نوبل أوباما .. التكريم قبل العمل

barackobamacapitolيجب أن أعترف بأني إستغربت كثيرا عندما قرأت اليوم أن جائزة نوبل للسلامة قد منحت للرئيس الأمريكي باراك أوباما تقديرا لعمله من أجل السلام وتعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب ودعوته لخفض المخزون العالمي للأسلحة النووية كما جاء في الخبر الذي نقله موقع الجزيرة نت.
مكمن هذا الإستغراب يعود لأكثر من وجه و لعل أولها و ليس أهمها أن الرجل لم يمر على شغله منصب الرئيس أكثر من تسعة أشهر و هو وقت قليل جدا بالنظر لما يمكن أن يكون قد حققه من أجل السلام في عالم تتزايد فيه الحروب بشكل يجعل القول بأن هناك أمل في الأفق لتحقيق سلام من أي وزن مجرد هذيان سياسي و كلام حالمين.
حقيقة الأمر أني لم أستطع بعد أن أكون موقف شخصي من هذا الرجل لا لشئ سوى أن الرجل لم يظهر للعيان بعد وجهه الآخر، فكل ما رأينا منه هي إبتسامته العريضه و خطاباته الرنانه و أحاديثة الصحفية المداره بشكل ممتاز لتحقيق أهداف العلاقات العامة، فوجه الرئيس السياسي تجاه القضايا الملحة و الحرجة و المفصلية في العالم لازال مخفيا لسبب ربما يمكن إعتباره ذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة، و عليه فإن موقفي الذي غالبا يكون مبني على الأفعال و ردات الأفعال يجد من الصعوبه أن يعبر عن نفسه تجاه هذا الرجل الذي حتى الآن لم يظهر لنا إلا نصف وجهه الجميل الملون بمعاني الوسطية و اللامواجهه.
أعود للحديث عن فوز أوباما بجائزة نوبل للسلام لأقول و لست هنا ممن يشكك و لكن أي سلام هذا الذي عمل على تحقيقه هذا الرئيس الجديد و هو يطالب يوما بعد يوم لتثبيت التواجد العسكري في أفغانستان و هي الأرض الوحيدة التي يحقق فيها الجيش الأمريكي شئ يمكن إعتباره “لا خسارة” في وقت أصبح العراق له فيتناما أخرى و القاعدة هاجسا و شبحا قد يغتال هذا المارد المتوحش في نومه دونما إي إدراك منه كما حدث في ١١ سبتمبر من ذلك العام.
كنا دائما و ربما لازلنا في عالمنا العربي نضحك و نتهكم عندما يأتي الحديث عن تكريم رجل أعمال أو شيخ أو أمير أو وزير أو حتى مواطن عادي من منطلق أن هذا التكريم ليس “لله” بل لابد أنه يخفي خلفه سببا منطقيا نفعي الصفه إما للمكرِم أو للمكرَم، فلم نتعود في هذا الجزء من العالم أن يكرم الإنسان لأفعاله المثبته بدلائل لا شك فيها بقدر تكريمنا للناس لتحقيق أهداف مستقبلية قد يكون بعضها ساميا و وطنيا و ذا فائدة (أقول قد).
لا أدري إن كنا اليوم نعيش في عالم تتحول فيه الرموز الثقافية و مـوسسات الحيادية العلمية إلى شئ من الماضي، فعندما نشاهد جائزة نوبل العالمية بهيئتها و لجانها التي أخذت قدسية الحياد و الإستقلال تنجرف كتفسير منطقي وحيد لما جرى خلف موجة التسويق السياسي و الإعلامي التي جعل من الرئيس أوباما بطل هذا العصر و منقذ هذا العالم من آفاته و جبروت طغاته لتمنحه جائزة طالما تغنى القائمون عليها بأنها غير مسيسه و لا تخدم أغراضا شخصية أو سياسية، أجد نفسي مجبرا على الوقوف لحظات لأتسائل (هل حقا لا زالت جائزة نوبل تستحق أن تكون حلم المبدعين و أمل المبتكرين و مبتغى النوابغ و العباقرة ؟).


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

5 responses to “نوبل أوباما .. التكريم قبل العمل”

  1. Buck Sauveur

    I just want to say I am beginner to blogs and really loved this website. Almost certainly I’m want to bookmark your blog post . You definitely have tremendous writings. Thank you for sharing with us your website page.

  2. ليلى.ق

    أنا أيضاً تعجبت واستنكرت !
    هل إنتهى من يستحق الجائزة و صفيت على أوباما ؟!
    العالم مشقلب .

  3. حمد

    صدقت ياسر ,,

    بصراحة دهشت عند سماعي للخبر ,,

    كنت أرى جائزة نوبل أعلى سقف يمكن تحقيقه في هذه الدنيا على الصعيد العلمي , لانها تمنح لمن يضيف نقله نوعية في العلوم (بفروعها المختلفة) , الأدب والسلام.
    ولكن , عندما منحت لاوباما , اهتزت صورة الجائزة في مخيلتي وبدأت بالتفكير الجدي , هل سبق وأن منحت لمن لايستحقها , أياً كان , لابد أن هناك خلل.
    لاسيما وأن الشارع الأمريكي اصيب بالدهشة , أين هو السلام. أم هي جائزة تحفيزية !! “يمكن” ؟!
    من وجهة نظري الشخصية أن الجائزة مسيسه , وسبق أن أعطيت لآلقور , لمساهماته بحلول لمشلكة الاحتباس الحراري, واعطيت لاوباما beforehand , لنتائج خطاباته السابقة . على الأقل آلقور,”مع اني مااطيقه” “عنده فيلم” 🙂 , أما أوباما !! “يمكن يسوي فيلم” بس على طريقة “تلفزيون الواقع” !

    ولكن السؤال , هل يمكن أن تعطى الجائزة “لبياع كلام” , لا اقصد أوباما “الله ينفع به” 🙂 , ولكن أقصد السنوات القادمة.

    شكرا ياسر

  4. محمد الجرايحى

    أوباما نفسه أعلن أنه لم يفعل شيئاً للحصول على الجائزة ..ولكنه أعتبرها دافعاً له للمضى قدماً فى طريق السلام ….

  5. شجون

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    والله أنا أستغربت جداومن فترة توليه الرئاسة
    لانستمع إلا أقوال وحتى اللحظة لم نبصر نتائج واضحة يعني الجائزة تكرم صوته لا فعله!
    في كتاب عمرو خالد حتى يغيروا مابأنفسهم
    أن جائزة نوبل تقدم منذ عام 1901 ميلادي وأن الشباب العربي مستثنى منها نوعا ما
    منذ مائة عام مضت لم يحصل المسلمون على أي جائزة سوى اثنان عالم باكستاني والدكتور أحمد زويل
    بس بحثت عنها بويكيبيديا،لقيتهم خمسة !
    عددقليل بالنسبة لاعداد الدول الغربية
    وبعد أوباما صارت جائزة سياسية بحتة ومقنعة
    مفروض يتكرم شخص مثل الدكتور الربيعة ينقذ ارواح بعكس شخص يرص جيوش!

    تحية لشخصك الراقي أستاذ ياسر

اترك تعليقاً