يوم أمس أعلنت مجموعة “mbc” أنها أنهت تعاقدها مع شركة شويري وإطلاق شركة خاصة بها للتسويق الإعلاني باسم “mbc للخدمات الإعلانية” بالشراكة مع “مجموعة المهندس القابضة” السعودية والتي ستتولى الملف الإعلاني للقناة ابتداءً من بداية العام المقبل.
في عام ٢٠١٢ نشرت المقال آدناه والذي تضمن سرداً لواقع سوق الإعلان في حينه خصوصاً في ظل الهيمنة التي كانت مجموعة شويري تفرضها على أكبر الأسواق الإعلانية العربية، ورأيت أن أعيد نشر المقال لمناسبته هذا الخبر المهم لسوق الإعلان والإعلام السعودي على وجه التحديد.
شويري و “إبسوس” و إتحاد وسائل الإعلام السعودية
بقلم: ياسر الغسلان.
صدر قبل يومين تقرير لشركة “إبسوس” للإحصاء حول مقروئية الصحف في المملكة العربية السعودية نشرته بشكل موسع جريدة الجزيرة و التي حلت وفق التقرير في المرتبة الثالثة في ترتيب الصحف السعودية بعد كل من صحيفتي “عكاظ” و “الوطن” و متقدمة على غريمتها “الرياض” و التي أصدرت في آعقاب ذلك بيان توضيحي وصفته بأن يفضح الاعيب شركة “إبسوس” و ذلك بتشبيهها بالدكاكين الإعلامية لمن يدفع أكثر و أنها تعتمد على التضليل و المغالطات و إستخدام الحيل التسويقية، حيث سردت عدد متنوع من الشهادات لوسائل إعلام عربية تسند ما توصلت إليه “الرياض” تجاه هذه الشركة التي تصدر دوريا التقرير الوحيد حول إنتشار وسائل الإعلام و وصولها للمتلقي و التي تعتمد عليها جل شركات الإعلان الرئيسة و إدارات التسويق و ذلك في رسم سياساتها الإعلانية و إختيارها لكيفية توزيع ميزانياتها السنوية على الوسائل التي تحظى بمباركة و ختم الجودة (الإبسوسية).
تعود علاقتي بمشكلة الإحصاء في مجال الإعلام و الإعلان لعام ١٩٩٩م و ذلك عندما إلتقيت بالسيد عبدالله مراد مؤسس قناة “عجمان” التلفزيونية و الذي إشتكى بشكل مطول من ظلم شركة (بارك) للإحصاء و التي كانت في ذلك الوقت المرجع الإحصائي المعتمد لإنتشار وسائل الإعلام في العالم العربي قبل سطوع نجم “إبسوس”، مما دعاه للتفكير جديا بفتح مكتب تمثيل إعلاني له في السعودية و ذلك للتغلب على ما أسماه التجاهل المقصود لمكانة قناته في ترتيب القنوات الإماراتية من حيث المشاهدة في دول الخليج و هو الأمر الذي عزاه لمصالح تتحكم فيها مجموعة شويري و مصالحها الإعلانية و هيمنة القرار الإعلاني في أيدي مجموعة صغيرة من مواطني الجنسية اللبنانية ممن ترتبط بتلك المجموعة مصالح تجارية و تمثيلية لعدد من أكبر الشركات الخليجية ذات الميزانيات الإعلان الضخمة، هذا كله في فترة كانت كل من قناتي أبوظبي و دبي قناتين حكوميتين تدار خططها و طريقة تشغيلها بالطرق التقليدية، إلا أن كل ذلك تغير بعد سنوات معدودة حين طبقت القناتين خطط تطوير و تحديث طموحة إعتمدت على دعم مالي كبير من قبل حكام إماراتي أبو ظبي و دبي ، حيث إستطاعت أن تستقطب أهم الكوادر الإعلامية و الفنية بما فيها كوادر رئيسة من قناة “عجمان”.
في منتصف العقد الماضي إقترح الأمير فيصل بن سلمان رئيس مجلس إدارة المجموعة السعودية للأبحاث و التسويق في منتدى الإعلام العربي الذي ينظمه نادي دبي للصحافة تكوين تكتل محايد مدعوم من الصحف و وسائل الإعلام العربية بإختلاف وسائلها و أسواقها و ذلك بهدف إصدار تقارير دقيقة و غير مسيسة لمصالح إعلانية معينة تكون المرجع الذي يمكن لوكالات الإعلان المختلفة أن تعتمد عليها في رسم سياساتها الإعلانية و توزيع ميزانياتها وفق الأهداف التسويقية المستهدف و ذلك لقطع الطريق على هيمنة مجموعة شويري و شركة “إبسوس” التي تملك حصصا فيها، و إعادة توزيع الميزانيات وفق الواقع الحقيقي لأرقام الإنتشار لكل وسيلة و ليس وفق مصالح الجهات الإعلامية التي تمثلها شركات مجموعة شويري و الشركات التسويقية التي تملكها و التي تتنوع مابين (شركات شراء و إعادة بيع المساحات MBU) و (شركات تخطيط إعلاني) و (شركات تصميم و إبداع) .
في إحدى الملتقيات التي أقيمت في بيروت قبل أعوام أتذكر كيف جلسنا مصدومين و نحن نستمع للدكتور نديم المنلا رئيس مجلس إدارة تلفزيون المستقل وهو يوجه إنتقادات نارية لمجموعة شويري دون تسميتها و يصفها بإنها ميليشات تقوم بإبتزاز القنوات و الصحف و تحيك المؤمرات على المعارضين و ترهب أي مؤسسة أو وسيلة إعلامية ترفض الإنصياع و الدخول في حلف الشيطان مع هذا الأخطبوط الإعلاني، و أتذكر كيف كانت ردت فعل زميلي الذي كنت أحضر المؤتمر معه و هو أحد قيادي مجموعة (MBC) و التي تمثلها حصريا مجموعة شويري إعلانيا التي تعاقدت معها وسط إستغراب و إستهجان الكثير من الأوساط الإعلامية السعودية خصوصا لما عرف عن الشركة من محاولتها إحتكار مداخيل الإعلام السعودي بكافة منصاته (الصحفية) و (التلفزيونية) و (إعلانات الطرق) وهو الأمر الذي له إنعكاس كما يقول البعض على الوسائل ذاتها و لسوق الشركات المحلية و قدرة الإعلام السعودي على تقرير سياسته التحريرية، أقول أتذكر كيف كانت ردت فعل صديقي و الذي صعق من الهجوم الواضح للمثله الإعلاني و هو الأمر الذي دعاه للتعليق على كلام المنلا بأنه نتيجة إما لصراع طائفي بين تلفزيون المستقبل و الكتائبي شويري الممثل الإعلاني إيضا لقناة (LBC) المنافسه له أو أن الموضوع هو نتيجة غيرته من تقدم (MBC) و تراجع المستقبل جماهيريا.
قبل شهر صدر تحقيق إستقصائي مطول نشر في عدد من المواقع الإلكترونية بعنوان (مافيا الإعلام الماروني بالمملكة “جمهورية شويري “) تحدث فيه عن عدد من الأمور المتعلقة بمجوعة شويري و التي تعتبر المحرك الرئيس و الشريك الأول لشركة (إبسوس) كما هو الحال سابقا مع شركة (بارك) للإحصاء التسويقي أوضحت فيه التغلغل الكبير لهذه المجموعة اللبنانية في الأسواق الخليجية و تركيزها على الإستفادة ماليا بطرق وصفتها بـ”المافيوية” على السوق الإعلام الخليجي و العربي مع تركيز على ربط المجموعة بأهدافها و أجندتها و أهدافها الدينية المارونية و التي رأي فيها البعض وسيلة من كاتب التحقيق لتجريم المجموعة و اللعب على الهاجس الديني لدى المتلقي الخليجي البسيط.
في كتابي (إعلام.كم) تحدث عن مافيا الإعلان بإسهاب و لم أركز فيه فقط على مسألة سيطرة تلك الشركات على الميزانيات بل لكونها كما في مثال مجموعة قنوات (إم بي سي) يتحكم المسئول الإعلاني في مستقبل الأجيال القادمة في عالمنا العربي عبر برامج تم تصميمها لأسباب إعلانية مثل برامج الواقع و برامج المسابقات الغنائية، و بالتالي فإن الواقع يقول بأن من يتحكم بالبرامج التلفزيونية و في بعض الصحف كذلك ليسوا مجموعة ملاك القنوات و الوسائل الإعلامية من رجال أعمال و مستثمرين و ناشرين خليجيين، بل هم مجموعة من أرباب المال و الإعلان عرف عنهم مقدرتهم على التضليل والبيع المنمق مع إتصافهم بما يصفه البعض إنعدام أخلاق البيع و المتاجرة الشريفه.
قبل أيام معدودة إتفق وكلاء وزراء الإعلام لدول مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماعهم التحضيري الأخير على أهمية تنفيذ مشروع يهدف إلى قياس نسبة المشاهدة للقنوات التلفزيونية و هو الإقتراح الذي تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة على المجتمعين حيث رأت أن يعطى هذا الموضوع القدر اللازم من الاهتمام و هو الأمر الذي كما يقول الخبر وجد قبولاً وتأييداً من قبل المشاركين في الاجتماع و الذي أراه نتيجة أن وسائل الإعلام التابعة للوزارات أصبحت اليوم هي ذاتها أحد اللاعبين في سوق الإعلان و من المتضررين من التضليل الذي يصيب عدالة توزيع الكعكة الإعلانية و ذلك بعد سلسلة القرارات التي أقدمت عليها بعض دول الخليج و المتمثل بتأسيس هيئات إعلامية مستقلة و هو الأمر الذي وضع الوسائل الإعلامية التابعة للحكومات أمام ضرورة إنتهاج سياسات أكثر إعتمادا على تمويل السوق الإعلاني و عبر رعايات برامجها و ذلك بهدف تخفيف الأعباء المالية على الوزارات و لإعطاء مجال أكبر للتطوير و التحديث بعيدا عن بيروقراطية الأجهزة الحكومية.
هذا الإتفاق ذكرني بما كتبته قبل أعوام حول الإحصائيات المحايدة التي تصدر في أمريكا من قبل مركز نيلسون لأبحاث الإعلام Nielsen Media Research و التي أفادت في موضوع نسبة متابعة المشاهدين لمراسم تأبين نجم الغناء الأمريكي (مايكل جاكسن) مثلا أن قناة CNN إستحوذت على أعلى متوسط من مشاهدة من بين جميع القنوات التي قامت بتغطية مراسم التأبين حيث حققت متوسط مشاهدة في الفترة من الساعة الواحدة و حتى الرابعة عصرا 5.300 مليون مشاهد متقدمة على قناة FOX الأمريكية التي حلت في المرتبة الثانية بمتوسط مشاهدة بلغ 2.230 مليون، في حين حلت قناة MSNBC في المركز الثالث بمتوسط بلغ 1.393 مليون مشاهد،وقد علقت حينها أنه لو سألت أي متابع للسوق الإعلامي العربي عن ما هي أكثر القنوات التلفزيونية متابعة من قبل المشاهدين السعودين أو المصريين أو المغاربة الذين تتراوح أعمارهم مثلا ما بين العشرين و الثلاثين لربما إتفق معظمهم على ذكر شبكة تلفزيونية بعينها بسبب كثرت القنوات التابعة لها و لتاريخها الذي يشفع لها تلك الريادة من الناحية النظرية على أقل تقدير، إلا أن الدراسات التي تقوم بها الشركات “المحايدة”المتخصصة في بحوث التحقق من الإنتشار لربما تصعقك نتائجها فقد تظهر قناة حكومية او قناة محلية أو قناة متخصصه أنها هي التي حققت أعلى معدل مشاهدة أو متابعة من تلك الشريحة التي تم تحديدها، و يحدث ذلك لا لشئ سوى أنها قناة تتعارض المصالح بينها و بين واضعي الأبحاث من الناحية إما لأسباب قومية أو طائفية أو فقط لمصالح تجارية.
للإجابة على السؤال الجوهري الذي يتمحور حول الكيفية التي يمكن من خلالها الحد من هيمنة هذه المجموعة الإعلانية على السوق الإعلاني العربي و الخليجي بالتحديد و بالتالي إلغاء تدريجيا الأهمية الوهمية التي تفرضها شركة”إبسوس” الإبن الشرعي لهذه المجموعة لابد من النظر لواقع التمثيل الإعلاني لهذه الشركة و ذلك لمعرفة من هم الأقطاب الذين يمكن لهم الوقوف في وجه هذه الهيمنة ومن يجب إستثائهم.
شركة شويري حاليا تمتلك ١٣ شركة إعلامية عاملة في مجال التمثيل الإعلاني إضافة لشركات متعددة في مجال التسويق و الإبداع و التخطيط، هذه الشركات الـ١٣ تعمل في ٥ أسواق رئيسة هي السعودية الكويت الإمارات لبنان و مصر و تقوم بتمثيل عدد من الوسائل الإعلامية أهمها و أكثرها تأثيرا ( مجموعة قنوات MBC و مواقعها الإلكترونية، مجموعة قنوات دبي، جريدة البيان الإماراتية، جريدة اليوم السعودية، جريدة الإمارات اليوم، جريدة الوطن الكويتية، تلفزيون LBC، قنوات تلفزيون الحياة المصرية، قنوات ميلودي المصرية، قنوات مزيكا المصرية، جريدة النهار اللبنانية، جريدة السفير اللبنانية، إصدارات دار الحياة السعودية، موقع “سبق” السعودي، موقع جيران الأردني.
كما هو واضح فإن هذه الوسائل تتوزع فقط ما بين الدول المؤثرة إعلانية و ذات الكثافة السكانية و القدرة الشرائية، و بالتالي فإن القادرين على التأثير الحقيقي على تلك الهيمنة لابد أن تكون الوسائل المنافسة في تلك الأسواق و التي تستهدف ذات الشريحة الشرائية و الجماهيرية، و لكي أكون منطقي في هذا التناول سأركز على السوق السعودي و سأذكر المؤسسات و الوسائل الإعلامية التي أعتقد أنها قادرة على الحد من هيمنة شركة شويري و توابعها لو فعلا كانت صادقة و راغبة في إيجاد حل طويل المدى بعيدا عن التنافس قصير المدى و النظرة المحدودة.
في مجال الصحف و المطبوعات الورقية أجد أن الدور منوط بكل من المجموعة السعودية للإبحاث و التسويق و التي تملك ٦ صحف سعودية يومية بأربعة لغات منها الشرق الأوسط و الإقتصادية و عرب نيوز و الرياضية إضافة لمجلات رائدة في شريحة السيدات و الأطفال و الرفاهية، إضافة للصحف الرئيسة ذات الإنتشار الجماهيري خصوصا “عكاظ” و “الوطن” و “الرياض” مع ضرورة أن لا تستمر جريدة “الجزيرة” التغريد خارج السرب و الرهان على المكاسب قصيرة المدى التي وعدت أو حصلت عليها، و لا شك أن ما حصل مع شركات سابقا من أمثال “المئوية” لإعلانات الطرق و التي خسرت سوق الرياض لصالح مجموعة شويري مؤخرا وهي التي كانت و لسنوات عديدة حليف قوي و قريب لهذه المجموعة الإعلامية لهو خير درس لجريدة “الجزيرة”، عليه فيجب أن لا تعتقد بأنها قادرة على الحصول على المباركة الدائمة من شويري فسرعان ما ستنقلب عليها متى ما وجدت من يدفع أكثر.
تلفزيونيا لا شك في أن مجموعة قنوات روتانا هي الأقدر سعوديا الآن في القيام بهذا الدور خصوصا و أنها أصبحت و عبر قناة “روتانا خليجية” تنافس و بشدة قناة “MBC1” في جذب إهتمام المشاهد السعودي عبر برامج متعددة تخاطب القضايا المحلية بشفافية وصفت أنها النمط الذي طالما كان المشاهد السعودي ينتظره كونها وسيلة إعلامية تقدم صوت المواطن على أي صوت آخر، إلى جانب قنواتها الترفيه “FOX” و “FOX Movies” و “روتانا أفلام” و التي أصبحت تنافس بشكل ملحوظ قنوات الترفيهية التابعة لمجموعة”MBC” مثل ” MBC2” و “MBC Action” و “MBC MAX”.
إذاعيا لا شك أن الموضوع أسهل هذا لو قررت الإذاعات الجديدة العاملة في السعودية (روتانا) (مكس أف إم) (ألف ألف) التفاهم و تشكيل فريق مصالح موحد يفرض بالتنسيق فيما بينها الأسعار و طريقة التعامل مع المعلنين و فرض ما من شأنه زيادة نسبة المستمعين و تبيان حقيقة الأمر من حيث المنافسة مع “MBC FM” و التي تمتعت لعقود بشبه إحتكار للأثير السعودي.
أمافيما يتعلق بإعلانات الطرق فإن إستمرار هيمنة “العربية للتعهدات الفنية” الشريك الصريح لشويري في سوق إعلانات الطرق في المدن السعودية الرئيسة هو أمر يحتم على منافسي الشركة “تهامة” و “المئوية” أن يقوما بتحرك جاد في وجه إستمرار خسارتهم المتتالية للمواقع المتميزة، و ذلك بتصعيد الموضوع للجهات الرسمية عبر ضرورة تطبيق إجراءات رقابية أكثر صرامة على البلديات و التي كما قال عنها أحد التنفيذين المتضررين تغلب المصلحة المالية على دورها الوطني في دعم الشركات المملوكة و التي تدار من كوادر سعودية و هو الأمر الذي يؤثر كما قال على سعودة هذا القطاع و توظيف شباب سعودي في المجالات الفنية و البيعية و التسويقية، وهو مالا تقوم به “العربية” وفق التقرير الإستقصائي (مافيا الإعلام الماروني بالمملكة “جمهورية شويري “) أنف الذكر.
لا شك في أن إيجاد آلية للحد من هيمنة مجموعة شويري على أهم المواقع الإلكترونية يعد أمر صعب جدا في ظل الظروف الحالية و ذلك لكون الصحيفة الإلكترونية الوحيد المسيطرة جماهيريا في السعودية هي “سبق” و التي تمثلها شويري، في حين أن باقي المواقع الإلكترونية المتميزة ذات الزيارات المليونية ترتكز في المنتديات مثل “الإقلاع” و” عالم حواء” و هي المنصات الإلكترونية التي لا تفضلها و لا تهتم بها الشركات الإعلانية الكبرى لأسباب تتلخص بعدم قدرة تلك المواقع على ضبط محتواها و كونها تدار حسب وصفهم من هواة.
إذا فإن إنشاء إتحاد للوسائل الإعلامية السعودية يكون مدعوما ماليا من قبل الشركات و الوسائل الإعلامية المذكورة و من أراد الإنضمام إليها يكون مدار من طاقم من تنفيذيين محايدين متخصصين في مجال الإعلام و الإعلان هو الحل المنطقي لخلق توازن يخدم مصالح قطاع الإعلام و الإعلان السعودي، و ذلك عبر تحديد عدد من الأهداف الإستراتيجية أهمها العدل في الإحصاء السوقي في مجال الإنتشار و المقروئية و المشاهدة، حيث يمكن أن يتحقق هذا الهدف عبر إجراء مسوحات شهرية على المقروئية و المشاهدة و الإنتشار وفق أسس إحصائية سليمة و ذلك بالتحالف مع منظمات دولية معنية بتقصي معدلات الإنتشار مثل “ABC” و ” Nielsen Media Research “ و بإمكانها أن تشتمل على أهداف أخرى و نشاطات تخدم مصالح القطاع مثل وضع نظام موحد لنسب العمولات التسويقية و آليات إحتساب الخصومات و تحديد إشتراطات الجودة المهنية بحيث لا يتم قبول أي إعلان إذا كان المعلن متعاقد مع جهة واحدة لكل أعماله التسويقية من تصميم و تخطط إعلاني و MBU و ذلك بهدف تنشيط السوق المحلي و إعطاء الشركات التسويقية و الإبداعية السعودية فرصة الحصول على عقود تسويقية و الإستفادة من الميزانيات الضخمة التي يذهب جلها للخارج، إضافة لأهمية أن تكون القوانين التي تشرعها وزارات التجارة و الإعلام و البلديات المعنية بسوق الإعلام و الإعلان تضع في عين الإعتبار توصيات هذ الإتحاد و الذي يقوم بدور المراقب لمصالح الوسائل الإعلامية التجارية و هو الدور الذي قد لا يكون أولوية للجهات الرسمية بإستثاء وزارة الإعلام التي من صالحها أن تنضم كأحد أعضاء هذا الإتحاد لا بإعتبارها مراقب حكومي بل بإعتبارها صاحبة مصلحة كونها تمتلك قنوات تلفزيونية و وسائل إعلامية لها مصالح تجارية كما أوضحنا سابقا.
قلت في الماضي و سأكرره مجددا بإنه لا بأس في أن يتميز السوق بسيطرة الوسائل الإعلامية الأصلح و الأقوى والأكمل فهذا من مقومات و سياسيات الأسواق الحرة, و لكن يبقى هناك تحفظ يتداوله جميع المشتغلون في السوق الإعلامي، فعندما يصبح المرجع الذي يفترض فيه الحياد و الذي يضع الدراسات السوقية التي هي أساس الصرف المالي في سوق الإعلان يتبع مصالح ذلك الفريق أو ذاك على حساب المصداقية و الحياد و الإستقلالية فهو الأمر الذي لا يمكن السكوت عنه و تركه يمضي دون تسليط الضوء عليه و كشفه، لأن ذلك التضليل و الكذب لا يمكن وصفه إلا بأنه سرقة و فساد ممنهج معتمد على فرض الإتاوات و من يدفع أكثر له ما يريد وهي أمور لا يمكن قبولها في السوق السعودي لا من الناحية الأخلاقية و لا من الناحية الإقتصادية، فالمتضررون أكثر من المستفدين و الإرباح التي تجنيها الشركات التي تتلاعب بالحقائق تحقق ذلك على حساب شركات سعودية تعمل على توظيف آلاف المواطنين و تقوم بدورها الإجتماعي و الوطني و الذي للاسف لا يعني شركة “إبسوس” و لامن يقف خلفها.