حان وقت الإنبساط

هل انتشار التوصيف الفكري و السياسي في أي مجتمع يعد مؤشرا إيجابيا باتجاه الاعتراف بوجود الاختلافات بين أطياف ذلك المجتمع أم أن ذلك لا يعود من كونه تراجعا في فكر التوحد المجتمعي و بزوغ جديد للعصبيات و العنصريات الفكرية و المذهبية التي طالما كانت سببا في تهالك الشعوب و تفتت وحدتها و لحمتها حسب رأي البعض.
كنت دائما ممن يشجع على أن نكون صريحين و مباشرين


بخصوص قناعاتنا و أن لا نتخفى خلف ستار شفاف خوفا من ردة فعل فريق أو هجوم فريق آخر أو خسارة مكتسب نتيجة تلك القناعة التي صنعت منا رغم تنكرنا لها في كثير من الأحيان بشرا نتكون من أفكار و روح قبل أن نكون قد تشكلنا أجساما لا حول لنا و لا قوة.
أقول هذا و أنا على قناعة بأن التوصيف الفكري ما هو إلا وسيلة لفظية للتعبير عن قناعات ذلك الإنسان أو ذاك و لا تشكل في مجتمعنا حاليا هوية حقيقة نتيجة انعدام التجمعات الفكرية باستثناء أرباب تيارات معينه تساندها جموع و مجاميع من القوى المهيمنة على القرار السياسي، رغم تواجد مناصري عدد من المدارس الفكرية المتعددة في مجتمعنا و الذين لازالوا هائمين على وجوههم يسلكون طرقا لا يعون تضاريسها و لم يستوعبوا بعد منتهاها.
في مجمعنا السعودي العربي المسلم هناك القومي الذي لا زال يحلم بأمه عربية واحدة و هناك ألبعثي الذي رغم الهزائم المتكررة لكل مبادئه إلا أنه لا زال يأمل في إحياء رسالة الأمة العربية الخالدة، و هناك الليبرالي الذي لم يستوعب من اللبرالية إلا قضاياها السطحية من قيادة المرأة و التساؤل عن جدوى المؤسسة الدينية، و في الطرف الآخر هناك المحافظ الذي يرفض كل جديد مهما كان و ينعت كل ما لم يذكر في كتب الدين و التراث بأنه بدعه و رجس من عمل الشيطان.
لا يتوقع أحد منكم بأني سأقوم هنا بنقد ذلك الفريق أو ذاك أو بالترويج لمعتقد ما على حساب آخر، بل أني أكتفي بالقول أن (الكل حر فيما يراها و للمرء الحق في أن يعتنق المبدأ الفكري الذي يتناسب مع كيمياء عقله)، و لكني سأدعو هنا لمن يرغب في الاستماع بأنه وجب علينا في مثل هذا الزمان و العصر أن نعيد النظر في السعودية بمبدأ التوصيف الفكري و ذلك باعتباره أسلوبا حضاريا في محاولة فهم الآخر من خلال تحليل مبادئه الفكرية دون أن يكون ذلك بهدف التجريح و القذف و التهجم من منطلق اللعب بعواطف المؤيدين و محاولة إثبات الرأي بتخوين الطرف الآخر، و أن يكون ذلك التوصيف توصيفا للقناعات الفكرية و ليس للتقسيمات العرقية و العصبية و المناطقية.
إذا نعتنا أحدهم بأننا (منبسطون) فقد يعني ذلك أننا قوم نعيش حياة يملئوها الفرح في عالم كل ما نراه يقطر تفاءل و انبساط، كما أن ذلك التوصيف (منبسطون) قد يعني أننا مجتمع يتعامل مع الآخر من منطلق نظرة منبسطة ممتدة لا ملامح تكسوها و لا يوجد لكلمة المرونة معنى في قاموسها فهو مجتمع أحادي سطحي لا يقبل الآخر و لا يعي معنى الاختلاف.

فهل أنت منبسط ام منبسط ؟؟؟


أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر

عزيزي زائر المدونة أشكرك على تلطفك بالمحافظة على النقاش الهادئ و المتزن و الهادف للإستفادة و الإفادة. تحياتي ... ياسر

8 responses to “حان وقت الإنبساط”

  1. manicure

    great points altogether, you just gained a logo new reader.
    What might you recommend in regards to your post
    that you just made some days in the past? Any certain?

  2. Andrew A. Sailer

    I simply want to tell you that I’m newbie to weblog and honestly loved this web blog. Most likely I’m going to bookmark your blog . You absolutely have exceptional well written articles. With thanks for sharing your website page.

  3. asma

    منبسط?..
    أي واحد فيهم الأول والا التاني?

    مجتمعنا يا سيدي مازال يرفل في مقولة: إن لم تكن معي فأنت ضدي!
    تكفينا نظرة واحدة على العصبية القبلية والنظرة الدونية للمقيمين..
    قلتها فيما سبق: إن كنا لا نحترم إنسانية وفكر الطرف الآخر فكيف سنحترم دينه وجنسيته?
    يعني كلو مرتبط بكلو!

    لما أقول لأحد أنا مسلمة؛ لكن متفتحة!
    على طول ألاقي رد: يعني علمانية!!!
    وكأني قلت اعبدوا ربنا في مكان ومشوا حياتكم عادية في مكان تاني!

    مشكلتنا اننا نحفظ المسميات بدون ما نعرف فكرها ومعناها..
    زي اللي ما يعرف من الاسلام غير الوهابية وإسلام السعودية وكأن الحنفية والشافعية والمالكية ماهي من الاسلام!

  4. عصام عبدالله

    اخاف ان يكون هذا الإعتراف بإختلافنا سببا في أن يصل بنا الحال لنعيش كما يعيش أحبائنا في لبنان.

  5. مازن الرمال

    الإختلاف والتنوع مؤشر صحي، المهم تقبل هذا الإختلاف وعدم إقصاء أحدهم للآخر.
    هناك إنبساط من الفلب وهناك تباسط، إذا ما قدرت على الأول حوّل على الثاني..

  6. ثمر المرزوقي

    الأستاذ: ياسر الغسلان،، تحية طيبة

    كان موضوعك رائعآ بحجم روعة قلمك الذي كثيرآ أستمتع بقرائته، فالتوصيف الفكري السعودي الذي أخذ منحى مختلف تمامآ عن هدف تقاطع المصلحه العظمى المشتركة ألا وهي (الوطن)، وماحصل من مُزايدات وإستعداءات لكل طرف بالهيمنه السياسيه على الآخر، مازالت في بدايتها لإعتقادي الشخصي مرحلة مخاض مابعد أحداث 11 سبتمبر التي خلقت جولة جديدة في التركيب الإقليمي العام وليست المملكة بمعزل عنها

    وكما تفضلت لأهم نقطة وهي التجمعات ودورها المدني في سبل تلاقي أطياف المجتمع على طاوله واحده تنتج منها توضيح المفاهيم الوجهيه كلآ للآخر التي بطبيعة الحال ستؤدي ثمارآ رائعه بحق الجميع في التكافل والروح الواحدة، غيابها مازال مؤثرآ ومسببآ فراغآ شاسعآ في تقاربها من بعض لتفهم دورها الحقيقي في المصلحة العظمى، وهو مايحصل في الوقت الحالي إيضآ على إتجاه آخر من الركب الهوائي للمناصرين من تسطحوا بعيدآ عن وجهاتهم الذاتيه نفسها، مابين التنطعيه ورفض خِطاب التجديد، والإنفتاحيه والإنسلاخ وإمتصاص اللقاح الغربي الفكري ومسح الهوية الإسلامية العربية وحضارتها، وهو مايذكرني الأخير في المفكر الراحل: قاسم أمين

    بعد القراءة البسيطه والمبسطه التي تفضلت لها، إذا حتى نحصد المصلحه العظمى وتكون هدفآ مناطآ بتفرعات ثانوية يؤخذ العمل عليها بعد إعتلاء السقف جيدآ، لابد لنا إزالة المعوقات التي تعيق تقدمنا نحو ذلك، فإصلاح السقف لنتقي لهيب الشمس أولآ قبل أن نبداء في العمل بداخل الورشة هو الأول بسلم الأولويات

    ومايتضح لي مسؤولية عرقلة الأمر تقع على الجميع وخاصة الركيزتين (السياسية،الدينيه) التي قامت عليها الدولة السعودية القُطرية في أوقات كانت تختلف كليآ عن الوقت الحالي الذي يتطلب التجديد للخطابات الكُليه عن ماسبق في خطاب الفرض والرجل الأوحد لكل ركيزة، فالمركزية لابد أن تنتهي وتتمدد مع مساحة حدود السعودية، ولا أقصد مركزية بلفظها الإداري الخاص بقدر ما اعني اللا مركزية الفكرية والمجتمع المدني واداة المشاركة الخلاقه

    كما نعلم جميعآ أن الشخص الذي يريد القيام بمشروع ما يبداء في دراسة جدواها كاملةً، وإذا أردنا ذلك تطبيقآ على الساحة السعودية، فلنسقط الموضوعيه تمامآ على ماهو فعليآ بالوقت الراهن، من التيار المُمسك بزمام الأمور ومشوهآ كافة الأطياف المتبقية ؟ والمسيطر بالعقيدة السياسيه -الإيدولوجيه- الممزوجه معه ضمنيآ، وتصديرها قسريآ وبذرها على المجتمع سواء عن طريق العوام أو المناهج وغيرها من القنوات المتبقيه ؟، ومايتفرع من حديثي الأخير الكثير، لابد أن لايسوء فهمه بأن تزال صلاحيتها وتعطى للآخر، فالآخر بالمناسبه هو من يقف ضد هذا الشئ كمبداءه الصريح المُعلن وغير مخبئ بشعارات إستغلاليه، لمرجعيته -الإنسان أولآ- فلا أعتقد سيناقض ذلك ولو لحفظ ماء وجهه ..!!

    من التجليه لكل شئ، سنبداء حتمآ وجميعآ في الطريق الصحيح، ومايتعلق بالسطحيات للقضايا -قيادة المرأة- أو حتى -دور السينما- وغيرها، فلا أعتقد أنها تستحق أن تعتبر قضايا أساسآ يتبناها أحد على ماهي حقوق بسيطه جدآ لأناسآ يشترون الماء من كل مكان، فلا يأخذك البعض من يكررونها أن تُعممها بطريقة تبني شموليه أستاذ ياسر، فهم قيم فرديه بداخل أطياف المجتمع، ليس لأفكارهم تبني شمولي على الآخرين، كما يحدث إيضآ من يطالبون برفضها أن نبنيها بهم جميعآ، فالتأييد والرفض يكون بيد صانع القرار الحقيقي -السياسي،الديني- لطبيعة الركيزتين ذاتها

    حتمآ لم أوضح الكثير، وسيكون لي عودة قادمة، شكرآ أستاذ ياسر

  7. بندر

    موضوعك حسّاس .. و أنا عندي حساسيّة !
    الإسلام .. هو التيّار الذي تركناه .. للأسف ..

  8. فهد العتيق

    في ظل ارتفاع حراراة المنطقة سياسياً وتزايد المخاطر المحيطة يجب على الجميع الوقوف في خط واحد والايمان بهذا الوطن.
    المواطنة واللحمة الاجتماعية هي المطلب الحالي في ظل الظروف الحالية الليبرالي والاسلامي السني والشيعي والجنوبي والشمالي الغني والفقير الكل يجب ان يقفوا على خط واحد وان يتحدثوا بنبرة واحدة ولهجة واحدة لقضية واحدة
    ما يلوح في الافق لا ينذر بعواقب عادية

    فالواجب ان نبسط الايادي ونبسط (من البساطة) الافكار ونستنبط العبر

اترك تعليقاً