شرف المحاولة و التحدي

لعله مر أكثر من سنتين منذ أن شرعت في نهار يومي بكتابة تدوينه، لا أعرف ما هو سبب انقطاعي لكل هذه المدة و لا أعرف السبب الذي دعاني اليوم لأن أقرر الكتابة رغم ما يحمله يومي هذا من مشاكل طرأت في عملي ستتطلب مني
جهدا إضافيا سيؤدي بي لمواصلة يومي هذا بيوم غد، ربما لن أذوق فيها النوم لأكثر من ساعة.
قد يكون الترقب هو ما جعل الهروب نحو الحروف ملاذي المريح و قد يكون الرغبة في الصراخ و التفكير بصوت عالي دافعا لرسم كلماتي على هذه المساحة التي طالما احتضنت هواجسي و آمالي و تطلعاتي.
من على ضفاف شاطئ الدوحة حيث يستقر مقر عملي و عبر نافذة مكتبي الكبيرة المطلة على هذا البحر الهادئ مرورا بشموخ النخيل و هدوء الطريق الموازي و رنين الهاتف و صوت الهواء الخافت، أجلس و في ذهني أطنان من أفكار و حسابات لسيناريوهات جلها تكّون من صعوبات الزمان و تعقيدات المكان و الظروف، أنتظر المستقبل أن يكون الآن و ألتفت نحو الماضي لأقتات منه تجربة تفيدني في التعامل بعقلية المتنبئ لما سيحدث و ربما ما لن يحدث.
يقال في المثل أن الموت مع الجماعة رحمة، و أقول أنا بأن الحياة بوجود المساند و الأخ و المعاون و الحليف هو أرحم، فكم من تحدي كشف لنا أن الرجل معادن و أن الأخوة ليست بالضرورة تلك التي تستند إلى الدم مرجعا، و كم من أمنية كانت في عقل صاحبها حلما لولا بشر بقيمة الأمل الجميل تمكنوا بفعل ما يمتلكون من نقاء من تحويل مسار الزمان نحو واقع بحجم الأماني و الطموحات الكبيرة.
دقائق عشر هي مدة هذه الرحلة التعبيرية الداخلية، بدأتها بـ(لعله) متسائل لا أعرف النتيجة و لا أملك خارطة لطريقي، و لكن رغم ذلك أرى الآن في الأفق طيف بلون هذا البحر الكبير يقول لي بأن تموجات لون ما تبقى من باقي يومي و غدي ستكون بجمال قوز قزح و تقلبات مياه الخليج، سيكون منها كثير من الألم و لكن سيبقى الأهم في داخلي رغبة التحدي و الصمود و النظر إلى الذات بقناعة، فإن حققنا النجاح و إن نلنا رضى البشر فالحمد لله و إن أخفقنا فيكفي أن نلت لذاتي شرف المحاولة و التحدي.