ينشر بالتعاون مع موقع “المفكرة الإعلامية” … تلقيت في اليومين الماضيين عددا من الرسائل عبر البريد الإلكتروني و عبر الفيسبوك تسألني عن رأيي حيال التصريحات الأخيرة للأستاذ عبدالرحمن الهزاع الخاصة بقرب صدور التنظيمات الجديدة للإعلام الإلكتروني و ما إذا كنت أؤيد أو أعارض كلامه الذي صرح به على قناة العربية حول
إخضاع المدونات و المنتديات لنظام الإعلام الإلكتروني الجديد، و منذ ذلك الحين و أنا متردد في الكتابة عن موقفي لا لشئ إلا لكون المواقف التي تصدر عن الوزارة بهذا الشأن تعد بالنسبة لي محيرة و غير واضحة الملامح و ربما يصفها البعض بأنها متناقضة، و ذلك كونها تستخدم عبارات مطاطية في حين و بيانات إستطرادية توضيحية توصف أحيانا بأنها مواقف فيها تراجع عن موقف الوزارة الحقيقية و لأسباب مختلفة في حين آخر، كل ذلك يجعل من الصعوبة بمكان بالنسبة لي بناء موقف واضح تجاه موقف الوزارة من هذا الموضوع.
و قد راسلت الأستاذ الهزاع بعد تصريحة بقناة العربية و الذي أثار الموضوع و قبل أن ينشر تصريحة التوضيحي الذي نقلته وكالة الأنباء الفرنسية و الذي نفى فيه أن تكون المدونات ستخضع لنظام الإعلام الإلكتروني، حيث طلبت منه توضيح بعض البنود التي يتضمنها هذا النظام الوليد و ذلك لكي تتضح الصورة للمهتمين بحيث تكون وسيلة جيدة لقياس مدى قبول و رفض المعنيين لتلك البنود و هو بطبيعة الحال نقاش لن تكون الوزارة مجبرة بالرضوخ إليه و لكنه بدون شك مفيد للطرفين.
لم يصلني رد الأستاذ عبدالرحمن و هو أمر لا مشكلة فيه و هو الرجل الذي طالما تواصل معنا كإعلاميين و أبدى وجهة نظره تجاه ما نكتب و نتسائل حياله، فقد يكون لديه مشاغله التي منعته من الرد و الذي لا أخفي إن قلت أني كنت آمل أن يكون بهدف الحصول على إنفراد صحفي لموقع المفكرة الإعلامية و هو الموقع الذي واكب الموضوع منذ بدايته حينما نقل ملخص حديث الأستاذ الهزاع التلفزيوني إضافة لنقله كاملا عبر اليوتيوب.
في لقاء صحفي أجرته معي صحيفة الرياض منذ نحو عام قلت بأن التعاطي مع منطق الإعلام الإلكتروني يجب أن لا يكون من خلال تطبيق منطق الإعلام التقليدي، و في حينه قال البعض بأن هذا الموقف الرافض لأي شكل من أشكال الرقابة التقليدية قد يسبب لي بعض المتاعب، إلا أني كنت و لازلت مؤمن بأن العقلية الرسمية في البلاد قد تغيرت بشكل كبير و تبدل تفكيرها تجاه قضية الرقابة و فلترت الأفكار بحيث نجد أن أعلى الهرم الحكومي يطالب الإعلام نقد الوزراء و الوزارات و القيام بدورها الرقابي، فخادم الحرمين الشريفين عندما يظهر على شاشة التلفزيون الرسمي و يقول للوزراء بأن تقصير وزاراتهم لن يتحمله إلا هم، لهو دليل بأننا نعيش زمن الإعلام الناقد في مقابل الإعلام الناقل الذي عشناه لعقود طويلة.
اليوم و قد قارب موعد صدور هذا النظام الذي يبدوا أنه سيولد مستهجنا و مغضوب عليه سيكون بدون شك أكثر الأنظمة تحليلا و نقدا و إعتراضا و ذلك لكون المعنيين به هم بطبيعتهم مجموعة نشطة ممن أحب تسميتهم (بصقور النقد الجدد) الذين يمتلكون حس عالي من التحليل و نظرة ثاقبة في النقد و رؤية معارضه تجاه أي شكل من أشكال الوصاية و الرقابة، و عليه فالإشكال الذي سيظهر سيكون مدى قدرة هذه الأنظمة على أن تكون قابلة للحياة و التطبيق في جو مشحون من عدم الثقة بين الطرفين و في وقت تبقى الوزارة كما يبدو غير متأكدة حول ما إذا كان هذا النظام فعلا يتعامل مع خطر كما يتوهمه بعض المشككين أم هو مجرد شكل من أشكال مواكبة الوزارة لدورها في التشريع و التنظيم كما يقول بعض البرغماتيين داخل الوزارة ممن يقفون في الوسط بين تيارين متناقضين في عالم الإعلام الجديد.
أعتقد بأن الوزارة و ضمن مساعيها للتعامل مع هذا الإعلام ذا الديناميكية المختلفة عليها أن تعي جيدا الفرق عند تقييمها لأهداف هذا النظام و مخاطره، فالصحف على سبيل المثال تتشابه في أهدافها و مساعيها بصرف النظر عن ما إذا كانت ورقية أم إلكترونية في حين أن المنتديات على سبيل المثال من الصعب إدراجها ضمن طبيعة الصحف لإختلافات جوهرية لعل أهمها أن كاتب الصحيفة و صحفييها يكتبون بإسمائهم الصريحة بينما جل من يكتب في المنتديات هم ممن يستخدمون أسماء مستعاره و بالتالي فمن الصعوبة بمكان أن يكون النظام شاملا و عادلا و منطقيا للإثنين معا و ذلك لإختلاف طبيعة عملهما و تكوينهما.
في حين لابد أن أشير لكون المدونات على سبيل المثال و التي أثبتت عالميا بأنها النبض الحقيقي المحرك و المتحرك من الشارع أنه من الخطأ التفكير في التعامل معها و مع كتابها بمنطق التنظيم الوزاري الرسمي و ذلك لكون المدونات أساسا وسيلة فردية للتعبير عن الرأي دون رقيب أو محاسب و في ساحة حيادية إلكترونية خلقت لمناقشة الرأي و الرأي الآخر يكون الحكم فيها للمتابع، فإن أطرت حركتها بخلق آليات رقابية أو نظم عمل مؤسساتية سيكون ذلك إذانا بنهاية المدونات وفق الأسس و الأهداف التي نشأت أساسا لتحقيقها و العمل بموجبها.
لا شك في أن الوزارة أمامها تحدي كبير يتمثل في قدرتها على إعادة برمجة منطقها التنظيمي و التشريعي ليتواكب مع لغة و جمهور يختلفه جذريا مع ما تعودة عليه الوزارة في عملها منذ تأسيسها، و لعل فهم أن الطريق الذي يربط المرسل و المتلقي أصبح ذا إتجاهين بحيث يصبح المتلقي مرسلا و المرسل متلقي يعد أهم خطوة في عملية إعادة البرمجة هذه، لأن الإعلام وفق تعريفة المؤسساتي حاليا لا زال يتعامل بإعتبار نظرية الرصاصة واقعا معاشا، بينما مجرد التعاطف مع منطق يقول بأن الإنسان هو متلقي ضعيف ليس لديه قدرة المقاومة للرسالة الإعلامية سيجعلك أضحوكة من محيط يرى بأن الإعلام الحقيقي القابل للحياة في عصرنا هذا هو ذلك الذي يكون إنعكاسا لمحيطه و ليس العكس.
من المؤكد أن للحديث بقية …….
إعادة برمجة وزارة الإعلام إلكترونيا
أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر
I just want to say I am new to blogs and seriously liked this blog site. More than likely I’m likely to bookmark your website . You surely have exceptional stories. Thanks a bunch for sharing with us your blog site.