إعلام (لا تقربوا الصلاة)

من أكثر الأمور التي تستفزني وتشعرني بكثير من الغضب و الأسى هو قيام بعض وسائل الإعلام على نقل الأخبار بشكل إنتقائي بحيث يقوم الخبر أو المعلومة المنقوله بشكل إنتقائي على خدمة التوجه الذي تعمل عليه تلك الوسيلة أو تلك لترويجه أو الدفع بإتجاهه.

لا أتحدث هنا عن تلك الوسائل التي تختلق الأكاذيب وتنسج قصصا من وحي خيال كاتبها، بل تلك التي تنقل الأخبار على شاكلة (لا تقربوا الصلاة) اي من خلال إقتطاع جزء من حديث أو حادثه و القيام بتضخيم ذلك بشكل يجعل المتابع يعتقد أن الجزئية المنقولة هي الخبر كاملا، وهو عمل لا يمكن وصفه إلا بأنه تضليل.
تعدد وسائل الإعلام وتنوع توجهاتها ومنصاتها اليوم كفل للمتابع الراغب في معرفة الصورة الكاملة أن يتعرف على ذلك التضليل، فلا يمكن لأي وسيلة أن تستغفل المتابع اليوم على أساس أن تعدد الوسائل وبالتالي التوجهات ستحتم أن ينقل الخبر وإن كان إنتقائيا بأشكال مختلفه وبالتالي ربما لن نجد جهة واحدة تنقل لنا الحقيقة بشكلها المحايد الكامل ولكن تناقض النقولات بين تلك الوسائل سيكشف لنا إنتقائية كل وسيلة ومن تحاول أن تخدم أو تروج لصالحه.
للأسف ليس هناك اليوم بالمجمل إعلام محايد أو مهني أو حتى إعلام يهدف لنقل الحقيقة بقدر ما يوجد إعلام يعمل من أجل خدمة أهداف وجهات ومصالح معينة، فظهرت على السطح عبارات تتناقض مع مبادئ الإعلام كما درسناه في كليات الإعلام و كما مارسناه وتعلمناه ممن سبقونا في مجال الصحافة والتعبير ولكنها أصبحت هذه العبارات تروج بإعتبارها العمل المقدس للصحافة، كالقول بأن الإعلام له هدف أسمى غير هدفه الأسمى المتمثل في كشف الحقيقية أو خلق توصيفات جديدة للإعلام كـ “الإعلام الإيجابي” وغيرها من الأوصاف الرنانة المفرغة من المعنى الحقيقي لما هو العمل الإعلامي، علما أن من واجبات الإعلام الأساسية مراقبة المتجازوين وبالتالي فإن عمله هو الغوص في السلبيات و ليس الترويج لمن يقوم بعمله بالشكل المطلوب منه والتحول لمجرد وسيلة لتضخيم الأعمال لأجل بث الروح الإيجابية !
في أمريكا مثل نجد أنه من السهل معرفة توجه أي قناة تلفزيونية من مجرد متابعة نقلها لأخبار الرئيس ترامب، فعلى الرغم من الحرية الكبيرة التي يكفلها الدستور الأمريكي للإعلام إلا أن وجود الحرية لا يعني بالضرورة وجود مهنية و حيادية في النقل، ف قناة (سي إن إن) مثلا تعمل من “الحبة قبة” كما يقولون في كل مرة تلتقط معلومة نقلها الرئيس بشكل خاطئ ويبدأون في الترويج أن ذلك الخطأ هو دليل جديد على أن ترامب ا زال مستمرا في كذبه وتضليله للشعب الأمريكي، في حين تقوم قناة فوكس بتضخيم كل إنجاز يحققه ترامب و إعتبار ذلك عمل لم يسبقه أي رئيس في تاريخ أمريكا كما إعتاد ترامب ان يصف معظم إنجازاته.
الموضوع بطيعته طويل و متشعب و لكن أردت هنا فقط التعبير عن الفكرة لعلي أعود لها في القادم من الأيام بشكل أكثر توسعا.


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

اترك تعليقاً