ثقافة العصر،، بين أُمّية الوزارة و ثريا العريض

في وقت تقوم وسائل الإعلام المختلفة بمحاولة إقناعنا بأن نظام التعليم في المملكة يسير باتجاه الإصلاح و أن الحكومة تعمل على تعديل النمط السائد في التعليم بتحويله من نبط التلقين و الحفظ إلى آفاق أوسع من الابتكار و الإبداع و ذلك من خلال كل ما ينقل من أخبار عن توقيع مذكرات تفاهم هنا و توقيع عقود تطوير المحتوى هناك و من استقبال جامعة محلية لمجموعة
من علماء العالم من أجل إبهارهم بمدى تطورنا أو من خلال مؤتمر يعقد في ربوع بلادي لمناقشة أفضل طرق التدريب و التدريس باستخدام التقنية الحديثة، في خضم كل هذا الحراك الذي يبدو أنه يضعنا على الطريق السليم نحو تأسيس مجتمع حضاري متطور يتماشى مع متطلبات القرن الواحد و العشرين نجد أن الوجه الحقيقي لهذا الواقع ينكشف لنا دون قصد و إن كان ذلك الانكشاف سريع و خاطف إلا انه واضح وضوح الشمس ، و هو حال إنكشاف شبيهه بما يحصل لتلك المرأة التي تبدوا جميلة نتيجة المكياج الذي أعادة رسم خارطة وجهها بحيث تبدوا مثل هيفا عجرم او نانسي وهبي و لكن سرعان ما ينكشف قبحها حالما تراها في الصباح الباكر قبل التزّين و التمكّيج و التشخّص.

أقول هذا بعد ما قرأت ما نقلته جريدة الوطن في عددها الصادر اليوم في الخبر المعنون ( تعثر 4 معلمات في التربية و التعليم بسبب غياب البريد الإلكتروني) و قد ورد في متن الخبر ما يلي (تعثر تمرير 4 معاملات إلكترونية صادرة من إدارة محو الأمية “بنات” في وزارة التربية والتعليم إلى 4 جهات رسمية تابعة للوزارة، بسبب عدم وجود بريد إلكتروني لهذه الجهات ،وكشف تعثر إرسال المعاملات الإلكترونية عدم وجود بريد إلكتروني رسمي لدى أقسام محو الأمية في منطقتي عسير وجازان، ومحافظتي الدوادمي ومحايل عسير).

و عليه فأننا نفهم أن جهات رسمية تعمل على محو أمية أبناء و بنات هذا الوطن لا تعترف و لا تتعامل مع التقنية و هي جهات تتبع وزارة التربية و التعليم و التي لا تبرح صبح مساء في القول بأنها تعمل على أن تصبح آليات التدريس لدينا ومناهجنا التعليمية متماشية مع لغة العصر ( أي التقنية)، و بالتالي فإن الجهات التي من المتوقع أن تعمل على محو الأمية اللغوية لم تصلها سياسية الوزارة الداعية لمحو الأمية التقنية و التي كما تصفها الوزارة صبح مساء بأنها لغة العصر، و هو ما يجعلني أعود للقول بأن هذه الوزارة مع شقيقتها التي تعنى بالتعليم العالي لا تعلم من العمل الوزاري إلا التصريح للصحف و إيهام الناس بأنها تعمل من أجل الأجيال القادمة في وقت لم تكلف نفسها عناء العمل من أجل ذاتها و محو أمية نظامها الإداري و الذي هو في تقديري سبب تخلف تعلمينا إذا ما قرناه بالمقاييس العالمية.

اليوم قرأت لقاءا صحفيا غاية في الروعة أعده الأخ العزيز ميرزا الخويلدي مدير مكتب الشرق الأوسط في المنطقة الشرقية و نشرته جريدة الشرق الأوسط  مع الأديبة و الشاعرة السعودية ثريا العريض، و التي تحدثت فيه عن تجربتها الثقافية و الفكرية و نظرتها تجاه ما يمر به العالم العربي و السعودية خصوصا من تحولات ثقافية و فكرية و آثر ذلك على المستقبل، و وجدت نفسي أغوص في كلامها هذا و تحليلها الذي لامس الحقيقة دون أي مكياجات او تعبيرات رمزية لمجاملة ذاك او خوفا من إحراج ذاك و بدأت احلل هذا العمق في التحليل والصراحة في الطرح و الذي ينبع من إنسانة عرفت التعليم و الثقافة و الأدب قبل أن تعرف معنى البروتوكول و فلاشات الكاميرات و أرتقت بذاتها فكريا و اجتماعيا بحيث أصبح يشار لها بالبنان إحتارما و تقديرا لعقلها و احترامها لعقل المتلقي، و في ذات الوقت أقارن ثريا العريض الإنسانة و مخرجاتها الثقافية و الفكرية بواقع نظام التعليم في المملكة و الذي يتميز و باقتدار فائق على توقيع الاتفاقيات و العقود و مذكرات التفاهم من أجل تسخير البروتوكول و زيادة فلاشات الكاميرات، و سرعة الوزارة في التجاوب مع الإعلام من خلال إرسال صور المسئولين التي تؤخذ في (ستديو زماني)و إرسال التصريحات الصحفية الرنانة التي تحتوي على كلمات تهيّج مشاعر الناس مثل (التطوير) و (الريادة الثقافية) و ( الشفافية) و (الاسس العلمية) و التي ترسل بدورها بالفاكس و بالمناوله و (بالبريد الإلكتروني) لضمان وصولها للصحيفة تمهيدا لنشرها في صدر صفحاتها و بالألوان، في وقت لا تحتوي هذه التصريحات اي إلتزمات او تعهدات تحترم من خلالها عقل المتلقي و تقول له أني اعمل بحق من أجلك فحاسبني إن قصرت.

الفرق بين نظام التربية و التعليم و ثريا العريض هو الفرق ما بين العمل من أجل النهوض بالذات والإرتقاء  بالمحيط و ما بين العمل من أجل بروز الذات و حماية الكرسي الذي يحميني من المحيط.

لم أجد موضوع تعثر المعاملات على موقع جريدة الوطن و لكني وجدته في الرابط التالي: إضغط هنا


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

6 responses to “ثقافة العصر،، بين أُمّية الوزارة و ثريا العريض”

  1. manicure

    Magnificent beat ! I would like to apprentice while you amend
    your site, how can i subscribe for a blog web site?
    The account aided me a acceptable deal. I had
    been tiny bit acquainted of this your broadcast provided bright clear concept

  2. Luigi Ashbacher

    I just want to say I am just beginner to blogging and site-building and really savored your blog site. Almost certainly I’m going to bookmark your blog post . You really have awesome posts. Thanks for revealing your web-site.

  3. فادية

    لا اعلم لماذا لا يغيرون هذا الوزير و نفتك من هذا النمط المتخلف في التعليم

  4. مشاعل

    بس جيت أقول كلوووو تماااااام أخيراً قدرت أتصفح مدونتك 🙂

  5. فهد العتيق

    احلى شي صورة الوزير بين التلاميذ وكل طالب قدامه لاب توب بس وزيرنا كيفه والايميل اشوف ما قدامه لاب توب

اترك تعليقاً