منذ مدة كنت أتحدث مع الصديق صالح الدويس عن الأماكن التي زرناها خلال السنوات والتي إستطاعت أن تترك فينا إنطباعا لا ينسى إما لجمال طبيعتها و إما لكونها كانت مسرحا لذكريات و أحداث مهمة و جميلة، و إما لكونها فقط كانت مدينة لديها من السحر و الجاذبية ما يجعلها علامة في الذاكرة لا يمكن لها أن تزول أو تمحى مهما طال الزمان.
تجدد هذا الحديث مؤخرا و أثناء ترحالي الحالي بين المدن و العواصم الأوروبية، في هذه الرحلة التي أصبغت عليها صفة الإكتشاف و البحث عن المستقبل في أعين الناس و في أروح مدن لم تراها عيني من قبل، فذكرني صالح بمدينة سالزبورغ التي كانت محور حديثنا ذاك و نصحني أن أقوم بزيارتها بحكم قربها لمدينة ميونخ الألمانية و التي كنت فيها حينها، ففكرت لبرهه و قررت على بركة الله أن أسمع نصيحة صالح و أتجه دون تخطيط لسالزبورغ المدينة النمساوية الحدودية و التي أنجبت أعظم النمساويين على الإطلاق الموسيقار الشهير ( موزارت).
وصلت للمدينة و في ذهني ألف صورة و صورة و في مخيلتي صوت لم يتوقف منذ إنطلقت في رحلة الصعود نحو مدينة تمثل في ذاتها تراثا لأرض و تاريخ و شخصية صنعت نفسها، و لم أتوقف كثيرا عند شكليات السياح و ترتيبات المسافرين، قمت مباشرة مع من كان معي في تويتر (من أصدقاء و صديقات أشكرهم جميعا على مؤانستي و مساعدتي في هذه الرحلة بإقتراحاتهم و نصائحهم) و ذلك للتوجه مباشرة لوسط المدينة التاريخي حيث يكمن سر المدينة و تتجلى فيها حقيقة تلك الأرض التي تملك من الجمال الرباني ما يجعل مدنا كثيرة تغار منها غيرة قاتلة، فالله يهب الجمال شكلا و روحا و قد تجسد ذلك في هذه المدينة الساحرة.
قضيت اليومين المقررين في هذه المدينة أتجول بين مواقعها الأثرية و أسواقها التاريخية و مطاعمها الشعبية، أتناول الحلويات المحلية و أطباق اللحم الشهية التي تقطر دسما و تجعل الضمير الرياضي لدي ينتحر حسرة و ألما لزيادة الوزن المرتقبة و ما سيترتب عليه القادم من الأيام في زيادة في جرعات التمارين الرياضية سعيا للعودة لما كان عليه الوزن قبل بداية رحلة الإكتشاف هذه.
زرت خلال السنوات الماضية و الأشهر الأخيرة عدد لا بأس به من القصور و القلاع التاريخية في عدد من المدن حول أوروبا و لكن تبقى قلعة سالزبورغ و التي تعد من أكبر القلاع في وسط أوروبا و أحسنها صيانه و التي كانت نواتها الأولى في عام ١٠٧٧ حينما بدء البناء في مسعى لحماية سيطرة السلطة الكنسية على المدينة من صراع كان وشيكا بين البابا جريجوريوس السابع و القيصر الألماني هينريج الرابع، أقول تبقى هذه القلعة من أجمل و أكثر القلاع إثراء لفهم طبيعة الصراعات الأوربية في الحقبات التي تلت القرن الحادي عشر الميلادي من الناحية العسكرية و السياسية إضافة لكونها قلعة تتضمن بين جنباتها متحفا لمسرح العرائس يجسد للزائر تفاصيل هذا الفن الذي كان من أكثر الفنون رواجا في أوروبا و لسنوات طويلة.
أنا متأكد أن كثير منا يمكنه أن يردد بهمهمات ألحان بعض المقطوعات التي تعود للموسيقى الكلاسيكية المشهورة، و لعل من المؤكد أن إحداها سيكون فولفجانج أماديوس موزارت المولود عام ١٧٥١م و نحن لا نعلم ذلك!، فنحن نجهل كثيرا عن هذا الموسيقار العظيم و هو أمر متوقع على إعتبار أنه إحد أساتذة الفن الكلاسيكي البعيد ربما عن الذائقة العربية، إلا أن موزارت و الذي لحن أول مقطوعاته و هو في سن الثامنة و بدء في كتابة مقطوعاته الكلاسيكية الرسمية من سن الحادية عشر لا بد أن يحظى بإحترام و تقدير أي زائر يأتي لهذه المدينة التي أنجبته و فسحت له الفرصه في بدايته أن يكون أستاذا و هو لا زال يافعا مما أهله عندما كبر أن يكون موسيقارا عبقريا لا يمكن أن يتكرر ، و قد أضافت أعماله الموسيقية العظيمة للفن العالمي مقطوعات ستبقى خالده و ذات تأثير على كل الثقافات و منها العربية و التي إستفادت من أعمال التجديد اللاحقة و التي تجسدت في أعمال محمد عبدالوهاب و الأخوين رحباني و غيرهم.
سالزبورغ هي مدينة رومانسية بإمتياز، فالسير على جنبات النهر في الليل قد تحول ديكتاتورا لا يرحم إلى متيم حالم يهوى مراقبة العصافير و يتغزل بين الحين و الآخر بأوراق الورود و أغصان الزهور، فالأنوار التي تجمل المباني العتيقة هي أحد الملامح الرئيسة لهذه المدينة الحالمة بكل أوقاتها و مناخاتها، و الجبال التي إكتست قممها بالثلج تبقى الحصن المنيع لمدينة لا يمكن أن ترى إلا كفتاة في عمر الزهور تنتظر فارسها المغوار و ما أن يظهر حتى تتوارى خجلا و تردد عائده لحضن تلك الجبال الشاهقة و الحنونة.
نعم .. إنها جنة من جنان الأرض و روضة من رياض العمر، إستقبلتني و إن على خجل و قد عزفت إحتفالا لمقدمي مقطوعة ( يا أنا يا أنا) فلم يتوقف الوقت إلا لوقت و لم تمحو من أثاري السنين و الأعوام، فبين روعة صوت فيروز حيث تشرق الشموس و بين السيمفونية الـ٤٠ لموزارت يذوب في العروق لا بد لي أن أبقى هناك معلق بين الجمال و الجمال و بين الماضي و المستقبل الذي لم يكن ليأتي إلا بروعة تمكنت من أن تزرع لها لوحة على جدار قلب رجل مسافر.
سالزبورغ .. رومانسية موزارت و فيروز
أرسلها عبر الفيس بوك
انشرها عبر تويتر
I simply want to say I am very new to weblog and truly enjoyed your blog site. Very likely I’m want to bookmark your blog . You actually have perfect articles. Thanks a lot for revealing your web-site.
و انا أبحث عن مقترحات زوار المدينة الساحرة سالزبرق، قرأت مدونتك الرائعة عن سالزبرق التي أتواجد بها الآن أسترخي في الفندق بعد يوم جميل قضيته متجولا في اسواق سالزبرق القديمة و قلعتها العظيمة و ضفاف نهرها الهادئ، الذي يبعث الراحة و الإنسجام لمن يتابع انكساراته و ابتساماته و يشاهد الغيوم تتقلب فوق سماء سالزبرق واعدة بزخات تبعث الحياة و تعطي الأرض ألوان اخرى غير التي نراها
شوقتني يارجل الى صباح الغد لشرب القهوة هناك، عند الضفاف و الهواء و الشجر البعيد خلف الجبال، عند النهر والمطر و الأزهار،
رسالة: الى من تشتت و ضاع بسبب كتاباتي؛ عليك زيارة سالزبرق لترى المعنى بأم عينك
فهد عبدالرحمن الدهيمي
و انا أبحث عن مقترحات زوار المدينة الساحرة سالزبرق، قرأت مدونتك الرائعة عن سالزبرق التي أتواجد بها الآن أسترخي في الفندق بعد يوم جميل قضيته متجولا في اسواق سالزبرق القديمة و قلعتها العظيمة و ضفاف نهرها الهادئ، الذي يبعث الراحة و الإنسجام لمن يتابع انكساراته و ابتساماته و يشاهد الغيوم تتقلب ف ق سماء سالزبرق واعدة بزخات تبعث الحياة و تعطي الأرض ألوان اخرى غير التي نراها
شوقتني يارجل الى صباح الغد لشرب القهوة هناك، عند الضفاف و الهواء و الشجر البعيد خلف الجبال، عند النهر والمطر و الأزهار،
رسالة: الى من تشتت و ضاع بسبب كتاباتي؛ عليك زيارة سالزبرق لتفهم و تستوعب عباراتي
بسم الله وكفى
ماشاء الله توثيق لرحلة بكل تفاصيلها وأشجانها
تجربة أتوقع أنها أكثر من رائعه
تدوينة رائع …..
تقبل مرورى وتقديرى واحترامى
بارك الله فيك وأعزك