المنع من السفر في زمن الحريات

أعلن الاتحاد العالمي للصحف اليوم أن أربعة إعلاميين وناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان من تونس والسعودية وسوريا قد منعوا من السفر و ذلك للمشاركة في المنتدى الإعلامي الذي ينظمه الاتحاد بالتعاون مع صحيفة النهار  اللبنانية  و الذي بدأت فعالياته اليوم الجمعة في بيروت.
وفي بيان للإتحاد وزع عبر وكالات الأنباء و نشر على الموقع الإلكتروني للإتحاد أشار إلى أن هؤلاء الصحافيين والناشطين منعوا من حضور منتدى الصحافة العربية المستقلة وهو تظاهرة سنوية تنظم في بيروت و ذلك لتفادي إدلائهم بشهادات حول القيود المفروضة على حرية الصحافة في بلدانهم و ذلك حسب وصف البيان.
و قد شمل هذا المنع كل المدون الأخ فؤاد الفرحان من السعودية و الصحافي لطفي حيدوري والكاتب محمد عبو من تونس إضافة إلى مدير المركز السوري لوسائل الإعلام وحرية التعبير مازن درويش.
هذا الخبر المتضمن منع مدون سعودي من المشاركة في أكبر تجمع إقليمي لأكبر منظمة صحفية عالمية لهو دليل واضح على الدور الذي يلعبه التدوين في المملكة كأداة حقيقة للتعبير عن الرأي الساعي لتسريع عملية التغيير و النهوض في وقت تشهد البلاد دعما حقيقيا من أعلى سلطة نحو الدفع بعملية الإصلاح السياسي بحيث تحقق مصالح المواطن و المجتمع على حد سواء، و هو ما يمكن ملاحظته من خلال ازدياد هامش الحرية في وسائل الإعلام المحلية و تزايد أعداد الأصوات الناقدة في مجتمع كان دوما يتحفظ عن النقد خوفا في حين و عدم مبالاة في حين أخر، هذا في وقت لا زال هناك البعض من أصحاب المدرسة الإقصائية يرفضون هذا التوجه نحو إعطاء الناس حرية أكبر في التعبير عن الرأي و السماح بانتعاش المناخ النقدي الاجتماعي والذي يسمح بظهور الرأي و الرأي الآخر دون تخوين و اتهام بالعمالة و الخروج عن الدين.
تحدث عدد من المدونين الأعزاء عن قرار منع فؤاد من السفر و هو قرار إن كان مرتبطا أو نتيجة لمواقفه  النقدية كمدوّن فهو أمر لا يمكن قبوله أو تبريره أو الدفاع عنه خصوصا في ظل ما ذكرناه من مناخ إصلاحي و انتشار الروح النقدية بين أبناء المجتمع و مؤسساته المختلفة، إضافة إلى أن فؤاد كمدون و مدافع عن حقوق الإنسان قد قام بدون شك ببناء قناعاته الشخصية من خلال تجربته إبان توقيفه و التي خرج منها كما ألحظها مما أقرأه له إنسانا يحرص على الإنصاف في نقده و يلتزم بقدر كبير من التحليل المنطقي و الروح الوطنية، فلم الحظ فيما قرأت أي خروج أو تجاوز عن ما تدعوا إليه قيادتنا العليا ممثلة بالملك عبدالله من إصلاح و شفافية و تطبيق لمبادئ العدل و المساواة وفق ثوابتنا و التي تكفل لكل إنسان حقوقه الإنسانية.
و قد علمت من مصادر خاصة بأن مشاركة فؤاد كانت ستكون فعاله و ايجابية لو كانت أتيحت له الفرصة في السفر و حضور فعاليات هذا المؤتمر، حيث كان سيتحدث عن الإعلام السعودي و كونه يتمتع بحرية حالياً غير مسبوقة في تاريخه بشهادة الجميع و هو ما دعاه (أي فؤاد) إلى الاقتناع بضرورة دعم هذا التوجه، و قد كانت المحاضرة التي أعدها لتقديمها في هذا المؤتمر تتحدث عن ارتفاع سقف حرية التعبير في السعودية بدعم من الملك عبد الله متضمنه عرضا مرئيا يوضح الكثير من الشواهد الغير مسبوقة المؤكده لهذا الراي، و أن المدونون السعوديون هم في الحقيقة يدعمون هذا التوجه الملكي بكل قوة كونهم حركه تعبيرية غير معارضة أو مناوئه وفق النموذج المصري مثلا، فالحركة التدوينية السعودية من وجهة نظره تدعم الملك و خطواته الإصلاحية من حرية الرأي و التعبير كحل فعال ضد الإحباط و التوجه للعنف كحل، و هذا بالتأكيد لا يعني أن يساهم المدونون في استمرار ثقافة التطبيل و التي يعتبرها أنها جزء رئيسي من المشاكل التي واجهت بلادنا في الماضي.
منع فؤاد من السفر في تقديري هو تصرف سمح للمغرضين ممن يعملون دوما على الاصطياد في الماء العكر ضد بلادنا و مجتمعنا بأن يستغلوا مثل هذا المنع في الترويج لما دأبوا عليه من وصف المملكة بأبشع الأوصاف و اتهامها بما قد يراه البعض أنه فعلا فيها من منع لحرية الحركة لأصحاب الرأي و من حجب لمواقعهم الإلكترونية و منعهم من ألكتابه أو التصريح لوسائل الإعلام، و لن استغرب لو ظهر بيان في نهاية المؤتمر المنعقد في فندق الـ(مونرو)  يطالب فيه كل من السعودية و سوريا و تونس بالتوقف عن سياسة قمع الحريات و الاضطهاد ضد الأقليات و انتهاك حقوق الإنسان لكل من الأولاد و البنات،و الله المستعان.

في الماضي كنا نخاف عندما نعود من السفر محملين بافلام الأكشن و كتب السياسة و الفلسفة أن تصادر تلك المحتويات من رجال الجمارك و الذين كانوا يعملون وفق توجيهات و نظم و قوانين وزارة الإعلام و التي بدورها كانت تشرع على اسس و منطق و فلسفة أصحاب المدرسة الفكرية الرسمية التي ترى في كل شئ أنه خطر على خصوصيتنا المزعومة و حرام ٌو رجسٌ من عمل الغزو الفكري، أما اليوم فقد أصبح إبن السابعة يحمّل أخر أفلام (هاري بوتر) عبر موجة رقمية تصله بكمبيوتره المحمول، و أصبح إبن العشرين يناقش اقرانه في دولة بعيده عبر الربط الفضائي، و ما عاد لرجل الجمارك من سلطه على عيوننا و أسماعنا و ما عاد لمقرري الثقافة المسموحة من كلمة على ما يجدر بي ام البس أو ما أقرأ أو ما أفكر، فهل سيأتي اليوم ألذي يصبح فيه السفر ممكنا من خلال انتقال جزيئات الإنسان عبر الفضاء و تصبح بالتالي مطاراتنا و حدودنا مجرد ذكريات لمفاهيم المنع و الرقابة على الإنسان بسبب الرأي و الكلمة، كل شئ ممكن.


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

4 responses to “المنع من السفر في زمن الحريات”

  1. Keneth Mckenny

    I simply want to mention I am just newbie to weblog and really savored this web-site. Very likely I’m going to bookmark your blog post . You really come with terrific stories. Appreciate it for revealing your blog site.

  2. عامر

    منع فؤاد من السفر عبر أكثر عن ما سيقوله عن وجود الحرية لدينا ! فالمنع وتكميم الافواه ” حريتنا ” !

  3. روشانا

    صباحك خير

    صدقني أنا بعد ما سمعت بالخبر تيقنت أن التدوين السعودي بدء في الإنتقال لمرحلة التأثير وهذه خطوة إيجابية جدا وبادرة خير رغم إنها قد تكون سيئة في نظر البعض ولكن بالتأكيد ستكون بداية لمرحلة إنتقالية كبيرة .. فؤاد سيترك بصمة كبيرة على جسد الحرية الذي بدأ ينمو أكثر واكثر كل يوم …

    دمت يا أستاذ ياسر ودامت الحرية للجميع

    (:

  4. ممارس صحي

    حاولت أن أبحث عن سبب معين .. لمنع الأخ فؤاد من السفر .. حقيقة عبثا حاولت بعقلي أن أبحث ..ورجعت للمقالات وما كتبة فؤاد ..فلم أجد .. ! سوى أن الحريات المدعاه في أواطننا العربية ليست إلا مجرد شعارات لا أساس لها من الصحة ..وأنها أشاعة كبرى كان يجب أن تنفى منذ زمن بعيد ..

    في رأيي .. أن الحرية شعار يجب أن ينتهى من أوطاننا حيث أن عقولنا مهما كانت لا تستوعب المداعبة السياسية … حتى لو كانت منع سفر..!

    دمت أستاذ ياسر بكل محبة

اترك تعليقاً