صحفنا بـ٣ أو بـ٤ ريالات ، هل هو إنتحار

d8a7d984d8b5d8add981-d8a7d984d8b3d8b9d988d8afd98ad8a9ينشر بالتعاون مع موقع (المفكرة الإعلامية)
تردد في الآونة الأخيرة أخبار متفاوته من حيث المنطقية و المعلومة و السبب مفادها جميعا بأن عدد من الصحف السعودية قد قررت أو يتم توجيهها برفع أسعار نسخها في السوق لتصل حسب ما تقوله أخبار إلى ثلاثة ريالات للسخة الواحده و إلى أربعة ريالات حسب ما تشير إليه أخبار منقوله أخرى.
و قد تناقل المشتغلون في الوسط الإعلامي و الصحفي الورقي على وجه الخصوص هذه الأخبار بشئ من التشكك في حين و بشئ من الإستغراب في حين و بشئ من التساؤل حول مدى منطقية ذلك في وقت تواجه الصحافة السعودية و العالمية بوجه خاص تحديات في الإنتشار و صعوبات حقيقية في إيجاد آليات ناجعه لتنمية مدخولاتها الإعلانية نتيجة إنحسار أرقام التوزيع لمستويات يقدرها البعض أنها إنخفضت لما كانت عليه في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي، إضافة للتحدي الأكبر الذي تواجهه الصحافة الورقية بشكل عام و المتمثل بالتهديد المستمر من قبل مصادر المعلومات و الأخبار المختلفه الإلكترونية منها و المجانية.
سعت صحيفة عكاظ منذ أكثر من عام لإقناع عدد من الصحف السعودية مثل الرياض و الجزيرة بإتخاذ القرار الجماعي بزيادة الأسعار لثلاثة ريالات للنسخة، إلا أن تلك الجهود لم تصل لإتفاق فسره البعض أنه نتيجة رغبة جهات رسمية في إجهاض عملية من هذا القبيل قد ينتج عنها زوال عدد من الصحف المحلية التي تواجه أزمات مالية كبيرة خصوصا إذا ما علمنا بأن الجهات الإعلامية الرسمية تعمل منذ مدة على إنعاش بعض تلك الصحف المتعثرة و ترغب في أن لا تتمكن جهات إعلامية خاصة ذات نفوذ مالي و إجتماعي من فرض إحتكار مناطقي يخدم مصالح قد تراها الجهات الرسمية أنها لا تخدم بالضرورة المصالح الوطنية العامة.
في الأسبوعين الأخيرين من العام المنصرم ظهرت معلومات من مصادر مطلعه تقول بأن هناك عمل دؤوب من بعض الجهات الإعلامية التي لم يكشف عنها تهدف لرفع قيمة النسخة الواحدة من الصحف المحلية إلا أربعة ريالات متجاوزه تنبيهات عدد من المشتغلين في الوسط الإعلامي على أن قرار من مثل هذا النوع قد يكون له تأثيرات دراماتيكية على الصحافة الورقية على المدى المتوسط و الطويل، و قد يأدي ذلك لإعادة رسم خريطة صناعة الإعلام الخاص السعودي بطريقة قد تكون في أحد أوجهها مسيسه لمصالح جهات قد لا تكون كما يقول البعض ذا توجهات تخدم المصلحة العامة و قد يفتح الباب أمام ظواهر إعلامية يصعب السيطرة عليها

ماذا يعني إذا أن تقوم المؤسسات الصحفية السعودية بزيادة أسعار نسخها في هذا التوقيت بالذات ؟
المتأمل للواقع الزماني و المكاني و الظرفي الذي تعيشه الصحف المحلية يمكنه الإستنتاج أن أي قرار بزيادة أسعار الصحف سيأدي إلى أحد أو جميع ما يلي:
١- زيادة قصيرة و متوسطة المدى للدخل العام و بالتالي تغطية محدودة للعجز الحاصل في الدخل العام دون ضمان أن يأدي ذلك لتحقيق أي أرباح، مع التأكيد على التأثر السلبي من هذا القرار في المدى البعيد
٢- خلق الظروف المناسبة لتحول السوق من سوق تعتمد فيه الصحف اليومية إستراتيجية البيع اليومي من خلال المنافذ إلى سوق إشتراكات و حملات مبني على العروض التسويقية و الخصومات الموسمية.
٣- خلق ذريعة إضافية لدى الجبهه الرافضة للصحف الورقية لزيادة وتيرة العداء و المقاطعة و تحول الحجج من قبيل الرقابة و التسييس و المصالح المالية و دعم المتنفذين الماليين و السياسيين إلى حقيقة ملموسه لدى المتلقي.
٤- سيأدي ذلك القرار إلى إنخفاض فوري في معدلات التوزيع و بالتالي إنخفاض واضح في الوصول للجمهور.
٥- إنخفاض معدل الوصول للجمهور سيأدي مباشرة لدفع المعلن نحو البحث عن منافذ تسويقية أكثر جذبا و وصولا للشرائح المتلقية و التي لم تعد الصحف تحققها.
٦- تمكين صناعة النشر المتخصصه من إحتلال موقع الريادة من حيث كونها المصدر الأمثل للمعلومة في سوق لم يعد يرى في الصحف بمحتواها العام ذات جدوى إقتصادية خصوصا مع منافسة سعرها اليومي المرتفع مع المصدر المتخصص الإسبوعي المنخفض بالمقارنة.
٧- زوال كل الصحف التي لا تستطيع أن تقدم محتوى منافس من حيث الدقة و الإنفراد و القادر علي التواجد في أكبر شبكة توزيعية في النطاق الجغرافي الذي تعمل به.
٨- إنتعاش لا شبيه له للصحافة الإلكترونية من حيث التأثير و الوصول و بالتالي من حيث تمكنها من إقتطاع أكبر قدر ممكن من الميزانيات الإعلانية التي خسرتها الصحف الورقية.
٩- سيتأثر المشتغلون في الصحافة بشكل عام بإنخفاض مداخيلهم الشخصية و ذلك في الفترة التي ستلي مباشرة قرار الرفع و ذلك لإعتبارات ما سبق إضافة لكون الصحف لن تستطيع تشغيل العدد الحالي من العاملين في هذا القطاع و لن تستطيع الإبقاء إلا على المتميزين منهم ممن يمكن إعتبارهم قادرين على تبرير رواتبهم و إعتبارها عائدا مجديا على إستثمار الصحف فيهم.
١٠- ظهور صناعة الصحف الإخبارية المجانية و التي يعرف عنها المستوى التحريري المتدني و التي ترتكز على أخبار الفضائح و الجريمة و كل ما يمكن أن أن يدرج ضمن ما يعرف بالصحافة الصفراء.

أخيرا النتائج المترتبه على قرار كهذا سيكون لها أبعاد و أوجه كثيره منها تلك التي تتعلق بالصحف ذاتها كما أوضحنا و منها ما له علاقة بالمحيط الإعلامي الأعم و منها ما له علاقة بالجوانب الثقافية للبلاد و المجتمع و بدرن شك ذلك كله سيكون له إسقاطات و تأثيرات متنوعه تتعلق بمسائل الحريات و الرقابة و علاقة التمويل و المال بمصادر المعلومة و الموضوعية و ما إلى ذلك من قضايا تمس في جوهرها الأهداف النبيلة من فكرة الإعلام و الإفهام و الإخبار.


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

2 responses to “صحفنا بـ٣ أو بـ٤ ريالات ، هل هو إنتحار”

  1. Leland Zadrozny

    I simply want to tell you that I’m newbie to weblog and absolutely enjoyed this web blog. Likely I’m going to bookmark your blog . You definitely come with excellent articles. Many thanks for sharing your webpage.

  2. عبدالرحمن

    راي جميل بس ياريت تكونوا عالى اد كلمتكم

اترك تعليقاً