في زيارتي الأخير للقاهرة كنت انوي أن أقوم بزيارة أكبر قدر ممكن من المعالم المشهورة لهذه المدينة التاريخية العظيمة، على الرغم من قصر المدة التي قضيتها و ازدحام جدول الأعمال و الذي تمثل بحضور مؤتمر و اجتماعات جانبية مع عدد من مسئولي الشركة التي أعمل بها، و لعل أكثر تلك المعالم التي كنت أتمنى زيارتها و لم أتمكن هي مكتبة مدبولي الشهيرة و التي علمت اليوم من خلال ما نشرته الصحف أن مالكها
الحاج محمد مدبولي قد توفاه الله بعد صراع مع المرضى استمر لستة أشهر، بعد أن عاش رحمه الله حياة مليئة بالتحديات و المجابهات الثقافية و الرقابية مع السلطات الدينية و السياسية وهي تحديات كان لها الأثر الأكبر في اشتهار مكتبته و اعتبارها احد المعالم الثقافية الشهيرة لهذه المدينة التي أنجبت لنا أعظم أدباء العصر الحديث و أشهر مفكري و سياسيي العرب في مراحل الحرب و السلام.
هل هو القدر الذي دفعني لأن اعزم أكثر من مرة دون نتيجة على زيارة هذه المكتبة أثناء زياتي الأخيرة، و هل هو الحظ الذي رفض أن يحقق لي مبتغاي بأن أعود لمكان كنت قد زرته قبل نحو 16 سنة عندما قررت في صباح إحدى أيام صيف 1992م و أثناء ما كان زميلي الذي سافرت معه نائما و غارقا في أحلام هنيئة أن ازور مكتبة كنت قد سمعة عنها الكثير و عن مالكها الرجل البسيط الذي كانت له و لازالت في حينه صولات و جولات من التحدي من أجل حرية الثقافة و الإبداع، و بالفعل أخذت تاكسي و طلبت منه أن يأخذني لمكتبة مدبولي في ميدان طلعت حرب، و قد كنت أثناء الطريق أعتقد بأني سأجد مكتبة على غرار (مكتبة جرير) أو (مكتبة العبيكان) بكل ما تحويه من فخامه و متعه التسويق و كونهما أكثر من مجرد مكتبه، و حينما توقف التاكسي فوجئت بالسائق يشير بموقع المكتبة الذي لم يتجاوز من الخارج دكان بسيطا تملئ واجهته أكوام من القصص المترجمة و كتب الدين و السياسية و المراجع الفلسفية.
تجولت كباقي المرتادين ابحث عن كتب كنت قد يئست من أن أجدها في المملكة و خصوصا أعمال أدبية و فلسفية مثل الأعمال الكاملة لجبران خليل جبران و بعض مؤلفات عبدالرحمن بدوي و كتاب مرداد لميخائيل نعيمة و نسخ مترجمة للعربية للإنجيل و التوراة.
كان يجلس خلف طاولة خشبية رجل مسن عرفت من المحيطين أنه الحاج متبولي فاتجهت نحوه للسلام و للسؤال عن ما إذا كان بإمكانه أن يساعدني في إيجاد كتاب معين لعبدالرحمن بدوي، فنظر إلي و قال هل تريد النسخة الشعبية أم الطبعة الفخمة منه، في حينه لم أكن أعلم الفرق بين النسختين خصوصا و أن في المملكة لم نكن قد تعودنا أن تكون الثقافة مصممه وفق الدخل و الإمكانيات المادية، فأجبته لا فرق فأخذني لأحد زوايا المكتبة و ناولني نسخه من الكتاب و قال لي بصوت هادئ (هذه نسخة شعبية)، فشكرته و أردفت بسؤال أخر حيث قلت هل لك أن تدلني على كتاب مرداد بنسخته الشعبية أيضا، فنظر إلي و كأنه يريد أن يتأكد إذا ما كنت أستحق الإطلاع على ما كان ينوي إطلاعي عليه بعد سؤالي هذا و قال، سأعطيك فرصة الإطلاع على (قلب المكتبة)، و التفت لأحد معاونه و وجهه بأن يأخذني لمكان ما، حيث اتجهت مع ذلك المعاون لمدخل المبنى الرئيسي الذي يضم المكتبة و دخلنا في ما كان يبدو لي شقة في الدور الأرضي و هو ما اتضح بعد دخولي أنه مستودع كبير يضم ربما مئات الآلاف من الكتب المرتبة وفق تصنيف ديوي العشري على أرفف حديدية ترتفع للسقف، حيث تركني المعاون في هذه المكتبة العملاقة بعد أن أضاء النور و شغل مكيفات التبريد العديدة فقضيت بهذا المكان الفسيح قرابة الساعتين خرجت منه محملا بكتب منوعة لا زالت تروي العقل و تزين المكان من حولي و تضيئه بنور العلم و الثقافة و المعرفة.
خرجت من ذلك المكان إنسان أصبح يرى في الثقافة ما هو أبعد من مجرد شهادة أو لقب علمي أو كلمات منمقة يستعرض بها المثقف هنا و هناك، إلى إنسان يرى في الثقافة أنها جزء من حياة العامة و عنصرا أساسيا للحياة الكريمة و السعيدة و المنتجة، فمدبولي الحاج مات اليوم و ترك لنا مكانا ربما يعيش لمئات السنين كما عاش من قبل لعشرات السنين معلما ثقافيا و مركزا فكريا للعامة على اختلاف أصولهم و قناعاتهم و أعمارهم، و هو عمل سيخلد اسم هذا الرجل الذي بدأ بائعا للصحف و الكتب على العربات المتنقلة في شوارع هذه المدينة التي تطبع الإعجاب على قلب كل من يزورها و يترك أهلها أثرا يصعب على الإنسان نسيانه.
I got this web site from my pal who told me regarding this website and at the moment this time I
am visiting this website and reading very informative posts
at this place.
I simply want to tell you that I am new to blogs and really savored this web blog. Likely I’m planning to bookmark your site . You certainly come with outstanding articles and reviews. Cheers for revealing your web-site.
وحنا مسنترين عند هالاهرامات ولا الجامع الازهر ولا دريت عنه
انا الصراحة فاجاتني بوصفك لانه نفس وصف والدي لمكتبة جامعة كالفونيا مع نقص الدكان طبعا
مرة ثانية لما اروح لمصر تكون انشاء الله هذه وجهتي
شكرا استاذ ياسر على المعلومات
أجمل ما في الحاج مدبولي أنه بدل الصورة النمطية للمثقف أو حتى الناشر وذلك بظهوره بالجلباب البلدي البسيط،مكتبته الصغيرة التي عندما نراها نستخف بموقعها وشكلها وخلوها من الديكورات واللمسات اللازمة لمكتبة لكن بعد أن تعيش في عالم الكتب والرواياات التي تحويها هذه المكتبة تخجل من تفكيرك ومن العالم المادي المبهرج الذي قولب افكارنا، مدبولي لقد كنت سببا من أسباب دخولي لعالم القراءة الشيق وذلك عن طريق مولفاتك المتنوعة التي تاقلمت مع مزاجيتي وذائقتي المتغيرة في كل مرحلة من عمري
شكرا أ/ياسر وتقبل مروري
الأخ الفاضل : أ/ ياسر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرلك هذه اللفتة الطيبة منك تجاه هذا الرجل .. البسيط فى مظهره..العملاق فى جوهره ..لم يكن أثره فقط كصاحب مكتبة ولكن أيضاً كناشر لعب دوراً كبيراً فى الحركة الثقافية..
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
الحاج مدبولي
(( مدبولي الصغير )) كما تظهر على الطبعات على الكتاب
رزته عام 2003م
مكتبتي تزخر بالكثير من طبعاته
رحمه الله رحمة واسعة
وكل عام وأنتم بخير إت شاء الله
دمتم ..
رحمه الله .
إممم أتمنى زيارتها قريباً 🙁
عجبتني إنه فيه طبعات شعبيه , !
رحم الله الرجل والله انا كنت هناك مساء الاثنين الماضى
وصف جميل
استاذ ياسر
كل عام وانت بخير
رحمت الله عليك يا حاج مدبولي
اخ ياسر كتابتك للمقال جميله ..
والله يوفقنا في زيارة المكتبة
رحمك الله ياحاج مدبولي…
ومشكووور استاذ ياسر على المقال الرائع بحق….
رحمة الله علية .. وأسكنه فسيح جناته .
رحمة الله عليه كان رجلآ ودود ونبيل وشهم فقد اسعدني الحظ أن اكون من مريدين مكتبة مدبولي كلما زرت القاهرة,ولاانسى أول مرةقابلته فيهاو ترحيبه الحار ومساعدته لى عند جمع المادة العلمية لإعداد
رسالة الماجستير.ومدى سعادته بطالبة علم سعودية ومن المدينةالمنورة..بشاشته وطيبته وشهامته بالفعل تركة أثر يصعب على
الإنسان نسيانه..رحمة الله عليه.
Welcome in Egypt =)
أغبطك أخي ياسر على فرصة سمحت لك بزيارة الحاج متبولي ومكتبته المعروفة ، سيرة الحاج دليل واضح على عدم صحة “نخبوية الثقافة” أو ما كان من عدم الصحة والذي إنقلب في الوقت الراهن (تظل صحيحة في نظري) . رحم الله الحاج متبولي فلن ننسى منارة المعرفة الصغيرة تلك .
رحمه الله ، مكتبته بحق كنز ثمين ، وملاذ للكثير ممن لايجدون روائع الكتب العربية في بلادهم ….
أظن مكتبة مدبولي وأتمنى، أن تظل رائعة كما هي دائما حتى بعد وفاة صاحبها…
لك التحية…
صراحة وصفك يا استاذ ياسر نقلني بخيالي فعلا للمكان
الله يرحمك ياحاج متبولي
اشتهيت بالفعل ازور المكتبة
الله يبلغني