هل حقا خليجنا واحد ؟

نُشر يوم أمس الأول الاثنين في الصفحة الثانية من جريدة الشرق الأوسط إعلان لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم يتعلق بعرض فرص الحصول على منحة للدراسات العليا تمنحها المؤسسة في تخصصات إدارة الأعمال و السياسة العامة و المالية و ذلك من أرقى الجامعات العالمية مثل جامعة كولومبيا و كرانفيلد و إنسياد في لإدارة الأعمال و جامعة ديوك و هارفارد و (لندن بزنس سكول) لإدارة الأعمال
، و غيرها من أرقى الجامعات و المعاهد العالمية المتخصصة.
يتضمن الإعلان برنامج مواعيد المقابلات التي سيعقدها ممثلوا المؤسسة في عدد من العواصم الخليجية خلال شهر ديسمبر الحالي بهدف عرض فرص إبتعاث الشباب العربي على نفقة المؤسسة، و الغريب في الأمر أن جميع العواصم الخليجية تم ذكرها باستثناء الرياض، مما يعني أن الأشخاص الراغبين في الاستفادة من هذه المنحة و الذين تنطبق عليهم الشروط من السعوديين لن يتمكنوا من التقدم لذلك إلا إذا قاموا بالسفر لأحد العواصم الخليجية الأخرى.
و هنا لا بد من طرح سؤال جوهري و هو (لماذا لم تدرج الرياض ضمن المدن الخليجية التي تعقد فيها اللقاءات المخصصة لعرض فرص الإبتعاث هذه ؟ )، هل هو بسبب أن المؤسسة ذاتها لا ترغب في منح السعوديين الفرصة للاستفادة من هذه المنحة، و هو أمر أستبعده لأن المنحة في الأساس تنطلق من أهداف عربية كما تقول في مقدمة تعريفها لبرنامج المنحة حيث تقول ( توفر مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم فرصاً للطلاب العرب للحصول على منح للدراسات العليا في كبرى الجامعات العالمية)، و هل لأن الشباب السعودي ليس في حاجة لمثل هذه المنح على اعتبار أن ما تقدمه الجامعات السعودية يعد كافيا لإستعاب متطلبات و تطلعات الشباب السعودي و هو ما لا يمكن القول به حيث أن البلاد شهدت في الآونة الأخيرة أعداد كبيره تم إبتعاثها لأوربا و أمريكا لإكمال الدراسة الجامعية الأولية نظرا لعدم مقدرة الجامعات المحلية على إستعابهم.
إذا ما هو السبب الذي يدعو مؤسسة عُرف عنها الريادة في العمل الخيري و التطويري أن تتجاهل عرض مثل هذه الفرص على شباب دولة تعد الأقرب لها خصوصا في العشرة سنوات الأخيرة بفضل الاستثمار المشترك و التبادل التجاري الضخم و التزاور الإسبوعي بين مواطني البلدين.
هل يعقل أن تكون المؤسسة تعمل من خلال منطلقات مبنية على الافتراض و الذي يمكن أن يكون مفاده ( لا داعي أن نذهب للسعودية، فلديهم جامعات ، و لديهم بعثات، و لديهم مال، فبتأكيد هم ليسوا في حاجة لهذه المنح)، أم أن هناك سببا آخر دعاهم لعدم وضع السعودية ضمن البرنامج، فهل هو أن السعودية لا تريد لمثل هذه البرامج غير الوطنية أن تسهم في الارتقاء بعقلية الشباب و هو الأمر الذي قد يؤدي لتغير أنماط التفكير و المؤدي حتما وفق القناعة السطحية لكثير منا أن يؤدي ذلك لتبدل الولاءات و الانتماءات و السعي للهجرة لديار تعطي للعقل مجال للحركة.
ما قرأته في هذا الإعلان من معاني سُطرت و لم تُسطر أثار لدي تساؤل لم أجد له إيجابه شافيه و لم أستطع أن افهم خلفياته، و لكن ما اتضح لي بدون شك هو أن خليجنا الذي طالما حلمنا أن يكون واحدا لا زال يواجه منغصات من هنا و أشياء من هناك من أجل أن يبقى هذا الخليج مجرد شعار و بطولة كروية و اجتماع سنوي يعقد دون أن يتمخض عنه سوى (رحب و استنكر).