الرقابة الإلكترونية ،، منطق قديم لمنطق جديد

world-day-against-cyber-censorship2ينشر بالتعاون مع  موقع ” المفكرة الإعلامية

يصادف اليوم ١٢ -٣ -٢٠١٠م اليوم العالمي لمكافحة الرقابة الإلكترونية و الذي  ينظم من قبل منظمة “مراسلون بلا حدود” بهدف تسليط الضوء على ضرورة دعم الجهود من أجل إبقاء الإنترنت وسيلة معلوماتية دون رقابة و ذلك ليتحقق للجميع الفائدة التي من أجلها وجد الإنترنت من خلال خلق فضاءات جديدة لتبادل الأفكار والمعلومات بحرية تامه.
كنت و لازلت ضد أي نوع من أنواع الرقابة على العمل الإعلامي و ذلك من منطلق أن الرقابة السابقة على العمل الإعلامي تجهض أي إمكانية لدور حقيقي للتأثير و التغيير و المحاسبة و هو الدور الذي من أجله يعمل الإعلام، في حين أن الرقابة اللاحقة تخلق في كل صحفي إنسان متوجس و رقيب خائف و عيون لا ترى إلا الخطوط الحمراء، و بالتالي يصبح هذا الذي كان من المفترض أن يكون العين المسلطه على تجاوزات المفسدين و الفاسدين و المتنفذين مجرد قلم و حرف لا معنى له و لا تأثير و صوت.
في هذه الأيام تدور الأحاديث علي المستويين الإعلامي الرسمي و المهني حول خطط وزارة الثقافة و الإعلام في المملكة فرض قوانين رقابية جديدة على الصحافة الإلكترونية و ذلك بحجة حماية الناس من التجاوزات و المعلومات المغلوطه و بهدف إبقاء العمل الصحفي إحترافيا ليحقق دوره الذي من أجله كما تقول الوزارة نشأ، و هو كلام في ظاهره مقبول بينما في حقيقته و كما سبق أن قلت في لقاء صحفي يتنافى مع منطق العمل  الصحفي الإلكتروني و الذي ظهر أساسا ليوفر للمتلقي ما عجزت عنه وسائل الإعلام التقليدية من ورقية و إذاعية و تلفزيونية و خصوصا تلك التي تديرها و تشرع لها جهات رسمية حكومية لها أهدافها و التي قد تتعارض في أحيان كثيره مع أهداف الكشف عن الحقائق و توجيه الإتهامات المبنية على إثباتات و هو الدور الذي تقوم به الصحافة الحقيقية في الدول التي تعمل فيها وسائل الإعلام كسلطة رابعة مستقلة تشريعيا و إداريا.
قد تعتقد السلطة التنفيذية المعنية بالأمر بأن العمل دون رقابة يعني الفوضي و عدم الإنضباط، و هذا في تقديري تجاوز غير مبرر من هذه السلطة المعنية تطبيق القانون فقط على السلطة التشريعية التي تضع القوانين دون أن يكون في ذلك تأثر من أجندات و مصالح مؤسسات و إجراءات، إضافة إلى أنه تجاوز غير مبرر كذلك تجاه السلطة القضائية و التي يكمن دورها الأساسي في إعطاء كل ذي حق حقه و محاسبة المتجاوز وفق القوانين التي تنظم العلاقة بين الأطراف، و بالتالي فالقول بأن الفوضى ستعم يعطي إنطباعا بأن القوانين الموضوعة و التي تنظم العلاقة بين الأطراف في المجتمع مدنيا و جنائيا غير موجوده و أن وزارة الثقافة و الإعلام هي الجهة الوحيدة القادره على التعامل مع الصحافة الإلكترونية على إعتبار أنها إمتداد للصحافة التقليدية، و هنا في تقديري يكمن سوء الفهم و الإستعاب للدور الحقيقي و السبب الرئيسي لظهور هذه الوسيلة التي لا يمكن ضبطها مهما حاولت الوزارات و مهما خططت من تشريعات، فهي إعلام بلون و رائحة و شكل جديد يختلف عن كل ما يمثله الإعلام الذي تعرفه وزارة الثقافة و الإعلام نظاما و فكرا و إدارة.
أتمنى أن تقرأ وزارة الثقافة و الإعلام واقع العمل الصحفي الإلكتروني بعين المتصفح لا بعين الرقيب، فجزء من فهم هذه الإعلام الحديث هو تحديث طرق التعاطي مع الواقع وفق ما هو لا وفق ما ترغب الوزارة في أن يكون، و ذلك لأن ما هو عليه الحال الآن لم يكن ليكون لولا أن ما كان في الماضي أفقد لهذا الإعلام صوته الصادق و رأيه المحايد بعد أن شكك بوطنيته فقط لأنه إعترض،  فالوصاية في عصر الإنترنت لا تتجاوز وصاية أب يغلق على إبنه إستخدام الشبكة العنكبوتية ليعلم بعد سنوات أنه يملك ثلاثة مواقع إلكترونية يديرها جميعا من خلال جواله المحمول.


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

8 responses to “الرقابة الإلكترونية ،، منطق قديم لمنطق جديد”

  1. Ward Mundell

    I simply want to mention I am new to weblog and really loved you’re web page. More than likely I’m planning to bookmark your website . You absolutely come with terrific posts. Kudos for sharing your web site.

  2. الغلا

    لا يوجد حرية مطلقة بتاتا

  3. طالب اعلام

    لكن يادكتوري ان اثق بنفسي جيدا ولله الحمد ولكن انقل لك نظرتي بالمجتمع الذي اصبح يوجد فيه الخلل ونعلم ان الجميع منا لديه قدراته الداخليه ولكن ليس جميعنا يعلم بهذي القدرات …..

    ….لدينا طاقات مهدرة

  4. طالب اعلام

    اولا امسي لك تحيه يادكتوري العزيز

    بصراحه موضوع جدا رائع وهذ1 الشئ ليس مستغرب عليك وانا هنا لست من اجل طرح المديح اما بعد ..
    موضوع الرقابه وخصوصا ان الرقابه اصبحت امر غير محبب لدينا خصوصا اننا في عصر المعلومة مضمنه بعصر العولمة …

    ولكن يادكتوري العزيز الا تعتقد اننا خصوصا دول العالم الثالث لانميز معنى حرية ولا الرقابه
    خصوصا اذ1 اعطينا الحرية ولا لكن لانعرف مكان الخطوط الحمراء التي متفرض ان يعرف مكانها تلقائيا …
    ولا نعرف معنى الرقابه وذلك بتدقيق و التشديد في امور لا معنى لها بحيث انها لم تصل ايضا الى الخطوط الحمراء ..
    آسف ع الاطالة

  5. ابتسام تعلب

    مساء الخير استاذ ياسر انا ابتسام تعلب من الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان بمصر http://www.anhri.net/
    ونحن بصدد اصدار مطبوعة دورية خاصة بالصحافة الشعبية تحت اسم “وصلة ” تنشر فيها بعض مما ينشره المدونين من كتابات وتعليقات على الأوضاع المحيطة بهم في مصر والعالم العربي .
    ونرجو مشاركتك معنا في المطبوعة بالسماح لنا الاستعانة ببعض مما تكتبه على مدونتك من موضوعات بعد موافقتك على النشر .
    ارجو سرعة الرد
    مع الشكر
    ابتسام تعلب

  6. safar.ayad

    اهلا استاذنا ياسر .
    كم أكره هذه الكلمة ‘ رقابة ‘ لو طبقت وزارة الثقافة والاعلام رؤيتها على رقابة الصحافة الألكترونية , ستكون تلك ‘ أكبر نقطة ‘ سوداء في تاريخ وزيرنا العملي النشيط عبدالعزيز خوجة الذي أراه فتح ابواب إعلامية كثيرة كانت مغلقة
    وكان دائما نصيراُ لحرية الإعلام وهو كما يقول ” ليس للحرية الإعلامية سقف حتى نصطدم به .! ”

    كل تحركات وزارة الثقافة والأعلام منذ تولي سعادته للوزارة كانت صحيحة ومبشرة بمرحلة انفتاح وتحرر من الرقابة والأحتكار ايضاً .!!

    لذلك اتمنى أن لاتطبق تلك الأفكار حتى رغم ‘ غباء بعض صحفنا الإلكترونية ‘ التي اصحبت مكان للممارسة الكذب وبث الإشاعات ,ولكن البقاء للأصلح : )

    مع كل الود 🙂

  7. بندر

    من ألطف ما قرأت بخصوص رقابة وزارة الإعلام ..

    Keep it up

    و مبروك على شعوب العالم يوم لعن الرقابة .. عليها اللعنة ..

اترك تعليقاً