مصر .. عندما تتحكم الأقلية

المقال منشور في جريدة الوطن السعودية
يبدو أن العاصفة التي اجتاحت العلاقات السعودية المصرية خلال الأسبوع الماضي قد هدأت، وهي العاصفة التي نتجت إثر ما عرف بقضية
الجيزاوي وما تلا ذلك من تعدي مجموعة من الغوغاء على سيادة بلادنا عبر الأعمال التخريبية التي قاموا بها بمقر سفارتنا في القاهرة، وما ترتب عن ذلك من استدعاء الخارجية السعودية للسفير السعودي في مصر للتشاور، وكذلك تعطيل العمل في كل من السفارة وقنصليتي الإسكندرية والسويس.
خرج العديد من التصريحات الرسمية من هنا وهناك كانت في مجملها تستخدم اللغة الدبلوماسية في محاولة نزع فتيل التوتر والاحتقان الذي شاب العلاقات، والذي تجلى بوضوح من خلال الحملات والحملات المضادة التي شهدتها الشبكات الاجتماعية والتي تصاعدت في الأيام الأولى لدرجة تصور بعضهم أن مواجهة من النوع الذي لا تحمد عقباه في طريقها للتحقق، خصوصا بعد أفول صوت المشككين السعوديين ممن عمل على مساندة الموقف المصري في بادئ الأمر دون التحقق من تفاصيل القضية المشكلة، والتي اتضحت إثباتاتها تباعا والتي تدين المحامي المصري وتقدمه كمهرب حبوب مخدرة، وهو الاتهام الذي لا زال يشكك به من يرغب في تحويل الإشكال القانوني إلى أزمة سياسية بين بلدين شقيقين من خلال اتهامات مضادة فيها كثير من التسطيح والسذاجة في الطرح، واعتماد لنظرية مؤامرة ربما يصعب حتى على المشككين التصديق بها، خصوصا بعد تعدد الإثباتات التي قدمت عبر الإعلام للرأي العام.
أنا مع محاكمة عادلة للمتهم، ولكني في ذات الوقت مع الموقف الحازم الذي اتخذته الدولة في استدعاء السفير والتلويح بشدة لمن يحكم في مصر على أن الأخوة التي طالما كانت أساسا للعلاقات بين البلدين لا تعني بأي حال من الأحوال أن تقف السعودية مكتوفة الأيدي أمام تصرفات مجموعة منفلتة، وهو موقف يجب أن يسمعه القاصي والداني.
لم تكن المملكة أبدا دولة تقوم بالتهديد أو بالتعامل مع المسيء بالمثل، إلا أن العالم اليوم يعيش في زمن انقسمت فيه بوضوح العلاقات السياسية بين الدول، فإما دولة صديقة تجمعنا بها المصالح والأهداف الاستراتيجية وإما دولة معادية يجب الحذر منها والتصدي لها، وإما دولة لا تعني في الميزان السياسي أي شيء سوى مجاملات العمل الدبلوماسي ولقاء كل عقد على هامش اجتماع أممي.
لا شك في أن السعودية حكومة وشعبا ترى في مصر حليفا استراتيجيا وشريكا على جميع المستويات، ولا أشك في أن جميع المصريين يرون في السعودية ذات الشيء باستثناء قلة من الرعاع، وعليه فإن موقف من يحكم مصر يجب أن يكون واضحا في هذا الصدد، فهل هم مع رأي الأغلبية أم يفضلونها علاقات على نسق مجاملات العمل الدبلوماسي؟


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

One response to “مصر .. عندما تتحكم الأقلية”

  1. Clair Betters

    I simply want to say I’m all new to weblog and seriously enjoyed your blog site. More than likely I’m going to bookmark your website . You certainly come with tremendous stories. Cheers for sharing your website page.

اترك تعليقاً