المقال منشور في جريدة البلاد السعودية
لم ينقطع قط التوق و الإشتياق لمهندس الكلمة و إبداعه الذي يبدو أنه لن ينضب أبدا، فهو منذ عقود يلهم أجيالا بعد أجيال بألحان حرفية من شعور و خيال لا يشبهه في ذلك لا شاعر و لا روائي و لا رسام، بدر بن عبدالمحسن الشاعر و الذي عرفته كإنسان هو
المبدع الذي إستوطن ذاكرة المواطن و الوطن و ما خارجها كشاعر و فنان و مبدع لا يشبهه شئ سوى تلك الخيالات الفكرية و تلك الشذرات الملهمة التي إنغرست في روح كل محب لمعاني الجمال الإنسانية.
كما كل عام يأتينا رمضان الكريم لتنهال علينا عشرات الأعمال التلفزيونية التي جلها يهدف إلى الربح المادي و اللعب على نزعات بني البشر في شهر تتربط فيه شياطين الجن و تنطلق فيه شياطين الإنس ممن لا يأبهون في تلويث عقول الناس بالسخف من جهة و بالنعرات من جهة أخرى و بتهييج الصراعات العقائدية و الفكرية من أجل تحقيق الإنتشار المزعوم و بالتالي جني الأرباح الوفيرة.
و في ظل هذه التخمة التي جلها مفسدة للذوق العام من الأعمال التي تسمن عقولنا دهونا فكرية زائدة و تتخم جوعنا الفكري بملئه بكل ما هو سطحي و مكرر – بإستثناءات قليلة – نجد أننا في أمس الحاجة لقوت يعيد لعقولنا نظامه الفكري الصحي السليم من أجل أن يعالج كل ما أصاب فكرنا و أرواحنا من أمراض العصبية و المناطقية و المذهبية و السذاجية الإجتماعية التي كلما طالبنا بتخفيفها نجدها تزيد علينا و تزيد .
هذا العام قدمت لنا قناة روتانا الملحمة التراثية الخيالية التلفزيونية “توق” و التي كتب قصتها و حوارها الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن و الذي عرف عبر سنوات و سنوات كشاعر الرومانسية و الوطن و مهندس الكلمة و رائد الشعر الغنائي و ملهم الشعراء الشباب.
و هو عمل تدور احداثه حول هيلين “هال” السيدة البريطانية المتخصصه في فك رموز اللغة الآرامية و التي تسافر لمدينة القدس في آواخر القرن الثامن عشر للتنقيب عن الاثار هناك، لتتوه في الصحراء و تبدأ القصة الخيالية و التي تمتزح فيها قصص الجن مع حكايات البادية و مع صراعات الأفراد و ظلم المتنفذين و نخوة الرجال و عشق الهائمين، فـ”سراب” الإنسان أم الجني لا فرق هنا هو أحد أبطالها و ربما الراوي الذي تمكن بفعل فلسفته الخارجة عن المألوف من أن يرانا دون أن نعلم، و الشيخ فراس العاشق المظلوم و النشمي المخدوع بطل من الخيال الإغريقي هو من هؤلاء الذين لم يعد لمثله مثيل فيما بيننا، بينما فاطمة تهيم بين صراعاتها النفسية و ظلمها لنفسها و لأبنها سدران المعجزة و الذي نبذه القريب قبل البعيد.
من يتابع حلقات المسلسل يجده من التراجيديات المحبوكة التي تمكنت من أن تزرع في المتابع كما وفيرا من الحزن و الأسى الإنساني و تأخذ بعقله لمناطق قد يصعب الوصول لها إلا من خلال التحريك الإبداعي لعمل يمتزج فيه روح الفكرة الخلاقة مع الإخراج المبدع و الذي نجح فيه و بإقتدار المخرج التونسي شوقي الماجري و الذي تمكن أن ينقل للمشاهد عالم بدر بن عبدالمحسن الفكري و تمكن من تجسيد و ملامسة الكمال الإبداعي الذي كتب به العمل.
بالنسبة لي كمتابع يعتبر “توق” أكثر من عمل تلفزيوني تراثي يهدف إلى التسلية البريئة و المتعة الفكرية المحدودة، فهو كما أقرأه رحلة فلسفية لفكر هذا الشاعر العملاق و توثيق بل ربما تصوير لأماكن لم تكتشف بعد من عمق فكر بدر بن عبدالمحسن الإبداعي، فكما أنه تسيد الساحة الشعرية لسنوات طويلة و لا يزال بفضل قصائدة الرائعة و التي لديها قدرة خارقة على ملامسة الروح و العقل و كأن كل قصيدة من قصائدة الكثيرة قد كتبت خصيصا لذلك المتذوق أو ذاك و هي التجربة التي دعت عشرات الآلاف إن لم نقل مئات الآلاف من محبيه و متابعيه من أن يعشقوه كإنسان و فنان و مبدع يشعر بهم و كأنه منهم.
أقول كما أنه تسيد الساحة الشعرية فقد أعلن في تقديري عن قدومه و بقوة لساحة العمل الروائي العربي من خلال تقديم أعمال تتساوى قيمتها الأدبية و الفكرية ضمن حبكة روائية طويلة بما قدمه بنجاح لعقود مضت في أبيات شعرية موزونة، كل ذلك في رحلة تعتمد على خياله الخصب و الذي بحرفيته المعهودة تمكن من تحويل إبداعاته إلى سلسلة طويلة من الأحداث و القصص تذكرنا بالملامح الشعرية الإغريقية الكلاسيسكة العظيمة.
و رغم كل الحزن الذي يلف هذا العمل إلا أنه حزن خيالي تمكن من أن يدفعنا نحو التأمل في نوازعنا و دواخلنا النفسية من أجل تمرين الذات و تحصين الفكر و النفس على التغلب على كل ذلك الهم و الحزن الواقعي الذي يلتف بحياتنا، و ربما هو درس بأن الحقيقة التي قد نكون مقتنعين بها هي في الحقيقة لا تعدو من أن تكون سراب في مدينة قد يكون إسمها العيدان و قد يكون إسمها أم الرماد و قد تكون العاطشة التي تغرق كل عشرين عام لتعود من جديد لتنتظر غرقها من جديد في حكمة إنسانية قل من يعيها.
What i don’t realize is actually how you are no longer really much more well-liked than you might be now. You are very intelligent. You know therefore considerably in terms of this matter, produced me for my part consider it from a lot of numerous angles. Its like women and men aren’t fascinated unless it¡¦s something to do with Woman gaga! Your personal stuffs outstanding. All the time care for it up!
I just want to tell you that I am new to blogging and site-building and actually enjoyed this blog site. Most likely I’m likely to bookmark your site . You actually have beneficial articles. Appreciate it for revealing your web site.
حوار رائع ومقال ممتاز ومدونة جميلة شكرا لك وبارك الله فيك …