غابت «شمس» فهل تشرق «الشرق»؟

المقال منشور في جريدة الإقتصادية: أتى قرار جريدة “شمس” التوقف عن الصدور ليعيد للواجهة إشكالية الصحافة الورقية والتحديات التي تواجه الناشرين تجاه المدى الإلكتروني من جهة وتجاه الدعم الإعلاني من جهة أخرى، مع عدم إغفال الجانب المتعلق بالتوزيع والترويج كأداتين أساسيتين لتنشيط الطلب على المنتج
الذي كما هو واضح يواجه صراعا في الهوية وأزمة منتصف العمل في أجواء من تزايد الطلب على المعلومة والمعرفة، ولكن عبر منصات أصبحت أقرب لطبيعة القارئ ومتطلباته كما يقول البعض.

سبق أن كتبت ثلاثة مقالات نشرت حينها في جريدة “البلاد” السعودية تحت عنوان (الصحافة الورقية.. حلول للبقاء) تحدثت فيها عن بعض الحلول العملية التي يجب أن تطبقها الصحف الورقية إذا ما أرادت الاستمرار في عملها كوسيلة إعلام جماهيري، وقد كان من أهم ما ذكرت حينها أن تحديد قطاع معين تقوم الصحيفة في خدمته يعد ركيزة أساسية للنجاح السوقي، وهو تماما ما طبقته “شمس” حينما اختارت أن تكون صحيفة مخصصة لشريحة الشباب الذين يشكلون النسبة الأكبر من مجتمعنا، إلا أن بحوث السوق تعد الركيزة الأساسية في إرشاد ودعم ذلك الاختيار، وهو ما يبدو أنه كان غائبا عن رؤية الناشرين في مراحل مختلفة من السنوات الست التي استمرت في العمل، فقد استمر تعاطيها كما يبدو مع السوق بهوية تائه بين كونها رياضية وبين كونها منوعة أشبه بمجلة، في وقت يبدو لي أن فهم الشباب وطبيعة متطلباتهم أتت من خلال الانطباع الشخصي لذلك الناشر أو ذلك الصحافي دون أن تكون هناك خطة محكمة حول ماهية متطلبات الشباب وفق مسوح ودراسات سوق محايدة.

لعل توقف جريدة “شمس” في هذه المرحلة بالتحديد دق ناقوس الخطر على باقي الصحف المحلية ولعل أولها هي جريدة “الشرق” التي صدرت بداية هذا العام لتدخل منافسة مع صحيفة “اليوم” في المنطقة الشرقية وعلى سوق إعلاني وتوزيعي يعد الأصغر مقارنة بأسواق صحف الوسطى والغربية، وفي وقت تصدر فيه جريدة “الشرق”، وقد رسمت لنفسها هوية تحريرية مشابهة لما هي عليه صحيفة “الوطن” وهي كلها مكونات تجعل من “الشرق” صحيفة غير متخصصة بل أقرب للصحيفة المحلية العامة التي من الواضح أن السوق الإعلاني والتوزيعي لم يعد يبحث عنها كوسيلة إعلام تخدم مصالحها التجارية، وهي بذلك تدخل في تحد واضح مع إشكالية “التخمة السوقية” التي تعد من أهم مسببات الفشل التي واجهتها كثير من الصحف حول العالم. حيث إن من أهم الأسباب لاستمرار الصحافة الورقية في التواجد في الأسواق هو عبر الاندماج لخدمة قراء مناطق معينة من خلال مؤسسات إعلامية قوية من حيث الأداء التحريري والتمكن من حيث التواجد السوقي، فصدور “الشرق” لتنافس “اليوم” في المنطقة الشرقية لم يكن كما يقول البعض قرارا من الناحية السوقية يحمل أي منطق تجاري، ولعل لو صدرت “الشرق” لتخدم قراء المنطقة الشمالية من المملكة لكان هو القرار الأصوب على الأقل من الناحية التجارية.

توقف جريدة “شمس” لم يكن بأي حال من الأحوال لضعف الكوادر الصحفية التي كان بمقدورها أن تقوم بدورها الصحافي على الوجه الأكمل، فلو استرجعنا الأسماء لوجدناها من أهم الأسماء الصحفية التي لها تواجد في الساحة الإعلامية ابتداء بالإعلامي التلفزيوني اللامع بتال القوس مرورا بالصحفي المثير للجدل خلف الحربي والصحافي المخضرم خالد دراج وانتهاء بالصحفي الاقتصادي ومدير تحرير ومكاتب المملكة لأهم الصحف العربية “الشرق الأوسط” سابقا مطلق البقمي، إلا أن انعدام الرؤية المؤسساتية حول الدور الحقيقي لهذه الصحيفة هو ما كان غائبا، فخلافات الشركاء ووصولها لطرق مسدودة كانت السبب الرئيس في إغلاق الصحيفة وهي ما زالت في مرحلة التكون والانطلاق، وهو التحدي الذي يجب أن تضعه “الشرق” أمامها إذا ما أرادت أن تستمر في عملها كمشروع تم تأسيسه لخدمة أغراض تجارية، وهو التحدي الذي لم يكن يواجه كثيرا من الصحف السعودية الأخرى نتيجة تراكمات تاريخية ووضوح من يحكم في تلك المؤسسات، ومن عليه الإدارة ومن له أن يستفيد من بعض الفتات بين الحين والآخر.


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

One response to “غابت «شمس» فهل تشرق «الشرق»؟”

  1. حسين علام

    ثقافة الهزيمة .. الناس اللى فوق و الناس اللى تحت

    و نشرت جريدة المصرى اليوم فى 17 فبراير 2012 فى برنامج «محطة مصر» للإعلامى معتز مطر على قناة «مودرن حرية» وجه النائب أبوالعز الحريرى اتهاماً لأحد كبار أعضاء المجلس العسكرى بالتورط فى تهريب 4 مليارات دولار للخارج، وقال إن إحدى الشخصيات تقدمت ببلاغ رسمى عن وجود 15 مليار دولار «أموالاً قذرة» فى البنك المركزى، وقدمته لعدة جهات من بينها المخابرات الحربية التى أخبرته بأنه تمت إحالة البلاغ لأحد كبار أعضاء المجلس، وبعد عدة أيام فوجئت بخروج 4 مليارات دولار من هذا المبلغ خارج مصر،

    وأضاف «الحريرى» أنه يتقدم باستجواب للمشير حسين طنطاوى حول هذا الموضوع، إلى جانب استجواب آخر حول المصرف العربى الذى وصفه بـ«المصرف الملعون»، لأنه «مغسلة للأموال القذرة» فى مصر، ويتربح منه المسؤولون منذ عام 1974، ولا توجد رقابة عليه، وتتعمد وحدة مكافحة غسل الأموال بالبنك المركزى تجاهله تماماً …باقى المقال فى الرابط التالى

    http://www.ouregypt.us

اترك تعليقاً