض النظر عن رأينا في محتواها.

  9. asma

    كلام سليم!
    العناصر الثلاثة للأسف لا تتوفر عند كثير من إعلاميينا!
    إذا افترضنا حتى الكتاب الصحفيين من المفترض أن يكون مستواهم يشمل الأسس أو العناصر الثلاثة فليس لدينا إعلام حقيقي!

    من الناحية اللغوية واجهت الكثير من المشاكل بحكم أن الأغلبية الذين يعملون في الصحف السعودية أجدهم لا يتقنون سوى العربية! ماذا عن التواصل الذي نريده بين الإعلامي العربي والإعلامي الغربي?

    التخصص أيضاً مشكلة أخرى واجهتها خلال عملي في الصحافة سابقاً.. بصفتي مراسلة وكاتبة كان من المحتم علي حضور مؤتمرات عالمية ومحلية في موسم المؤتمرات! وفي الموسم الصيفي أو السياحي أجد أنه من الواجب علي حضور الحفلات الفنية وافتتاحيات البرامج السياحية!!
    على أنني كنت ألتقي بمراسلين ومحررين متخصصين في مجال واحد فقط! وهذا ما وجدته في إحدى الحفلات الفنية حيث التقيت بمحرر صفحة الفن في جريدة ماليزية استغرب وجودي هناك أيضاً بعدما عرف أنني أحضر مؤتمر الدول عدم الانحياز!

    بقي هامش الحرية..
    ربما هو ما جعلني أبتعد عن الاعلام بشكل كبير!

    شكراً ياسر وفيصل 🙂

  10. رويده

    كلامك يا سيد فيصل عن الجزيرة ينطبق على كل وسائل الإعلام التي في اساسها تعمل وفق أجندة سياسية تؤمن بها، فالعربية مثلا تنتهج الخط الليبرالي و قناة فوكس هي القناة الرسمية للوطنيين الأمريكان و العنصرية البيضاء، و السي إن إن تخاطب العالم وفق اجندة سياسية تتكون من الفكر الغربي التوسعي وفق الأساس المادي.
    الجزيرة هي قناة يراها الغربيون و من يتبعهم من العرب على أنها قناة تروج للقاعده، بينما يراها القاعديون و من يتعاطف معهم أنها قناة صهيونية بإمتياز خصوصا و أنها القناة الأولى في تاريخ الإعلام العربي التي إستضافة و تستضيف بشكل مستمر متحدثين إسرائليين، كما انها قناة تجمع بين العاملين فيها عربا ينتمون لكل المدارس الفكرية الوضعية التي راجت في الماضي و تلك التي يبشر بها العالم اليوم، مع العلم أن الإسلاميين لا يشكلون من طاقمها سويا نسبة بسيطه.
    الجزيرة هي قناة اثبتت أنها ناجحه لأنها تواجدت في مكان الحدث، فتغطياتها للالمبياد و التسونامي و أحداث الشغب في افريقيا و التغطية الدائمة للعراق و الهند و الباكستان ، يشفع لها بأن تسمى ناجحه و لنعطي كل ذي حق حقه.

اترك تعليقاً